Menu
in

لماذا تسجل قارة أفريقيا القليل من إصابات فيروس كورونا؟

يتساءل البعض عن سبب انخفاض الإصابات المسجلة حاليا لفيروس كورونا المستجد (سارس كوف 2) المسبب لمرض “كوفيد-19” في قارة أفريقيا، فهل السر في ارتفاع درجة الحرارة أم أن هناك أسبابا أخرى؟

ووفقا لمعطيات تقديرية وبالعودة إلى أرقام منظمة الصحة العالمية، فإن عدد مصابي كورونا في أفريقيا حتى اليوم يقدر بقرابة 7400 حالة، والوفيات حوالي 280. وتعد هذه الأرقام منخفضة مقارنة مع عدد سكان قارة أفريقيا الذين يتجاوزون 1.25 مليار نسمة. في المقابل تجاوز عدد إصابات كورونا المليون عالميا، والوفيات تجاوزت 53 ألفا.

قد يرى البعض أن قارة أفريقيا محظوظة، ولكن مع ذلك يخشى علماء من انتشار فيروس كورونا في القارة، معتبرين أننا نتعامل مع “قنبلة موقوتة”، إذ قد ترتفع الإصابات فجأة، خاصة مع ضعف الرعاية الصحية وعدم قدرة الكثيرين في القارة الأفريقية على الحصول على الماء النقي والصابون لغسل اليدين باستمرار، وانتشار الأكاذيب حول الفيروس خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت طبيبة الأطفال الباحثة في فيروس نقص المناعة البشرية غليندا غراي، رئيسة مجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا -في تقرير نشر على موقع مجلة ساينس- “ليس لدينا أي فكرة عن الكيفية التي سيتصرف بها كوفيد-19 في أفريقيا”.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قد صرح سابقا أن قلقه الأكبر هو انتشار كوفيد-19 في البلدان ذات النظم الصحية الضعيفة.

ويخشى من أن يكون انخفاض عدد الحالات في أفريقيا هو نتيجة نقص معدات الفحص، وهذا يعني أن الحالات سيكون عددها أكبر بكثير، لكنها غير مكتشفة.
درجات الحرارة المرتفعة

ويعتقد بعض العلماء أن درجات الحرارة المرتفعة في العديد من البلدان الأفريقية قد تجعل إمكانية بقاء الفيروس “حيا” أكثر صعوبة، وقد يكون هذا معقولا، إذ إن موسم الإنفلونزا في جنوب أفريقيا -على سبيل المثال- يبدأ فقط في أبريل/نيسان عندما يصبح الجو أكثر برودة.

ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه معرفة كيفية تفاعل فيروس كورونا الجديد مع الطقس الحار في أفريقيا، وإن كان معروفا عن الفيروسات الأخرى من نوع كورونا أنها تنتشر ببطء شديد في الأوساط الدافئة. ويُعتقد أن سبب ذلك يكمن في الأشعة فوق البنفسجية التي تكون أقوى في الشهور الدافئة، والتي تقلص مدة بقاء الفيروسات في الهواء أو على الأسطح، حيث تفقد الكثير من السوائل و”تموت”.

وعموما، يمكن افتراض أن الطقس الحار قد يؤدي إلى عدد أقل من الإصابات بالفيروس.

مع ذلك، فقد قللت منظمة الصحة العالمية من شأن التوقعات بانحسار فيروس كورونا في غضون الأشهر القادمة، وقالت إن من الخطأ الاعتقاد أن الفيروس سيختفي خلال فصل الصيف كما لو كان مجرد إنفلونزا. وهذا قد يعني أن افتراض أن انخفاض حالات كورونا في أفريقيا راجع إلى ارتفاع درجات الحرارة، غير صحيح.

ويمكن للعديد من العوامل الأخرى أن تجعل وباء كورونا أسوأ في أفريقيا، فمثلا قد يكون من الصعب تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي في البلدات المزدحمة، كما سيكون من الصعب تطبيق ذلك مع حقيقة أن الكثير من الأسر الكبيرة والمكونة من عدة أجيال تعيش في منزل واحد.

أيضا ماذا عن اللوازم الأساسية للنظافة، فمثلا كيف يمكنك أن تخبر سكان القرية أن يغسلوا أيديهم عشرين ثانية بالماء والصابون، بينما هم لا يجدون ماء للشرب!

كما أن العديد من البلدان الأفريقية تعاني نقصا في الأسرّة وأسرّة العناية المركزة، وبالتالي قد لا تمتلك القدرة على تقديم الرعاية الصحية اللازمة لمرضى كورونا.

وحتى الآن انتشر فيروس كورونا بشكل أسرع في بعض الدول الأكثر تطورا اقتصاديا في أفريقيا، مثل جنوب أفريقيا ومصر، التي لديها المزيد من الرحلات الجوية والتجارة مع أوروبا والصين، ولديها القدرة على إجراء اختبارات كورونا.

