لا يخفى على أحد أن الدب الروسي يُراهن وبقوة على خليفة حفتر في ليبيا منذ إطلاق الأخير عمليته العسكرية في العام 2014، فدعمه بمواقف عدة وتفاوت هذا الدعم بين السياسي والعسكري وبقي ثابتاً حتى قرر حفتر التقدم صوب طرابلس، تقدمٌ جاء بإمرة السعودية التي تجاوزت حسابات الروس، وقررت دعم عملية حفتر على العاصمة.
عملية العدوان على طرابلس وجدت تصدياً قوياً من قوات الجيش الليبي التي تمكنت من إلحاق الهزائم بحفتر وآخرها طرده من مدينة غريان حيث توجد الغرفة الرئيسة لعمليته في المنطقة الغربية، ما جعل الكثير من الدول تُعيد الحسابات في رهانها عليه، وأولها روسيا التي لجأت لعقد لقاءات متتالية بدولتي تُركيا وإيطاليا الرافضتين لفرض الرأي وبالقوة والداعمتين للانتقال السلمي للسلطة، وضمان وجود النظام الديمقراطي في ليبيا.
واتفق الرئيس الروسي “فلدمير بوتن” مع نظيره التركي “رجب أدوغان” على ضرورة وقف إطلاق النار في طرابلس والعودة إلى طاولة التفاوض، هذا الاتفاق سبقه توافق إيطالي روسي على ذات السياق وهو أنه لا حل عسكري للأزمة الليبية.
موسكو تبتعد عن المراهنة
في هذا الصدد رأى الكاتب المصري والمهتم بالشأن الليبي علاء فاروق، أن التقارب التركي الروسي في الملف الليبي ومطالبتهم بوقف فوري للهجمات على طرابلس يؤكد أن موسكو ابتعدت كثيرا عن المراهنة على “جنرال عسكري” متراجع عن عدة أماكن استراتيجية على رأسها قاعدة “غريان” المعقل الرئيسي لعملياته.
وفي تصريح للرائد أوضح فاروق أن التراجع الإقليمي أيضاً ساهم في إعادة حسابات الروس في تعاطيها مع مشروع حفتر وعملياته العسكرية الأمر الذي قد يجعل أنقرة تقوم بدور قوي في عملية تحشييد دولي ضد حفتر لإحداث مصالحة وتقارب دولي أكبر مع حكومة الوفاق وقواتها الأمر الذي يؤثر قطعا بحسب الكاتب على المشروع العسكري في ليبيا وبالأخص اقتحام العاصمة.
هزيمة غريان نقطة تحول
من جانبه قال الكاتب علي أبوزيد، إن هزيمة حفتر في غريان ستكون نقطة التحول في مواقف دولية عدة، وأن كثيرا ممن يراهنون على حفتر سيراجعون سياساتهم، وروسيا أحد المراهنين.
وكشف أبوزيد في تصريح خاص للرائد، أن روسيا تنظر إلى ليبيا كملف توازنات في المنطقة مع عدة ملفات أخرى وأكثرها إلحاحاً الآن هو ملف حليفتها إيران، مضيفاً أن انخراط الروس بشكل كبير في ليبيا يأتي لمشاكسة الدول الأوروبية والضغط عليها فيما يخص إيران، باعتبار أن الدول الأوروبية ترفض وجود روسيا في منطقة نفوذ تراها حصرية لها.
وبكل تأكيد فإن الوضع قبل الرابع من أبريل لم يعد كما كان بعد أن قرر حفتر شن الهجوم على العاصمة طرابلس، إلا أن تغيّر التصريحات بين الدول الداعمة والرافضة لعمليته منذ انطلاقتها باتت اليوم تتضح بشكل كبير خاصة بعد تلقي حفتر صفعة غريان.