in

“دلاعتك والبحر”

دلاعتك والبحر” جملةً لو قرأها غير الليبي لظن أنها دلالةً على الاستمتاع بأجواء الصيف تحت أحد ” العرايش” في شواطئنا الساحلية التي تتكالب الدول عليها لاستثمارها؛ ولكن في واقعنا الليبي هي جملةً تهكمية تعكس مأساتنا في ملف الكهرباء المتشعب الذي لم يجد له أي مسؤول حلًا حتى هذه الساعة.

ملف الكهرباء، هو معضلة لم يفهم المواطن الليبي تفاصيلها رغم تغير الحكومات على مدى سنوات، مشكلة لم يجدوا لها حل رغم تعدد الأسباب التي يصدح بها المسؤولون في قنواتهم الإعلامية، مأساة يعاني من ويلاتها الكادحون الذين لا يملكون ثمن مولد كهرباء “مرتبهم يا دوب يكفي مصاريف احتياجهم الشهرية”.

البيت وجهة راحتنا و ملاذنا الآمن وحاضن عائلاتنا، أصبح مصدرت للقلق والضيق مع زيادة وتيرة طرح الأحمال التي طرأت في هذا الموسم، الأطفال وكبار السن لا يتحملون الحر و”الرطوبة” التي أصبحت شديدة في بلدنا مع عدم الاهتمام بالمسطحات الخضراء، بل انعدامها تزامنًا مع انتشار المباني العشوائية في كل أطراف المدن؛ وإن قمت بفتح النوافذ على أمل دخول “نسمة هواء باردة” فأهلا وسهلًا بعوادم المولدات وأصواتها من كل جهة، واستعد لجيوش مدججة من “البعوض والذباب”.

مشكلة الكهرباء ليست بأزمة مفاجئة؛ بل أزمة موسمية “صيفية “متعارف عليها في ظل تهالك الشبكة العامة للكهرباء والمسؤول يعي هذا ولكن إن لم تكن لديك خطط ورؤية بعيدة الأفق وصاحب قرار شجاع ستقع في هذا المستنقع الذي لا يعيش جحيمه إلا الذي لا ينعم بكهرباء “المولد”.

يقولون “المواقف تكشف المعادن” في اعتقادي بأنهم كانوا لا يقصدون المواقف الشخصية فقط، فالأزمات أيضا في الدول تكشف معدن الناس و على رأسهم “التجار”؛ مع تفاقم أزمة الكهرباء أصبح حائط ” الفيس بوك” مليء بالإعلانات الممولة للشركات التي تروج لسلعتها التي ترى أنها فرصة يجب اقتناصها بزيادة مكسبها وعلى رأسهم تجار “مولدات الكهرباء” نراهن غير مراعين لظروف المواطن وتأخر مرتبه وغلاء معيشته بعرض بضائعهم بأسعار سياحية لبضاعة “صكّه” عمرها الافتراضي سنة وعمرها الفعلي ” شهران على أقصى تقدير” تزامنًا مع ساعات انقطاع الكهرباء لنصف اليوم الواحد والذي يكون فيه المولد شغّال بديلًا لها، في المقابل قد ترى منشورًا في حائطك الفيسبوكي يُذكرك أن ليس كل شيء مكسب مادّي بل هناك شيء من الانسانية وهذا الذي نراه في بعض التجار بعرضهم لسلعتهم ” المقبولة” بأسعار قد يعتبرها صاحب الدخل المحدود جيدة.

الجديد ربما في حائطي الفيسبوكي هذه المرة هو فتح المقاهي “ذات الطابع الهاديء” والمراكز التدريبية والمكتبات أبوابها للطلبة وتوفير المناخ المناسب لهم للدراسة وبأسعار رمزية جدًا بل حتى بعضاً منها لا يطلبها “تعال خود قهوتك وخود وقتك اللي تحتاجه في القراية”؛ تحفيز الطلبة وتوفير المناخ الدراسي المناسب بعيدًا عن ظلام بيوتهم وأصوات المولدات المزعجة ما سيعكس إيجاباً على تفوقهم الدراسي.

لا مهرب ولا مفر من عيش تداعيات هذه المشكلة، ولكن إذا كنت ميسور الحال ماديًا وغير متأثر من مشكلة انقطاع الكهرباء لأنك لا تعلم حتى بموعد انقطاعه، فالمولد ذو “نصف ميقا” قد أصبح جزءًا من مقتنيات بيتك فسوف تجد نفسك تناقش هذا الملف “سياسيا ” بالرغم أن المواطن همه في توفير احتياجاته لا من يوفرها.

على الصعيد السياسي؛ تغيرت حكومات ومجلس إدارة شركة الكهرباء ولكن المشكلة “باقية وتتمدد” في عهد حكومة الوفاق الوطني تفاقم وضع الشبكة وحدث إظلام تام ” بلاك أوت” عديد المرات وكانت هذه أسوء مرحلة عاشها المواطن، حتى جاءت حكومة الوحدة الوطنية التي اتخذت شعارًا لها وعلى لسان رئيسها ” أهم ملف لينا هو الكهرباء و في حدود شهر 12 تكون الأمور تمام” فرح حينها من فرح بهذا الكلام حتى صُدم بالواقع الذي أدرك فيه أن الحال قد تفاقهم وكل الشعارات زايفة.

إن هذا الحال سيستمر وجحيم الحر سيلاحق المواطن ما لم يستلم هذا الملف رجل صاحب خبرة وشجاع في اتخاذ القرار ومستعد لفضح كل من له يد سوداء في هذه المعيشة الضنكة.

“عاشر شمعة تذوب والضي مازال ماجاش” جملة تهكمية أخرى تعكس مدى انسجام المواطن والتكيف مع هذا الوضع المأساوي؛ ولكن السؤال.. هل سنرى ارتفاع أسعار “الشمع” واستغلال هذا الأزمة؟؟

صحيفة فرنسية: الإمارات تعرقل تعيين الجزائري “صبري بوقادوم” مبعوثاً أممياً إلى ليبيا

جلسة مجلس الأمن حول ليبيا.. دعوات لإنهاء أزمة السلطة التنفيذية وترحيب بتوافقات القاهرة