Menu
in

الاقتصاد الليبي في 2018، متغيرات ومؤشرات إيجابية رغم التباطؤ في الإصلاح

تغيرات عديدة وإشكاليات اقتصادية وانفراج للأزمات شهدتها سنة 2018، حيث نفذت الإصلاحات، وتعافى إنتاج النفط وقفز إلى أعلى مستوياته مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة، وانتهت أزمة السيولة وانخفض سعر الدولار في السوق الموازية، ولكنها لم تخل من حروب للسيطرة على المواني النفطية.

بداية الأمل

بدأ الأمل في تحسن الوضع الاقتصادي للبلاد في الـ21 من فبراير، عندما رفعت مجموعة العمل المالي FATF ، اسم ليبيا من قائمة الدول الخاضعة للمتابعة فيما يتعلق بمدى قدرتها على تطبيق معايير والتزامات مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ووصف مصرف ليبيا المركزي حينها قرار فريق متابعة التعاون الدولي ICRG التابع لمجموعة العمل المالي FATF، “بالإنجاز الكبير” الذي ينعكس إيجابًا على سمعة الدولة الليبية، ويعزز ثقة المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية في مؤسساتها المالية والمصرفية.

النفط بين الحرب والتعافي

مطلع 2018 كان بداية تعافي إنتاج ليبيا من النفط بعد سلسلة من الإغلاقات والاعتصامات لأسباب مختلفة في السنوات السابقة، إذ بلغ إنتاج ليبيا من النفط في الربع الأول من السنة 850 ألف برميل يوميا، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.

وأكد مصرف ليبيا المركزي، أن إجمالي إيرادات النفط خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت 15.60 مليار دينار، وأن إجمالي الإنفاق العام بلغ 16.88 مليار دينار بزيادة يسيرة عن إجمالي الإيرادات البالغ 16.70 مليار دينار.

إعلان المركزي أكدته المؤسسة الوطنية للنفط عندما أعلنت أن إيراداتها من يناير إلى نهاية يوليو 2018 بلغت 13.6 مليار دولار.

ومع بداية تعافي النفط واستمرار تصديره بصورة طبيعية حدث ما لم يكن متوقعا عندما شنت قوات إبراهيم الجضران، في يونيو، هجوما على الموانئ النفطية في محاولة لإعادة السيطرة عليها، وهذا ما أدى إلى تراجع الإنتاج اليومي إلى 600 ألف برميل.

صراع النفط وإيقاف تصديره استمر، وكان المتسبب هذه المرة قائد قوات الكرامة خليفة حفتر عندما أعلن، في يونيو، تسليم الموانئ النفطية إلى مؤسسة النفط الموازية في بنغازي، وهو ما رفضته المؤسسة الوطنية في طرابلس والمجتمع الدولي، وتوقف جراء ذلك إنتاج النفط قرابة الأسبوعين، ليعود التصدير من الموانئ في مطلع يوليو.

آخر تعثرات النفط، كانت في ديسمبر الحالي عندما أغلق محتجون من حراك “غضب فزان” حقل الشرارة والفيل النفطيين، مطالبين بفرض الأمن وتحقيق تنمية اقتصادية في الجنوب الليبي.

الإغلاق دام لعشرة أيام، ثم أعلن رئيس المجلس الرئاسي من حقل الشرارة النفطي إعادة فتح الحقل إثر توصله إلى تسوية مع المحتجين.

وبين التصدير والإيقاف، حققت سنة 2018 أكبر عائد لليبيا من النفط منذ عام 2013، إذ تشير الأرقم إلى أن إجمالي واردات النفط بلغ 18 مليار دولار هذا العام.

بداية الإصلاح

شهد هذا العام الحدث الأبرز حسب استفتاء أجرته شبكة الرائد، وهو الإصلاحات الاقتصادية التى بدأ تنفيذها في 12 من سبتمبر، بعد اعتماد رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لها.

الإصلاحات تضمنت تغيير سعر الصرف إلى 3.90 دنانير مقابل الدولار الواحد، ورفع سقف الحوالة لأغراض العلاج والدراسة بالخارج إلى 10 آلاف دولار، والسماح لكل مواطن بتحويل المبلغ ذاته، إضافة إلى صرف 500 دولار لأرباب الأسر، واتخاذ الإجراءات لرفع الدعم جزئيا عن المحروقات.

