Menu
in

نحرتم وطنيتكم على أسوارها .. ساء ما تزرون..

أرسل مجموعة من داعمي مشروع الاستبداد وعودة حكم العسكر إلى ليبيا، أطلقوا على أنفسهم قوى التجمعات الوطنية الليبية، رسالة إلى أمناء ورؤساء المنظمات والبعثات الدولية؛ الأمم المتحدة، الدول دائمة العضوية، وأعضاء الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي واتحاد المغرب العربي، زعموا فيها أنهم يعبرون عن رأي الأغلبية الساحقة من الشعب الليبي، وطالبوا في رسالتهم إدانة التدخل الخارجي وتحديدا التدخل التركي وحشدوا في رسالتهم مزاعم ألبسوها رداء القانون.

وقبل الرد على مزاعمهم، لابد من اختبار الوطنية التي يدّعيها هؤلاء القوم؛ وهل مبعثها وازع وطني؟ أم إنهم لا يزيدوا على كونهم وكلاء يعبرون عن إرادة موكلهم الأجنبي؟ أو جزء من الاستخدام المؤقت (دسبوزبل) لمشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر؟

أين كانت وطنيتكم؟

عندما قامت دولة الامارات بإحتلال قاعدة “الخادم” العسكرية جنوب مدينة المرج، زودتها بطائرات حربية وطائرات تجسس وطائرات مسيرة، وأرسلت الناقلات والمدرعات إلى قوات حفتر في مخالفة سافرة للقانون الليبي والقانون الدولي؟! فأين كنتم حينها؟ وأين كانت وطنيتكم حين كانت هذه الآليات والمعدات والطائرات تدك العاصمة طرابلس وتقتل إخوانكم الليبيين؟! ألا ساء ما تزرون.

أين كان صوتكم؟

يوم قدمت مصر لحفتر الأسلحة والذخائر والمدرعات، ليقتل بها الشعب الليبي، وتقصف طائراتها المدن الليبية تحت مرأى ومسمعكم؟ أين كنتم والمخابرات المصرية تتحكم في عدد من أعضاء مجلس النواب، حتى قال أحدهم أمام شاشة التلفاز أن مجلس النواب الليبي كله عندي في (سي دي) ورفعه بيده أمام الناس، ويقصد بذلك أن لديه مستمسكات أخلاقية عليهم؟ أين كنتم وقد جندت هذه الدولة جوقة أعلامها ضد طرابلس وأهلها وناصرت المتمرد حفتر في دك أسوار طرابلس وقتل أهلها؟!

أين كانت نخوتكم ؟

عندما استعان حفتر بمجموعات اتشادية؛ جبهة التناوب والوفاق واتحاد قوى المقاومة واتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية وغيرها من المرتزقة! أين كانت نخوتكم ووطنيتكم وهؤلاء يدكون العاصمة طرابلس، يقتلون أبناء شعبكم، الذي تدعون الإنتساب إليه، يدمرون ممتلكاتهم ويعتدون على أرزاقهم؟ ساء ما تزرون.

أين كان ضميركم؟

عندما أرسل الفريق حميدتي السوداني ألف جندي، من قوات الدعم السريع، لمشاركة مجرم الحرب خليفة حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس، يقتلون إخوانكم وأخواتكم من أبناء شعبكم، يدمرون المنشآت العامة والخاصة، لا يفرقون بين مدافع عن العاصمة ولا مدني مسالم. أين كانت نخوتكم ووطنيتكم المزعومة؟! ساء ما تزرون.

أين كان دينكم؟

عندما استعان حفتر، بعد هزيمته الساحقة على أسوار طرابلس، بأكثر من 1400 مرتزق من روسيا وأوكرانيا التابعين لشركة فاغنر، غيروا مجريات الحرب، وازداد القتل لأبناء شعبكم الذي تدّعون الانتساب إليه؟ أين كانت وطنيتكم ونخوتكم. ساء ما تزرون.

