في زيارة مبرمجة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية متعددة، حلّ مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، مسعد بولس، بالعاصمة طرابلس قبل أن ينتقل إلى بنغازي، في تحرّك لافت جاء وسط مناخ سياسي هشّ وصراع إقليمي متداخل.
وأثارت هذه الزيارة تساؤلات حول نوايا واشنطن الحقيقية في ليبيا، خاصة في ظل الحديث عن فرص استثمارية بمليارات الدولارات، حول مصير الحكومتين في ظل العملية السياسة التي تقودها البعثة الأممية وتزايد النفوذ الروسي في البلاد
تعزيز الاستقرار والتعاون التجاري
وقال مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “مسعد بولس” عبر حسابه على منصة “X”إنه ناقش مع الدبيبة أهمية استعادة الهدوء ومنع العنف، إلى جانب الدفع بالحوار السياسي قدما.
وأضاف “بولس” أن الجانب الأمريكي يتطلع إلى تعزيز الصفقات التجارية بين ليبيا والولايات المتحدة.
70 مليار دولار على الطاولة
من جهتها قالت منصة” حكومتنا” التابعة لحكومة الوحدة، إن الدبيبة بحث مع “بولس،” فرص التعاون الاقتصادي وكشفت المنصة أن الفريق الحكومي قدم عرضا تفصيليا لأوجه الشراكة الاستراتيجية، المقدرة بنحو 70 مليار دولار، شاملة مشاريع جاهزة في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء والبنية التحتية والاتصالات، بما يتيح دخولا منظما ومباشرا للاستثمار الأمريكي في السوق الليبي.
توحيد المؤسسات
و بحسب المكتب الإعلامي لحفتر ناقش الطرفان في بنغازي آفاق التعاون الثنائي بين ليبيا والولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والصناعية، في إطار دعم الاستقرار وتعزيز مسارات التنمية المستدامة.
ومن جانبه أكد “بوليس” في منشور عبر منصة إكس أنه تناول مع حفتر سبل دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السيادة، وتهيئة الطريق نحو الاستقرار والازدهار من خلال الحوار السياسي.
عقود سخية
وفي سياق متصل “بولس في مراسم توقيع مناسب اتفاقية بنية تحتية بقيمة 235 مليون دولار بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة هيل إنترناشيونال. الأميركية
وأكد “بولس” أن هذه الشراكة تأتيا دعمًا لجهود المؤسسة ا في التحديث وتعزيز إنتاج وتصدير الغاز.
وفي جولته التقى مستشار ترامب مع رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، للتباحث حول العملية السياسية والجهود المبذولة لتحقيق السلام خاصة في طرابلس
وجددنا “بولس ” تأكيد دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا ولدفع الحوار السياسي قدمًا على أساس التوافق والحوار بين الليبيين
زيارة استطلاعية لا تغير في المواقف
ويرى المحلل السياسي السنوسي إسماعيل أن الزيارة تعد استطلاعية تهدف إلى سبر أغوار الواقع السياسي الليبي، ودفع الأطراف الليبية إلى دعم العملية السياسية المرتقبة التي تعتزم الأمم المتحدة إطلاقها في أغسطس القادم.
واعتبر إسماعيل تصريح للرائد أنه لا وجود لصفقات أو اتفاقيات كما يشاع، مشيرا إلى أن زيارات المستشارين غالبا ما تكون لجمع المعلومات ورفع تقارير للرئيس الأمريكي
وأكد إسماعيل أن القرار النهائي بيد “ترامب”، كما ما توقع استمرار الموقف الأمريكي الرسمي الداعم لعملية سياسية بملكية ليبية تحت إشراف أممي.
تأثير محدود وتركيز على النفط
ومن جانبه قلل المحلل السياسي موسى تيهوساي من أهمية الزيارة معتبرا أنها لن تترك أثرا كبيرا على المشهد السياسي بسبب تركيز واشنطن على ملفات أهم، كالصراع مع الصين والحرب في أوكرانيا.
وفي حديثه مع الرائد أشار تيهوساي إلى أن واشنطن تهتم فقط بجوانب محددة في ليبياأبرزها استمرار تدفق النفط، واستقرار الاستثمارات في الطاقة والصناعات النفطية.
وأضاف تيهوساي أن تهتم إدارة ترامب بضرورة وجود سلطة موحدة للبلاد ومؤسسة عسكرية وسلطة تشريعية موحدتين، لكنها لا تولي الملف الليبي أولوية حقيقية.
كما رجح تيهوساي أن تساعد واشنطن بعثة الأمم المتحدة في وضع تصور لإجراء الانتخابات خلال العامين المقبلين، مع التركيز على رفض عودة الحرب أو توقف تدفق النفط.
صفقة تهجير الفلسطينيين
وفي ذات السياق رأى الكاتب والمحلل السياسي الليبي المقيم في الولايات المتحدة محمد بويصيرأن الهدف الأساسي من زيارة “بولس” لا يتعلق بالشأن الليبي الداخلي بقدر ما يتركز على وضع اللمسات الأخيرة على خطة تهجير مليون فلسطيني من غزة إلى مصر، معتبرا أن استقبال مليون فلسطيني هو المحور الأول والأهم وربما الأوحد للزيارة.
وقال بويصير في تصريحه لمنصة زوايا الخبرية، إن البعض لا يعرف السر الحقيقي وراء زيارة بولس، موضحا أن اللقاءات التي يعقدها المستشار الأمريكي مع مختلف الأطراف الليبية تأتي في إطار الاستماع، دون أي تعليقات منه.
و وتابع بويصير أن ملف الانتخابات الليبية لن يطرح خلال هذه الزيارة، مشيرا إلى أنه لا يمثل أولوية لدى الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي مشيرا أن قناعة ترامب بالديمقراطية موضع شك، على حد تعبيره.
ومع تباين التصريحات والتكهنات، يبرز سؤال محوري يبقى مفتوحًا
هل تمهد هذه الزيارة لتحرك أمريكي فعلي في الملف الليبي، أم أنها مجرّد خطوة دعائية ضمن معارك النفوذ الإقليمي والدولي؟