in

إعمار درنة.. مخاوف من الفساد ودعوات لتشديد الرقابة

في الوقت الذي ما تزال فيه مدينة درنة تلملم جراحها وتبحث عن مفقوديها الذين جرفتهم السيول بمنازلهم إلى البحر بدأ الحديث عن ما بعد الكارثة، من إعادة إعمار المدينة، ودفعت التجارب السابقة مع الفساد المتغلغل في مؤسسات الدولة سياسيون ومواطنون إلى المطالبة بضرورة إبعاد الفساد عن ملف الإعمار وتشديد الرقابة على مساعي إعادة تأهيل المدينة المنكوبة.

شركات دولية

أهالي مدينة درنة كانوا أول من طالب بأبعاد الفساد المستشري في البلاد عن ملف إعادة إعمار المدينة، حيث طالبوا في مظاهرة حاشدة أمام مسجد الصحابة بتسليم الملف إلى شركات أجنبية وتحت إشراف دولي؛ لضمان جودة العمل وقطع السبل على تسرب الفساد.

وشدد أهالي درنة، في بيان لهم خلال مظاهرة حاشدة أمام مسجد الصحابة، على ضرورة إتمام إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن عن طريق هيئات وشركات عالمية متخصصة بما يتوافق مع تراث المدينة التاريخي إلى جانب التحقيق في الكارثة التي حلت بالمدينة ومحاسبة المسؤولين عنها.

خطة محكمة

وفي سياق متصل قال رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك إن الديوان يسعى إلى وضع خطة محكمة للرقابة على برامج إعادة إعمار المناطق المنكوبة بما يضمن توفير معايير النزاهة والشفافية وحسن التصرف في الأموال المخصصة للإعمار.

جاء ذلك خلال لقائه وفدا أميركيا ضم مسؤول العلاقات الاقتصادية بالسفارة الأمريكية مارينا قلانيكا، وممثل الوكالة الأمريكية للتنمية جون كارديناس تناول تداعيات انهيار سدي وادي درنة وأبومنصور، وإجراءات الرقابة على أي منح أو إسهامات دولية لإعادة الإعمار، وضمان التصرف فيها بشكل سليم.

الميزانيات المرصودة

وفي وقت سابق صوّت البرلمان على إقرار ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليارات دينار ليبي؛ لمعالجة آثار الفيضانات في المناطق المتضررة من العاصفة دانيال.

في المقابل أعلن عبدالحميد الدبيبة تخصيص ملياري دينار لصالح صندوق إعمار مدينتي بنغازي ودرنة الذي سيتولى الإشراف على برنامج إعادة الإعمار.

جهاز بذمة مالية

وفي ظل المخاوف من استطالة يد الفساد على أموال الإعمار شدد عضو مجلس النواب خليفة الدغاري على ضرورة تشكيل جهاز بذمة مالية يتولى إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة كما حدث في عهد المملكة لإعادة إعمار مدينة المرج التي ضربها الزلزال، منوهاً إلى أن الرقابة على جهاز منفصل أسهل وأجدى من مراقبة حكومة كاملة.

وبين الدغاري في حديث للرائد أنه في السابق شكلت لجنة لإعادة إعمار درنة وخصص لها 600 مليون دينار، منوهاً إلى أن الميزانية التي خصصت لدرنة قبل عامين لو صرفت وفق دراسات وشفافية لما وقعت كارثة السيول.

استراتيجية واضحة

ويوافق الدغاري في رأيه عضو المجلس الأعلى للدولة منصور الحصادي الذي طالب بإنشاء جهاز خاص بذمة مالية مستقلة وميزانية مستقلة، يصدر بقانون، لضمان حقوق درنة، وإنشاء ‏مكتب تنفيذي للجهاز يضم أهالي درنة من ذوي الخبرة والنزاهة، وفق قوله.

وأكد الحصادي، في تصريح صحفي، ضرورة وضع خطة واستراتيجية للتأهيل والإعمار واضحة بمراحل ووعاء زمني محدد، وحمايته من الفساد وإبعاد المدينة عن التجاذبات السياسية.

وأوضح الحصادي أن المرحلة تتطلب أيضا استكمال مشروعي 2000 وحدة سكنية و732 وحدة سكنية في مدينة درنة، وبناء بيوت جاهزة داخل المدينة، وتوفير بدل إيجار للمتضررين.

تشديد الرقابة

إلى ذلك شدد رئيس التجمع الوطني للأحزاب الليبية عبدالله التقاز على ضرورة تشديد الرقابة على عمليات إعادة الإعمار، فالأرقام المرصودة كبيرة، ويجب أن تبعد عن الفساد.

وأوضح التقاز في حديث للرائد أن هناك مخاوف من وصول الفساد لملف إعمار مدينة درنة والمناطق المنكوبة الأخرى، منوهاً إلى ضرورة إقامة مؤتمر دولي لإعادة إعمار درنة والمدن المتضررة، مطالبا بتأسيس صندوق دولي تشرف عليه الأمم المتحدة لإقامة هذه المشاريع بتمويل محلي وخارجي لضمان إعادة الحياة للمناطق المتضررة.

تقليل حجم الفساد

ويرى الكاتب السياسي عبدالله الكبير أن الأيادي الفاسدة تشحذ سكاكينها الآن لتقتطع حصتها من أي أموال تخصص لإعادة إعمار درنة والمناطق المنكوبة.

وشدد الكبير في حوار مع الرائد على أن الأولوية الآن هي عقد مؤتمر علمي يبحث إعادة الاعمار لدرنة وكل المناطق المتضررة، وعند الشروع في إعادة الإعمار لابد من حضور مؤسسات دولية لضمان الشفافية وتقليل حجم الفساد.

وأردف الكبير “إذا أوكل هذا الملف للسلطات الحالية وحدها دون مشاركة دولية فلا ضمانات لحماية الأموال المخصصة للإعمار من الفساد”

حجم الأضرار

ووفقا للفريق الحكومي المكلف بحصر الأضرار في مدينة درنة فقد قدر العدد الإجمالي للمباني المتضررة من السيول والفيضانات بنحو 1500 من إجمالي 6142 مبنى في المدينة.

وتشير الإحصائية الأولية إلى أن عدد المباني المدمرة بشكل كامل بلغ 891 مبنى وبشكل جزئي 211 وحوالي 398 مبنى غمرها الوحل، وتقدر المساحة الإجمالية للمنطقة التي غمرتها السيول والفيضانات في درنة ب6 كيلومترات مربعة.

ويدفع المتخوفون من عبث الفساد في ملف الإعمار تجارب سابقة مع الفساد المتغلغل في مؤسسات الدولة…
فهل ستنجو ميزانيات الإعمار من الفساد أم سيكون مصيرها جيوب المسؤولين؟

الاحتفال بالألعاب النارية عادة سيئة ومضرة … تفسد الفرح بذكرى المولد النبوي الشريف

طبيب ليبي: عدة أطفال أصابهم اكتئاب أو فقدان النطق أو حاولوا الانتحار جراء صدمة الفيضانات بدرنة