لقد خرستم

أمام كل هذا التدخلات الأجنبية وعن الاستعانة بالمرتزقة الروسية والأكرانية والسوادنية والتشادية واستيقظت وطنيتكم فجاءة، عندما طلبت حكومة الوفاق الشرعية من بعض الدول وعلى رأسها تركيا للدفاع عن العاصمة وعن المدنيين ضد العدوان المتعدد الجنسيات. كان عليكم أن تدينوا تدخل الإمارات ومصر والأردن وفرنسا، وأن تدينوا جلب حفتر للمرتزقة الروس والأكران والتشادية والسوادنية، حينها وحينها فقط نسمع ليقظتكم. لم تستيقظ فيكم الوطنية إلا بعد أن أبدت تركيا استعدادها للتدخل إلى جانب الحكومة الشرعية من أجل رد عدوان حفتر؟

الرد على المزاعم

1) قلتم “أن اتفاق الصخيرات لم يضمن في الإعلان الدستوري المؤقت” وهذا مغالطة من وجهين؛ الأولى أن مجلس النواب إعيدت ولادته من جديد بالاتفاق السياسي، وهذا يعني أن عدم قبول مجلس النواب بالاتفاق السياسي يعني أنه غير موجود، طبقا لأاحكام المحكمة العليا التي أعتبرته منعدمًا. إذا ولادته مبنية على الاتفاق السياسي، وعلى تضمينه في الإعلان الدستوري. وهذا ما يجعل الوجه الثاني يدحض حجتكم وهي أن المؤتمر الوطني العام، الجسم الشرعي حينذاك طبقا لحكم المحكمة العليا، قد ضمن الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري في جلسته الأخيرة التي ولد فيها أيضا المجلس الأعلى للدولة.

لذا أنتم أمام خيارين؛ إما أنكم لا تعترفون بالاتفاق السياسي ولا بتضمينه في الإعلان الدستوري، مما يعني أنه لا وجود لمجلس النواب طبقا لحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، أعلى سلطة قضائية في ليبيا. أو أنكم تعترفون بالاتفاق السياسي، وبالتالي يلزمكم ما جاء فيه بما في ذلك أنكم تقفون إلى جانب لواء متقاعد خارج الخدمة العسكرية سواء بقرار المؤتمر الوطني العام أو بنص المادة الثامنة من الاتفاق السياسي. لكم الخيار.

2) قلتم “أن حكومة السيد فائز السراج لم تنل ثقة البرلمان الليبي الشرعي منذ تشكيلها عام 2015″، وهذا يظهر تناقضكم، وأنكم لا ترسون على بر!! هل تعترفون بالاتفاق السياسي برمته أم لا؟ إن قلتم أنكم تعترفون بها فالسراج ومجلس رئاسة الوزراء جسم دستوريا وأن البرلمان معطل ومنقسم منذ أمد، وإن قلتم أنكم لا تعترفون بالاتفاق السياسي فلا وجود لمجلس النواب أصلاً. فبأي الرأيين تقولون؟

3) قلتم “أن السيد فائز السراج وقع منفردا على مذكرتي التفاهم مع تركيا وهو ما يتعارض مع اتفاق الصخيرات، خصوصا فيما يتعلق بآلية اتخاذ القرارات السيادية الهامة، التي تستوجب الاجماع ضمن فريق المجلس الرئاسي المؤلف من تسعة أعضاء”. وهذه فرية مثل أخواتها من عدة أوجه:

‌أ. الاتفاق السياسي في مادته رقم (9) في الفقرة (8)، أعطى حق التفاوض في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحكومة الوفاق.

‌ب. والاتفاق السياسي في مادته رقم ( 8) في الفقرة (2-6) ، منح حق إبرامها لمجلس رئاسة الوزراء، وصحيح أن المصادقة عليها تتم من قبل مجلس النواب إن كان هذا المجلس معترفا بالاتفاق السياسي أصلاً، وأنه غير معطل ولا منقسم، وإلا فلا وجود له إن كان لا يعترف بالاتفاق السياسي.

‌ج. منح الاتفاق السياسي في مادته رقم (8) في الفقرة (1-1)، حق تمثل علاقات ليبيا بالخارج لرئيس مجلس الوزراء.

‌د. أما عن كيفية اتخاذ القرارات في مجلس رئاسة الوزراء الذي يتكون من رئيس وخمسة نواب وثلاثة وزراء دولة، وأن ثلاثة منهم قد قدموا إستقالتهم، وهذا حقهم كفله لهم الدستور والقانون، إلا أن الاتفاق السياسي حدد ونص على كيفية استبدالهم (المادة رقم (5) من الاتفاق السياسي)، لكن تعطل مجلس النواب وانقسامه جعل هذه المناصب خالية، وخلوها على يؤثر على استمرارها، فالمستقيل كالميت، تنتهي علاقته بالمنصب ويستمر المنصب في أداء عمله وفقا ما يحدده القانون.

