Menu
in

12 عاما على ذكرى التحرير.. هل تحررت ليبيا من حكم العائلة ؟

12 عاما مرت على ليبيا منذ إعلان تحريرها من نظام القذافي الذي جثم على كرسي حكمها طيلة أربعة عقود لم يكن الحكم فيها إلا له ولأبنائه، أربعة عقود من حكم العائلة تلاها عقد من التذبذب والبحث عن مسار يرتضيه الليبيون يقود البلاد من حكم الفرد إلى حكم الشعب في ظل دولة مدنية ترفع مبادئ الحقوق والحرية.

أول تجربة انتخابية
في السابع من يوليو عام 2012، شهدت ليبيا أولى الانتخابات التشريعية لاختيار ممثلي المؤتمر الوطني العام ليخلف المجلس الوطني الانتقالي الذي قاد البلاد منذ بداية انطلاق ثورة فبراير.
التجربة الديمقراطية الأولى التي عاشها الليبيون غداة سقوط حكم القذافي، شارك فيها أكثر من مليونَي ناخب ليبي من أصل 2.9 مليون يحق لهم الانتخاب، لتنتج تلك الانتخابات جسما تشريعيا باسم المؤتمر الوطني العام يضم 200 مقعد، 120 منها للأحزاب السياسية التي جُرّمت في الفكر الأخضر بمقولة ” الحزبية إجهاض للديمقراطية” و “من تحزب خان”.

الكرامة والفجر
بعد عامين من تولي المؤتمر الوطني السلطة، أطلق حينها خليفة حفتر عملية أسماها “الكرامة” بدعوى محاربة الإرهاب والتطرف بدأت من مدينة بنغازي لتعود البلاد على إثرها إلى دوامة العنف والسلاح.
وفي ردّ فعل على التمرد العسكري الذي قاده حفتر في بنغازي، أعلنت القوى العسكرية غرب البلاد عملية مضادة أسمتها “فجر ليبيا” بدعم من المؤتمر الوطني الذي أعلن حفتر الانقلاب عليه وتجميده في بيان متلفز

لجنة فبراير والنواب
الانقسام العسكري التي تسببت به حرب حفتر لم تنجُ منه المؤسسات التشريعية، فقد شهدت البلاد ولادة مجلس النواب في انتخابات أجريت شهر أغسطس 2014 وفقا للوثيقة الدستورية الصادرة عن لجنة فبراير.
وبعد شهرين من انتخاب مجلس النواب، أصدرت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا حكما بإلغاء انتخابات المجلس وكل القرارات الصادرة عنه، ومنها الحكومة التي شكلها برئاسة عبدالله الثني، ليبدأ فصل جديد بانقسام السلطة التشريعية.

اتفاق الصخيرات
بعد ذلك بنحو عام، اتجهت الأطراف الرئيسية إلى حوار سياسي برعاية من الأمم المتحدة انتهي باتفاق سياسي وقعته الأطراف الممثلة لمجلس النواب والمؤتمر العام بمدينة الصخيرات المغربية.
وتضمن اتفاق الصخيرات إعادة الشرعية للجسمين التشريعيين ليكونا شريكين، واعتبر الاتفاق مجلس النواب الهيئة التشريعية والمجلس الأعلى للدولة المؤتمر الوطني سابقا جسما استشاريا شريكا للنواب، إلى جانب تشكيل مجلس رئاسي وحكومة جديدة “حكومة الوفاق الوطني” بدلا عن حكومتي الشرق والغرب.
وعلى الرغم من أن اتفاق الصخيرات كان برعاية أممية وأقرّه مجلس النواب وحظي بتأييد شعبي، إلا أن حفتر عارضه بشدة ليستمر بعدها المجلس الرئاسي في حكم الغرب فقط بـ5 من أصل 9 أعضاء يتشكل منهم، وتستمر حكومة الثني من حكم مناطق سيطرة حفتر.

حرب طرابلس
ومن 2015 إلى 2019، شهدت الساحة السياسية الليبية محاولات للمقاربة بين الأطراف الفاعلة تمثلت في اجتماعات ومؤتمرات في عواصم عربية وأوروبية من باريس الفرنسية إلى أبوظبي الإماراتية مرورا بباليرمو الإيطالية.
أما مؤتمر غدامس الذي لم يرَ النور وهو آخر تلك المحاولات الرامية للحل وإنهاء الصراع بحوار سياسي، فقد فشل نتيجة الحرب التي شنتها قوات حفتر على العاصمة طرابلس في 4 أبريل قبل 10 أيام من انطلاق المؤتمر.

