شهدت المدة القليلة الماضية، على غير العادة، تكثيفا للزيارات واللقاءات التي يجريها مسؤولون دبلوماسيون وعسكريون أمريكيون كبار مع القادة العسكريين في ليبيا، خاصة في المنطقة الغربية.
وبينما كانت الزيارات السابقة مقتصرة على قادة الجيش من الصف الأول في كل من الجسمين العسكريين في الشرق والغرب، شملت هذه المرة قادة أبرز التشكيلات العسكرية والأمنية في المنطقة الغربية، مما يثير عديد القراءات عن دوافعها وأهدافها في هذا الوقت.
قوة مشتركة
الملحق الأمريكي بوزارة الدفاع أكد، خلال لقائه رئيس الأركان العامة للجيش الليبي محمد الحداد في الـ 29 فبراير الماضي، دعم واشنطن لجهود توحيد الجيش الليبي وتحسين كفاءته، وحماية سيادة ليبيا.
واقترح الملحق العسكري تشكيل قوة مشتركة تكون خطوة أولى نحو توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، وتدريب القوات المساندة ودمجها في المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة، لتحقيق الاستقرار.
وفي خطوة غير مسبوقة ومثيرة للتساؤلات، تقدم الملحق بطلب إلى رئيس الأركان العامة، لزيارة رئاسة أركان القوات البحرية والبرية والمناطق العسكرية والألوية العسكرية الموجودة في نطاقها.
دورات تدريبيّة
وشملت زيارات الملحق العسكري الأمريكي معسكر “اللّواء 444 قتال إذ بحث، خلال لقائه آمر اللواء محمود حمزة، إمكانية إ
تقديم عدّة دورات تدريبيّة في عدة مجالات لرفع المستوى القتالي لأفراد اللواء.
ومن جانب آخر، ناقش الملحق العسكريّ الأمريكي، خلال زيارته لمقر المنطقة العسكرية الغربية مع معاون رئيس الأركان وآمر المنطقة العسكرية الساحل الغربي صلاح الدين النمروش رفقة مساعد اللواء 52 مشاة، التنسيق في جوانب التدريب العسكري المختلفة.
الفيلق الإفريقي
الحراك الأمريكي المتسارع مؤخرا في ليبيا يأتي بالتزامن مع التحضيرات الروسية لإطلاق ما يسمى “الفيلق الأفريقي” وهي القوة العسكرية التي ستعمل في عدة بلدان إفريقية منها ليبيا وتتبع بصفة مباشرة وزارة الدفاع الروسية.
صحيفة بلومبرغ الأمريكية قالت إن المجموعة القتالية الجديدة التي يجري تشكيلها سيبلغ قوامها 20 ألف جندي للقيام بعمليات في 5 دول إفريقية، هي بوركينا فاسو وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى والنيجر بدءا من منتصف العام الجاري.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإن الفيلق سيتخذ من إفريقيا الوسطى مقرا إقليميا جديدا له، وسيضم معظم مقاتلي فاغنر عبر دمجهم في قوات قتالية مختلفة بعد انسحابهم من أوكرانيا.
قراءة مغايرة
وفي قراءة مغايرة للأحداث، يرى السياسي الليبي عبد الرزاق العرادي أن زيارات العسكريين الأمريكيين لبعض القادة العسكريين في ليبيا؛ المتزامن مع رفض باتيلي لنتائج اجتماع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة في تونس منذ يومين، يشي بوجود انقلاب عسكري يلوح في الأفق.
وأوضح العرادي، وفقا لحسابه على منصة إكس، أن المطروح هو إسقاط كل الأجسام السياسية وتشكيل مجلس عسكري وحكومة تشرف على إجراء انتخابات على المقياس.
إستراتيجية جديدة
وفي سياق متوازٍ مع الجانب العسكري، تسعى التحركات الأمريكية إلى تأمين مصادر بديلة للطاقة من خلال النفط والغاز الليبيين خوفا من توسع التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وخروجها عن نطاق السيطرة.
صحيفة Giornale الإيطالية كشفت، في الـ 29 من يناير الماضي، عن إستراتيجية أمريكية جديدة في ليبيا تهدف لتأمين الإمداد النفطي عقب تزايد التهديدات في منطقة البحر الأحمر والشرق الأوسط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي.
تأمين الإمداد النفطي
الصحفي الإيطالي “ماورو إنديليكاتو” يرى، في مقاله بالجريدة الإيطالية، أن الولايات المتحدة تتجه إلى طرابلس للتزود بالنفط في ظل إعاقة الحوثيين لحركة التجارة المتجهة إلى قناة السويس.
وأشار “إنديليكاتو ” إلى أن لقاء السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند برئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، في يناير الماضي، جاء لمحاولة وضع أسس شراكة محتملة لزيادة إنتاج النفط الليبي.
فهل تنعكس هذه التحركات على المشهد السياسي في المدة القادمة؟