مجلس رئاسة الوزراء مارس أعماله طبقا للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري. قاموا بالتفاوض وأبرموا الاتفاقيات وبلغوا العالم بأنه تمت المصادقة عليها (إما أن المذكرتين صادقت عليهما السلطة التنفيذية لدواعي المصلحة العليا نظرا لتعطل وانقسام مجلس النواب واستحالة اجتماعه، أو أن أعضاء مجلس النواب المجتمعين بطرابلس صادقوا عليها). المهم أن الجانب التركي أبْلغ من قبل رئيس مجلس الوزراء، بصفته ممثل الدولة الليبية في علاقاتها الخارجية، بذلك وهذا يعد حجة على الدولة الليبية.

4) وأما ما ذكرتموه من أن مذكرتي التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا تنتهك روح وأعراف القانون الدولي، وعلى وجه الخصوص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وأحكامها التنفيذية، جامايكا 1973، فإن هذه الاتفاقية ذكرت في مادتها (15) أن تكون “سواحل دولتين متقابلة أو متلاصقة، لا يحق لأي من الدولتين، في حال عدم وجود اتفاق بينهما على خلاف ذلك، أن تمد بحرها الإقليمي إلى أبعد من الخط الوسط الذي تكون كل نقطة عليه متساوية في بعدها عن أقرب النقاط على خط الأساس الذي يقاس منه عرض البحر الإقليمي لكل من الدولتين، غير أن هذا الحكم لا ينطبق حين يكون من الضروري بسبب سند تاريخي أو ظروف خاصة أخرى تعيين حدود البحر الإقليمي لكل من الدولتين بطريقة تخالف هذا الحكم”. وهذا ما نصت عليه مذكرة التفاهم الليبية التركية في رسم الحدود البحرية بينهما.

5) وأما احتجاجكم بأن “مذكرتي التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا، تنتهك المواد (10- 12) من اتفاقية فيينا للمعاهدات عام 1969، وعلى وجه الخصوص المادة 46 التي تحدد المراحل والإجراءات الواجبة في تحرير وتوقيع والتصديق على الاتفاقيات الثنائية او الجماعية للدول” فباطل من عدة أوجه:

‌أ. أولها: أن المادة 10 توضح أن نصوص الاتفاقية ذاتها تحكم كيفية توثيقها.

‌ب. وأما المادة 11 فهي تذكر وسائل التعبير عن رضا الدولة الالتزام بالمعاهدة بالتوقيع أو بتبادل الوثائق أو بالتصديق أو بالموافقة أو بأية وسيلة أخرى متفق عليها.

‌ج. وأما المادة 12 فإنها تتحدث عن التعبير عن الرضا بالالتزام بالمعاهدة بتوقيعها بل أن هذه المادة ذكرت أن التوقيع بالأحرف الأولى يكفي إذا اتفقت الدولتان على ذلك.

‌د. وأما المادة 46 وكذلك 47 الشارحة لها فمتعلقة بإبطال الرضا عما قامت به الدولة الليبية من إبرام لمذكرتي التفاهم مع الدولة التركية وهذا الحق لا يملكه إلا رئيس مجلس رئاسة الوزراء فخامة الرئيس فايز السراج، الممثل الوحيد للدولة في علاقاتها بالخارج، وهذا الحق، حق الإبطال محكوم بمدة زمنية حددتها معاهدة فينا هذه، ولهذا السبب موكليكم أصابهم الجنون، رغم أن مذكرة التفاهم المتعلقة بترسيم الحدود نصت على أن التفاوض مفتوح، وهذا ما طالبت به ليبيا منذ 2004 وأكدته تركيا بعد توقيعها لمذكرة التفاهم.

مذكرتي التفاهم مع تركيا أيقظتكم؟! أم فضحتكم؟!

لا أدري أين كانت وطنيتكم، طيلة التسعة أشهر الماضية، وطرابلس تنحر، ومقدراتها تهدر، وأرزاق أهلها تنهب، حتى جاءت هاتيت المذكرتين، لا أدري هل كانت يقظتكم بواعز الوكيل الحريص على مصلحة موكله؟، أم بواعز الوطني الحريص على وطنه؟ لقد أثبتت كل الوثائق أن ترسيم الحدود البحرية يصب في صالح الدولتين ويحفظ مصالح الوطن الليبي الذي تنسبون أنفسكم إليه.. أين المشكل إذا؟!. لقد كان الراحل القذافي أكثر حرصا ووطنية منكم، وقد حاول منذ 2004 ترسيم الحدود مع اليونان التي رفضت محاولاته وأفشلت جهوده.

احتجوا بالقانون وبأي حجج سياسية أو حتى بالغوا في خصومتكم وفجوركم واستمروا في لعق بيادة العسكر ولكن لا تحتجوا بالوطنية فإنكم ذبحتموها على أسوار طرابلس .. ألا ساء ما تزرون.

 عبدالرزاق العرادي

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version