عام مضى لم يتمكن فيه حفتر من تحقيق ما وعد به أنصاره وداعميه عندما شن عدوانه على العاصمة طرابلس في أبريل الماضي، ومع كل الحشود والتجهيزات والإمكانيات التي توفرت له فقد فشل حفتر فشلا ذريعا في السيطرة على العاصمة.
لكن ما نجح فيه حفتر وبكل جدارة هو إحداث خسائر مالية تقدر بمليارات الدولارات بتدمير البنى التحتية وقتل وتهجير العشرات من بيوتهم، مع إلحاق الضرر بمقدارت البلاد الحساسة كالمطارات وحقول النفط وغيرها، إضافة إلى إغلاق مصدر قوت الليبيين في أحرج المراحل التي تمر بها بلادهم.
وعد بالأمن والأمان
قائد الميليشيات المعتدية على طرابلس خليفة خفتر وعد أنصاره في أبريل 2019 عند بدء عدوانه على طرابلس بالخير والازدهار.
وتعهد بسلامة المواطنين وأمنهم على أعراضهم وممتلكاتهم وكذلك الأجانب بمختلف جنسياتهم، والحفاظ على مرافق العاصمة ومنشآتها، كما أكد في مناسبات مختلفة قدرة ميليشياته على السيطرة على طرابلس في يومين فحسب.
السلفية والكانيات والنظام السابق
ومع حديثه المتكرر عن بناء الجيش والشرطة وإعادة هيبة القانون نجد أن ميليشيات حفتر تتكون من تركيبة متناقضة بعيدة عن المؤسسية والنظام الذي تدعيه، فهي تتكون من كتائب السلفية “المدخلية”، ومن أشهر رموزها الموالين لحفتر محمود الورفلي المطلوب دولياً بتهم تتعلق بقتل الأسرى، وكتيبة التوحيد ويقودها أشرف الميار، وكتيبة سبل السلام التي تنشط في مدينة الكفرة.
يضاف إلى ذلك كتيبة الكانيات التي يقودها الإخوة المعروفون بالكاني وتتمركز في مدينة ترهونة، وبقايا كتائب النظام السابق وأشهرها كتيبتا امحمد المقريف، وخميس، واللواء 32 معزز.
مسلحون قبليون ومرتزقة
كما شاركت بعض القبائل في العدوان على العاصمة ضمن ميليشيات حفتر، خاصة في الشرق الليبي على غرار قبائل الفرجان والعبيدات والعواقير، أما في الغرب فتدعم حفتر بعض قبائل ورشفانة وجزء من قبيلة الزنتان، وترهونة.
وفي ظل النقص في عدد ميليشياته لجأ حفتر إلى استجلاب مرتزقة من بلاد شتى عبر داعميه، خاصة الإمارات، كجبهة التناوب والوفاق التشادية، وجيش تحرير السودان بجناحيه، وتجمع قوات تحرير السودان، وقوات الدعم السريع السودانية “الجنجويد”، ومرتزقة شركة “فاغنر” الروسية الذين بلغ عددهم في سبتمبر الماضي 1400 مرتزق.
إعادة توزيع عائدات النفط
وبعد نحو 8 أشهر من العدوان على طرابلس ـ لجأ حفتر إلى ورقة النفط لاستخدامها في الضغط السياسي بعد فشله المتكرر في إحداث أي تقدم في المسارات العسكرية.
المتحدث باسم ميليشيات حفتر أحمد المسماري قال، في تصريح له في 18 يناير 2020، إنّ الشعب هو من أقفل الموانئ، وعلينا حماية شعبنا، حسب قوله.
وطالبت ميليشات حفتر بإعادة توزيع إيرادات النفط مقابل إعادة فتح الموانئ المغلقة، لكن رئيس حكومة الوفاق فائز السراج رفض تلك المطالب.
خسائر جسيمة
المؤسسة الوطنية للنفط قالت إن الإغلاق القسري للحقول وموانئ النفط على يد جماعات موالية لحفتر في 17 يناير الماضي ـ كلف الدولة خسائر تجاوزت 4 مليارات دولار.
من جانب آخر، حذر محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير من عجز في الميزانية إذا استمر إقفال النفط، ورجحت وزارة المالية، في 8 من مارس الماضي، أن تنخفض احتياطات النقد الأجنبي إلى نحو 63 مليار دولار.
في حين قال وزير الاقتصاد علي العيساوي، إن إيقاف تصدير النفط وهبوط أسعاره جعل الحكومة تخفض ميزانية العام الجاري بمقدار الثلث.
تدمير البنى التحتية
البنية التحتية في مختلف مناطق طرابلس تضررت ضررا شديدا، خاصة مناطق جنوب العاصمة، جراء استمرار مليشيات حفتر في القصف العشوائي منذ أبريل الماضي.
وتقدر خسائر الحرب بما يتراوح بين 30 و42 مليار دولار، تكلفة دمار البنية التحتية للإسكان والمرافق والمناطق المتضررة، وتخريب بعض المؤسسات الحكومية، وفق تقارير رسمية أولية، بحسب موقع “العربي الجديد”.
200 ألف نازح
يأتي كل هذا في ظل نزوح آلاف العائلات من طرابلس؛ بسبب عدوان حفتر، في حين يعيش مئات العائلات بالفعل في ظروف إنسانية عصيبة منذ بدء هذه الحرب، فقد اضطر قرابة 200 ألف شخص إلى ترك منازلهم؛ خوفا من القذائف العشوائية التي طالت الأبرياء في مساكنهم وخلفت عشرات القتلى والجرحى.