اتصل بي اليوم صحفي أجنبي وطلب إجراء مقابلة صحفية معي حول ما يجري من حرب بين إسرائيل وحماس . اعتذرت بعد نقاش قصير معه .
الصحافة الأمريكية والأوروبية ترغب في مناقشة الأحداث وليس أسبابها . قل ما تشاء عن حركة حماس مع أو ضد ، لكن الوقائع لها لسانها الذي يتحدث بلغة الحقيقة .
إسرائيل قدمت نفسها للعرب والعالم بأنها الكيان المخيف الذي لا يتجرأ عربي على مواجهته بقوة السلاح منذ هزيمة يونيو وبقوة الدعم العسكري والسياسي الأمريكي . حماس كسرت تابوه القوة الإسرائيلية التي يخافها الجميع . دفعت ثمن هذا الاختراق وأعادت القضية الفلسطينية وكأنها ولدت من جديد . العالم كله ألقى مادا يديه وعيونه وتابع ماحدث من هجوم إسرائيلي على غزة وتكدست الأسئلة أمام الناظرين ، لماذا كل هذا العنف الجوي الإسرائيلي على الأطفال والنساء والشيوخ والأبراج وليس المعسكرات ؟ . نعم القوة لها القرار النهائي ، لكن الإرادة قوة لها تكوينها الخاص .
حماس التي صنعت قوتها الإرادية بصمت المجاهدين وإبداع العلماء ، صنعت قواعد جديدة للمعركة ستدرسها مراكز البحوث في الشرق والغرب، وأسست لحيثيات تفكير آخر في المنطقة .
مقولات القوة والضعف سيعاد تقييمها . الأخوة في القيادة الفلسطينية السياسية وأقصد السلطة الفلسطينية في رام الله ، عليهم مراجعة رؤيتهم وما انتهجوه منذ اتفاق اوسلو .
كان الراحل ياسر عرفات يصر أن يقدم نفسه بأنه ـ رئيس منظمة التحرير الفلسطينية – وليس رئيس السلطة الفلسطينية ويؤكد على حل الدولتين . حماس بعد ما قدمته من تضحيات ، أعادت كتابة القضية بحروف جديدة قرأتها أجيال فلسطين في غزة والضفة وفلسطين 48 . قل ما تشاء عن حماس، لكنها هزت الزمان وغاصت بقوة الإرادة في ثنايا الأمكنة الساكنة وكسرت تابوه الماضي الجامد الذي صنعته قبة الحديد العسكرية والسياسية الإسرائيلية . الزمن يصنعه الأقدر على اقتحامه.