Menu
in

طرابلس.. شبح الحرب يخيّم وجهود خفض التصعيد تتواصل

تشهد العاصمة طرابلس حالة من الغليان الأمني، في ظل تقارير متزايدة عن تحشيدات عسكرية وتجدد المناوشات المسلحة، رغم الاتفاقات السابقة التي قضت بوقف إطلاق النار.
ورغم الهدوء النسبي عقب اشتباكات مايو الماضي، عاد الحديث عن شبح الحرب ليخيّم من جديد على المدينة، وسط تحذيرات من الداخل والخارج بشأن خطورة التصعيد.

توحيد المؤسسات تحت حكومة موحدة
في بيان مصور، أدان مخاتير محلات بلديات طرابلس الكبرى، استخدام السلاح داخل العاصمة لتحقيق ما وصفوها بـ”مصالح ضيقة لا تخدم الوطن والمواطن”.
وأكد المخاتير أن الحل السياسي لا يُبنى بالبندقية، بل بالحوار والتفاهم، داعين إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت مظلة دولة موحدة وحكومة جامعة لا تستثني مدينة أو منطقة.
وحمّل البيان المجتمع الدولي والبعثة الأممية مسؤولية تباطؤ العملية السياسية، مؤكدا ضرورة تمكين كفاءات وطنية من تولي زمام السلطة التنفيذية.

اشتباكات واستهدافات.. الميدان لا يزال مشتعلاً

شهدت طرابلس خلال الأيام الماضية سلسلة من المواجهات المسلحة بين مجموعات مسلحة، أبرزها اشتباك وقع في منطقة الغيران بين قوة تابعة لـ”الطرابلسي” وأخرى موالية لـ”محمد بحرون – الفار”، استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
كما سُجلت مواجهات بين جهاز الأمن العام بقيادة عبدالله الطرابلسي وجهاز دعم المديريات بقيادة علي الجابري في طريق المطار.
وفي تطور لافت، تحدثت تقارير محلية عن إسقاط ثلاث طائرات مسيرة فوق مطار معيتيقة يُعتقد أنها مخصصة للاستطلاع والتصوير وليست قتالية.

تحذير أممي من تصعيد وشيك

إدارة الأمن والسلامة بالأمم المتحدة (UNDSS) أصدرت تنبيهًا أمنيًا لموظفيها بشأن احتمال تصعيد أمني في العاصمة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
استند التنبيه إلى مؤشرات أولية تشير إلى تحركات مسلحة محتملة، مع توصيات صارمة بتجنّب التنقل غير الضروري والبقاء على تواصل مع فرق الأمن والبعثات.

مواقف دولية متوترة.. والاتحاد الأوروبي يدعو للتهدئة

بعثة الاتحاد الأوروبي حثّت جميع الأطراف في طرابلس على التهدئة وحل النزاعات سلميًا، مؤكدة أهمية حماية المدنيين ومساءلة كل من يهدد الأمن العام.
ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أيضًا، جميع القوى إلى الامتناع عن استخدام القوة، خاصة في المناطق السكنية المكتظة،
وحثت البعثة على التنفيذ العاجل للترتيبات الأمنية التي وضعتها لجنتا الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية، مطالبة القوات التي انتشرت مؤخرًا في طرابلس أن تنسحب دون تأخير.

شروط الدبيبة لمنع الحرب
رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة شدد على أن من يسعى إلى إشعال فتيل الحرب عليه أن يلتزم يأربعة شروط رئيسية، هي تسليم المطلوبين للنائب العام، وإخضاع مطار معيتيقة لوزارة المواصلات، وتسليم كافة السجون للأجهزة الرسمية، وحل جميع المليشيات بشكل نهائي.
وحذر الدبيبة من أن أي معارضة لهذه الشروط تعني تحمّل العواقب، مؤكدًا في الوقت نفسه أن باب العودة مفتوح لمن يلتزم بأجهزة الدولة.

“سوق الجمعة” تحت الضوء

واتهم الدبيبة، في لقاء مع قناة ليبيا لكل الأحرار، جهات ـ لم يسمّها ـ بمحاولة السيطرة على منطقة سوق الجمعة وتحويلها إلى أداة للابتزاز القبلي، قائلا “سوق الجمعة تمثل أهلي، وأعلن براءتي ممن يحاولون استغلالها سياسيًا”.
ونفى أن تكون العملية الأمنية موجهة ضد تيار معين مثل “السلفية”، بل تستهدف من وصفهم بـ”الخارجين عن القانون ومن يسعون لحكم البلاد بالبندقية”.