وهناك خطر آخر يواجه أفريقيا، وهو انتشار المعلومات المضللة حول طرق الوقاية منه.

الأكاذيب

واتخذت دول أفريقية إجراءات للتصدي لكورونا، كما تتعاون الحكومات في مختلف أرجاء القارة الأفريقية مع شركات التكنولوجيا العملاقة -مثل فيسبوك وواتساب- لمكافحة المعلومات المضللة عن الفيروس على منصات التواصل الاجتماعي، والتي قد تسهم في زيادة انتشار المرض في قارة تعاني من هشاشة نظم الرعاية الصحية.

وتعتزم جنوب أفريقيا إطلاق برنامج لإجراء مسح واسع النطاق للكشف عن المصابين بفيروس كورونا، وإرسال حوالي 10 آلاف عامل صحي لفحص المواطنين في منازلهم، بهدف اكتشاف المصابين بالفيروس.

وفي نيجيريا، يتعاون المسؤولون الطبيون مع خدمة التراسل المملوكة لفيسبوك في توجيه رسائل للمستخدمين تتضمن نصائح ومعلومات عن الأعراض وكيفية تجنب العدوى.

وتقوم تويتر بتعديل خوارزمياتها لنقل المعلومات الطبية من مصادر مسؤولة، وهي مبادرة متاحة في 70 دولة منها خمس دول أفريقية.

وقال تشيكوي إيكويزو من المركز النيجيري لمكافحة الأمراض “لم يكن هناك وقت أكثر صعوبة من الآن نلجأ فيه لمواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه الرسالة الصحيحة”.

لكن الحكومات وشركات التكنولوجيا تواجه معركة، فمع انتشار الفيروس تنتشر شائعات لا أساس لها من الصحة على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن بين هذه الشائعات التي ظهرت على تويتر ورصدتها رويترز أن “السود لا يصابون بكورونا” وهو ما نشره مستخدم كيني له 700 ألف متابع.

وجاء في تغريدة أخرى على تويتر “إذا كنت تشك بأنك مصاب.. يتعين أن تتعلم كيف تفتح مجرى التنفس بغلي الليمون والزنجبيل واستنشاقهما”، ونشرها مستخدم من نيجيريا له 119 ألف متابع.

وتلجأ بعض الحكومات الآن لإجراءات عقابية، فمثلا اعتقلت كينيا رجلين أحدهما مدوّن بارز لنشرهما معلومات مضللة عن الفيروس على تويتر، وهو اتهام يُعاقب عليه بالسجن عشر سنوات أو غرامة خمسة ملايين شلن كيني (48 ألف دولار)، ولم يُوجّه اتهام رسمي لأي منهما.

وسنّت جنوب أفريقيا قانونا في مارس/آذار يعاقب على نشر معلومات مضللة عن الفيروس، بالسجن مددا تصل إلى ستة أشهر.

ويخشى مسؤولو الصحة العامة أن تزيد هذه المعلومات الخاطئة من عدد الإصابات في القارة التي تعاني نظمها الصحية من ضغوط شديدة. ويعرف كثيرون من واقع التجارب الأليمة كيف يمكن للمعلومات المضللة أن تنشر وباء قاتلا.

إذ يقول باحثون بجامعة هارفارد إن مزاعم خاطئة عن أن الثوم وجذور الشمندر والليمون تشكل بديلا فعالا للأدوية المضادة للفيروسات، أسهمت في وفاة مئات الألوف وقت ذروة تفشي الإيدز في العقد الأول من الألفية الثانية.

كما أن الشائعات عن أن العاملين الأجانب في قطاع الصحة يجلبون الإيبولا، عطلت الاستجابة لموجتي انتشار للمرض في أفريقيا خلال الأعوام الستة الماضية.

الخوف والجهل

ومع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا في أفريقيا، بدأت شائعات مماثلة في الظهور بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.

فقال متسوقون في أديس أبابا إن أسعار الثوم والليمون زادت ثلاثة أضعاف خلال أيام من تأكيد أول حالة إصابة بفيروس كورونا في إثيوبيا، وقال بائع زنجبيل “إنها مطلوبة لأغراض علاجية.. أنا أحمي نفسي بوضع فص من الثوم في فتحة أنف وزنجبيل في الأخرى”.

وهذه الوصفات المبنية على مزاعم كاذبة تلقى إقبالا كبيرا في قارة يتعذر على الكثيرين فيها الحصول على الماء النقي والصابون لغسل اليدين باستمرار.

ومنعت شركات فيسبوك وتويتر ويوتيوب مستخدمين من نشر معلومات مضللة عن “كوفيد-19” على منصاتها، لكن سيفسهالي هليلا المدير الإستراتيجي لأفريقيا في شركة ملتواتر العالمية للاستخبارات الإعلامية، قال إن حجم المنشورات عن كوفيد-19 كبير جدا وأكبر من إمكانية رصد كل معلومة خاطئة.

المصدر _ الجزيرة

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version