ونجحت حزمة الإصلاحات المنفذة في توفير السيولة في المصارف، فرفعت بعض المصارف التجارية سقف السحب اليومي إلى 5 آلاف دينار، والسحب الشهري إلى 40 ألف دولار، إضافة إلى تخفيض سعر النقد الأجنبي في السوق الموازية، وتقليص الفارق بين البيع نقدا وبصك.

خرق حظر الأموال المجمدة

تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة أكد خرق المصارف البلجيكية قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتجميد الأموال والأصول الليبية، وكشف تقرير الخبراء عن سحب أموال ليبية مجمدة من المصارف البلجيكية قدرها 5 مليارات دولار.

وكشفت إذاعة “إر. تي. بي. إف” البلجيكية النقاب عن سحب المصارف البلجيكية نحو 5 مليار يورو من الأموال الليبية المجمدة بالمصارف البلجيكية.

ونقلت الإذاعة البلجيكية عن مصادر محلية أن الأموال الليبية المسحوبة، التي من المفترض أنها جمدت في 2011 بقرار مجلس الأمن الدولي، لا يُعرف أين صرفت حتى الآن، وفق ما نقلته وكالة “آكي” الإيطالية.

في المقابل، أكدت المؤسسة الليبية للاستثمار أن الفوائد على الأموال الليبية المجمدة ليست مشمولة بالحظر، وأنهم شكلوا فريق تحقيق حول هذه الأمر، مؤكدة أن الإدارة الحالية لم تتصرف بهذا الأموال، وفق البيان.

محاسبة المهربين

وافق مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، في 26 من فبراير، على فرض عقوبات على ستة أشخاص، من جنسيات ليبية ومالطية ومصرية، و24 كيانا و7 سفن، بموجب الأمر التنفيذي 13726؛ لتهديد السلام والأمن والاستقرار في ليبيا من خلال الإنتاج غير المشروع، والمتمثل في تكرير أو سمسرة أو بيع أو شراء أو تصدير النفط الليبي أو امتلاكه أو السيطرة عليه من قبل أشخاص معينين.

وبموجب هذه الإجراءات، تُحظر أي ممتلكات أو مصالح في الممتلكات التي يعينها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ضمن ولاية الولايات المتحدة، إضافة إلى منع الأمريكيين من التعامل مع الأشخاص المحظورين، بما في ذلك الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها أشخاص مماثلون.

وفي الشهر ذاته، أكد رئيس قسم التحقيقات لدى مكتب النائب العام الصديق الصور، إصدار مئات مذكرات الاعتقال في حق متهمين بتهريب الوقود وتجار البشر، ومسؤولين في أجهزة حكومية متهمين بمحاولة التلاعب بأموال ليبيا المجمدة في الخارج.

وكشف الصور عن وجود أكثر من 450 محطة وقود وهمية في ليبيا، مشيرا إلى أن أصحابها متورطون في تهريب الوقود من خلال مصفاة الزاوية إلى الخارج بطلبات وقود مزيفة.

وأوضح الصور أن النائب العام أصدر أكثر من 200 أمر ضبط في حق متهمين بالتهريب ثبت تورطهم عن طريق رصدهم بالأقمار الصناعية ومن خلال التحقيقات والتحريات التي قامت بها عناصر تابعة للبحرية الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط ولجنة مراقبة الوقود والغاز.

أما رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، فقد طالب الإمارات باتخاذ إجراءات رادعة تجاه الشركات المسجلة أو الأشخاص المتورطين في محاولات سرقة النفط الليبي المقيمين فيها.

وأضاف صنع الله، خلال اجتماعه بوزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر، أن إبرام عقود غير قانونية مع المؤسسة الموازية أو مع جهات غير مصرح لها بالتعاقد على النفط الخام بطريقة غير شرعية، يتعارض مع قرارات مجلس الأمن.

مفاجأة الجميع

فاجأ صندوق النقد الدولي العالم، في أكتوبر، عندما أعلن أن ليبيا هي أسرع دولة من حيث معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.4% هذا العام؛ لتطور إنتاج النفط وارتفاع أسعاره عالميا،

فقد زادت الإيرادات النفطية التي يعتمد عليها الناتج المحلي الإجمالي بشكل أساسي من 13 مليار دولار سنة 2017 إلى 24.5 مليار دولار سنة 2018 بنسبة زيادة تبلغ 80% عن العام الماضي.

فساد وخسائر

أزاح تقرير خبراء الأمم المتحدة، في سبتمبر، الستار عن تورط ابن قائد قوات الكرامة صدام حفتر في قضية سرقة أموال من مصرف ليبيا المركزي في بنغازي.