لجنة سجناء الردع تنهي مهامها

من جهتها، أعلنت النيابة العامة، انتهاء عمل لجنة مراجعة دفاتر نزلاء مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسة، المقبوض عليهم من جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك بعد دراسة شرعية إيداعهم.
وأوضح النائب العام أن جهاز الردع أحال في الفترة من 2016 حتى 2021 ما مجموعه 3,179 محضراً إلى النيابةالعامة، فيما أفرجت النيابة خلال هذه السنوات عن 3,975 شخصاً، بينهم من انقطعت إجراءاتهم الجنائية، ومنشملهم قرار العفو، ومن أُفرج عنهم بسبب تدابير الوقاية من كورونا.

كما أحال جهاز الردع 794 محضراً في عام 2022 وأفرج عن 610 متهمين منهم، وفي عام 2023 أحال الجهاز 1,147 محضراً وأُفرج عن 611 متهمًا، وفي عام 2024 أحيل 1,045 محضراً وأمرت النيابة بالإفراج عن 524 متهمًا، أما في النصف الأول من عام 2025 فقد أحيل 369 محضراً وأفرج عن 258 متهمًا.
وأضافت النيابة أن اللجنة راجعت أوضاع 192 شخصاً وأصدرت تقريراً أوصت فيه بالإفراج عن 35 منهم لأسبابقانونية أو لانقضاء مدة العقوبة كما أوصت بتعجيل إجراءات محاكمة بقية الأشخاص وترحيل 7 أجانب إلى دولهم.
وفي إطار متابعة قضايا مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، استدعت النيابة العامة 8 أشخاص للتحقيق في اتهامات بأنشطة إرهابية وخطف وافدين من إيطاليا وتركيا.

توتر بين الحكومة والرئاسي

ورغم التنسيق المعلن بين الحكومة والمجلس الرئاسي لمكافحة الفوضى، أبدى الدبيبة تفاجؤه من قرار المجلس تسمية رئيس جديد لجهاز دعم الاستقرار، مؤكدًا أن القرار سيخضع لمراجعة وتفاهم بين الطرفين.
وكان المجلس الرئاسي قد أصدر قرارا بتكليف حسن بوزريبة بمهام رئيس جهاز دعم الاستقرار، خلفا لقائده السابق، عبد الغني الككلي.
وبحسب ما نشره المكتب الإعلامي للمجلس، فإن قرار تكليف بوزريبة برئاسة جهاز دعم الاستقرار يحمل تاريخ الأول من يونيو 2025.

وفي قرار منفصل، كلف رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، وكيل عام وزارة العدل علي اشتيوي، بمهام رئاسة جهاز الشرطة القضائية، مع إعفاء رئيسه السابق صبري هدية من مهامه والذي رفض تطبيق القرار.
وطلب هدية، في خطاب رسمي، من رؤساء الفروع والإدارات عدم التعامل مع الرئيس المكلف الدبيبة، بعد طعنه في شرعية القرار.

الرئاسي على الخط

وتزامنا مع هذه التوترات اجتمع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، الخميس، الماضي مع لجنتي الهدنة والترتيبات الأمنية والعسكرية، آخر التطورات الأمنية في طرابلس ومحيطها.
وقدمت اللجنتان، خلال اللقاء، إحاطة شاملة حول الوضع الأمني والعملياتي في العاصمة والمنطقة الغربية، إلى جانب التحديات الأمنية.
وجرى الاتفاق، خلال الاجتماع، على ضرورة تسمية آمر لقوة إسناد مديرية أمن طرابلس، وهي القوة التي شكلت بقرار من رئيس المجلس الرئاسي.
وشدد المنفي على أهمية الالتزام الصارم بالتعليمات العسكرية والبلاغات الصادرة عنه، خاصة فيما يتعلق بالتحركات العسكرية، التي يجب أن تجرى حصريا بأمر مباشر منه.

ورغم مرور العاصمة طرابلس بمراحل تهدئة متكررة، إلا أن واقع التحشيدات العسكرية، وتضارب المصالح بين القوى المسلحة، وضعف المسار السياسي، يجعل المدينة عرضة للانزلاق مجددًا إلى مربع الفوضى.

كُتب بواسطة سالم محمد

Exit mobile version