اتفاق جنيف
حرب حفتر التي أجهضت مؤتمر غدامس زادت الشرخ في جسد ليبيا أكثر من ذي قبل، فلم يعُد الصراع من حينها ليبيًّا فحسب بل تعداه لتصبح البلاد ساحة تصفية حسابات بين الأطراف الإقليمية والدولية على الأراضي الليبية.
وعلى ضوء النزاع الذي تشابكت خيوطه سارعت أطراف سياسية ليبية والأمم المتحدة إلى إطلاق حوار سياسي جديد يهدف إلى طي صفحة النزاع والحروب، تمثل في تشكيل البعثة الأممية برئاسة ستيفاني وليامز لجنة 75 التي بدأت اجتماعاتها بمدينة جنيف أكتوبر 2020 بهدف إيجاد توافق حول سلطة تنفيذية وتحديد موعد لإجراء الانتخابات.
وانتهى ملتقى الحوار السياسي في جنيف باختيار حكومة مؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومجلسا رئاسيا برئاسة محمد المنفي وعضوية موسى الكوني وعبد الله اللافي.

فشل الانتخابات
الحكومة والرئاسي الذين نتجا عن حوار جنيف كان أول المهام الموكلة إليهما هو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 من ديسمبر 2021 مع عدم ترشح رئيس الحكومة كما تعهّد قبيل اختياره في ملتقى الحوار.
وواجهت العملية الانتخابية أسبابا عديدة أدت إلى قطع الطريق أمامها وإفشالها، أولها غياب التوافق على الأساس القانوني، يليها ترشح رئيس الحكومة واخلاله بتعهده، إضافة إلى استقالة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش قبيل شهر من موعد العملية الانتخابية.

مقاربة سياسية
الفشل الذي لحق العملية الانتخابية في ديسمبر 2021، أعطى دفعة لأطراف فاعلة على الساحة الليبية لقيادة مسار جديد ليبي ليبي بعيدا عن الأطراف الدولية والإقليمية.
ذلك المسار تمثل في مبادرة من فتحي باشاغا وأحمد معيتيق لزيارة الشرق ولقاء حفتر في بنغازي إلى جانب تشكيل الحكومة الليبية باتفاق مجلسي النواب والدولة برئاسة باشاغا لقيادة البلاد نحو الانتخابات في مارس 2022، غيرَ أن هذه المبادرة اصطدمت برغبة حكومة الدبيبة في الاستمرار في السلطة.

لجنة 6+6
إلى ذلك ومع نهاية فبراير 2023، أصدر مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة التعديل الدستوري الثالث عشر الذي يتضمن تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين لإعداد القوانين الانتخابية، وتنص المادة 31 منه على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تجرى خلال مدة أقصاها 240 يومًا من دخول قوانين الانتخابات الصادرة عن لجنة 6+6 حيز التنفيذ.
وفي نهاية مايو، بدأت اجتماعات اللجنة المشتركة في مدينة أبوزنيقة المغربية لتعلن بعد أسبوعين اتفاقها على كافة نقاط الاختلاف بشأن قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وفي الخامس من أكتوبر الجاري، أصدر مجلس النواب القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6، وأحالها إلى مفوضية الانتخابات، وتزامن ذلك مع قرار مجلس الدولة حلّ فريقه في لجنة 6+6 وتأكيد تمسكه بمخرجات بوزنيقة.

ماذا بعد؟

وبحسب التعديل الدستوري الثالث عشر والخارطة التنفيذية للقوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6 فإن المرحلة التالية هي تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومتي الشرق والغرب والعمل على التجهيز للانتخابات التي يفترض إجراءاها قبل انقضاء 240 التي حددت لها في ظل وضع مشابه من حكم الفرد والعائلة في شرق البلاد كما في غربها.. فهل ستصل ليبيا قبل هذه المدة إلى الاستحقاق الانتخابي أم ستعود إلى دوامة المراحل الانتقالية مرة أخرى.

كُتب بواسطة Journalist

Exit mobile version