وكشف التقرير أن الكتيبة 106 التابعة لقوات حفتر، بقياده صدام، نقلت كميات من النقود والفضة قدرت بنحو 640 مليون دينار ليبي، و160 مليون يورو، ومليونًا و900 ألف دولار، و5 آلاف و869 عملة فضية إلى جهة مجهولة.

ونقل الخبراء في تقريرهم عن مصادر وصفوها بالموثوقة والمتعددة، أن معظم هذه الأموال قد تقاسمها كبار قادة قوات حفتر فيما بينهم.

ملف الفساد لم يفصح عنه تقرير خبراء الأمم المتحدة فقط بل أعلن ديوان المحاسبة أن الدولة الليبية أنفقت بين عامي 2012 و 2017، أي في خمس سنوات، 270 مليار دينار، دون أي أثر ملموس، وأُهدر بين عامي 2010 و 2018، 80 مليار دينار؛ بسبب الرشوة والإهمال الذين أضاعا فرص تحقيق أي تنمية.

وأوضح تقرير الديوان أن البلاد تخسر سنويا 5 مليارات دينار على الكهرباء مع انقطاعه المتكرر، وتنفق أكثر من 4 مليارات دينار على الصحة والأدوية، والمواطن يبحث عن العلاج في المصحات الخاصة، وأكثر من 8 مليارات دينار على التعليم، مع تدني مخرجاته، وفق التقرير.

وأضاف الديوان أن ليبيا تنفق أكثر من 6 مليارات دينار سنويا على دعم الوقود والسلع الأساسية، مع بيع ذلك في السوق بأسعار مرتفعة، وانعدام الوقود في أكثر من نصف مدن البلاد، ونحو نصف مليار دينار سنويا على النظافة، مع تدني الخدمات وتكدس القمامة، وأكثر من نصف مليار دينار سنويا على 141 سفارة، ونصف مليار دينار على الإيفاد إلى الخارج.

وبيّن الديوان أن سبب ارتفاع الأسعار ونقص السيولة، هو فساد المصارف التي تضارب بالنقد المحلي والأجنبي، وتمارس غسل الأموال، كاشفا عن عدم تعاون مصرف ليبيا المركزي وبعض الجهات أثناء التحقيق في ملفات الفساد.

ونوّه الديوان أن وزيرا بالحكومة الموازية ألزم الدولة بدفع 450 مليون يورو لشريك أجنبي ثبت تورطه في قضايا فساد، دون الكشف عن اسمه، مشيرا إلى أن التقرير السنوي الصادر عن ديوان المحاسبة للعام 2017 أكد إنفاق الحكومة الموازية 21 مليار دينار.

وأكد ديوان المحاسبة أن مصادر تمويل الحكومة الموازية ” ضبابية ” وأن الدين العام الناتج عن هذا الإنفاق يتوقع أن يتجاوز 15 مليار دينار، وفق قوله.

أما خسائر النفط، فقد قدر رئيس المؤسسة الموطنية للنفط مصطفى صنع الله، خسائر إغلاق الموانئ النفطية بـ 880 ألف دولار شهريا؛ بسبب الاشتباكات بين الجضران وقوات حفتر، بينما قدرت خسائر حقل الشرارة بنحو 32.5 مليون دولار يوميا.

في حين ذكر صندوق النقد الدولي، أن خسائر ليبيا جراء انخفاض إنتاج النفط خلال أربعة أعوام، بلغت نحو 50 مليار دولار، متوقعا أن يتراجع معدل نمو اقتصاد ليبيا بشكل طفيف إلى 10.8% في 2019، مقابل 10.9% في 2018، بعدما حقق 64% في 2017.

تذاكر الطيران لم تسلم

أعلنت شركات الطيران، في نوفمبر المنصرم، رفع أسعار التذاكر إلى نحو ثلاثة أضعاف ابتداء من الأول من ديسمبر الجاري، بسبب تغير سعر الصرف وعدم إعفائها من الحوالة بالسعر القديم.

وعندما انفجرت ردود فعل ساخطة في أوساط شرائح عديدة من الليبيين، أصدر وزير الاقتصاد والصناعة علي العيساوي قرار بإلغاء زيادة أسعار التذاكر قبل بدء العمل به من الشركات المعلنة.

وتقترب سنة 2018 التي شهد الربع الأخير منها انفراجا في عدد من الأزمات الاقتصادية، من الانطواء على أمل أن يكون العام المقبل 2019 عام النهضة والتنمية الاقتصادية في البلاد.

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version