Menu
in

كيف نقدم الرعاية الطبية لمرضى ما بعد كوفيد-19؟

ما زال مرض كوفيد-19 الناتج عن فيروس سارس-كوف-2 يثير القلق، فالمرض الذي أصاب أكثر من خمسين مليوناً وتسبب في وفاة أكثر من مليون شخص لا يزال ينتشر حول العالم، في ظل موجة ثانية من الإصابات أدت إلى عودة بعض الدول إلى الإجراءات الاحترازية المشددة التي وصلت إلى الإغلاق الكامل، ومطالبة المواطنين بالبقاء في البيوت في بعض الأحيان.

* مرض كوفيد-19 طويل الأمد

لكن يبدو أننا ونحن نترقب الموجة الثانية من كوفيد-19 لم نتعاف بالكامل من آثار الموجة الأولي، فقد وجد الأطباء أن بعض المرضى الذين أصابهم الفيروس ما يزالون يعانون من أعراض طويلة الأمد في العديد من أجزاء وأجهزة الجسم، قد تحدث حتى لدى بعض المرضي الذين لم يعانوا من أعراض مرضية حادة أو عنيفة أثناء الإصابة بالمرض؛ اصطلح الباحثون والأطباء علي تسمية هذه الحالة “ما بعد الحالة الحادة من كوفيد-19” أو “مرض كوفيد-19 الطويل”.

حتى الآن لا يوجد تعريف متفق عليه لهذه الحالة، لكن بعض الأطباء والباحثين يصفونها بكونها “الحالة التي تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع من ظهور أول عرض من أعراض الإصابة بالفيروس”.

كما يعرّفون مرض “كوفيد-19 المزمن” بالمرض الذي يستمر لمدة تتجاوز اثني عشر أسبوعا من الإصابة. نظرا لعدم قيام العديد من الأشخاص بإجراء تحليل تفاعل سلسة البولميريز PCR (وهو التحليل الرئيسي اللازم لتشخيص المرض) ووجود نتائج خاطئة لهذا التحليل، ويرى الباحثون أن عمل التحليل ليس ضروريا لتشخيص ما بعد الحالة الحادة من كوفيد-19.

بشكل عام، يمكن تقسيم المصابين بهذه الحالة إلي نوعين أو فئتين رئيسيتين:

الفئة الأولى.. هي المرضى الذين يعانون من أعراض حادة أو عنيفة (مثل المرضى الذين يصابون بمشاكل في تجلط الأوعية الدموية تترتب عليها مضاعفات كبيرة).

الفئة الثانية.. وتشمل المرضى الذين لا يعانون من أعراض مرضية واضحة أو محددة، تشمل عادة الإحساس الدائم بالتعب والإجهاد وعدم القدرة علي التنفس بشكل طبيعي.

* هل الحالة شائعة؟

طبقا لدراسة بريطانية قام فيها المرضى بتسجيل أعراضهم من خلال تطبيق على أجهزة المحمول الخاصة بهم، يعاني حوالي 10 % من المرضى الذين حصلوا على تحليل إيجابي لكوفيد-19 من استمرار الإحساس باعتلال الصحة لمدة تتجاوز ثلاثة أسابيع، وقد يستمر هذا الإحساس في نسبة أقل لمدد تصل إلى شهور.

لكن هذه النسبة أقل من تلك المذكورة في دراسات أخري سعت لتقييم نفس المشكلة؛ فقد أشارت نتائج دراسة أجريت في الولايات المتحدة مثلا، إلى أن 65 % فقط من الأشخاص الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19 قد عادوا إلى نفس مستوى صحتهم السابق بعد مدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تشخيص المرض، وهو ما يشير إلى استمرار وجود الأعراض في نسبة ليست بالقليلة من المرضى.

* لماذا تحدث هذه الحالة لبعض المرضى دون غيرهم؟

ليس هناك سبب معروف أو محدد لحدوث هذه الأعراض. تشير بعض الآراء إلى:

– أن استمرار وجود الفيروس في الجسم نتيجة ضعف جهاز المناعة في مواجهته قد يكون أحد الأسباب.

– وقد تمثل الالتهابات المصاحبة للمرض واستجابة جهاز المناعة للفيروس سببا آخر لحدوث هذه المشكلة.

– وربما تكون المشكلة نفسية، نتيجة التوتر والقلق الناتج عن الإصابة بالمرض، خاصة في ظل حالة القلق العالمي المرتبط بهذا الوباء.

* ما هي أعراض مرض كوفيد-19 الطويل؟

هناك العديد من الأعراض التي وصفها المرضى الذين عانوا من هذه الحالة، بعضها مضاعفات تتعلق بالجهاز التنفسي، والبعض الآخر يحدث في العضلات أو الجهاز العصبي.

قد يعاني المريض من أعراض جسدية، مثل:

– استمرار بعض الأعراض مثل السعال، صعوبة التنفس، آلام الصدر، الصداع، ارتفاع بسيط في درجة الحرارة، إعياء مستمر، آلام وضعف العضلات، مشاكل في الجهاز الهضمي، اضطراب في التمثيل الغذائي (عدم التحكم في مستوي السكر في مرضي السكري)، مشاكل تتعلق بتجلط الأوعية الدموية.

– بعض المرضى أيضا يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، والذي قد يرتبط بفقدان للشهية.

وتتفاوت هذه الأعراض في حدتها، وقد تختفي وتظهر عدة مرات.

* كيف يتم تشخيص وعلاج هذه الحالة؟

يعتمد التشخيص مبدئيا على استمرار وجود أعراض لدى مريض كوفيد-19 لمدة 3 أسابيع أو أكثر، وعند طلب المساعدة الطبية يقوم الطبيب بتقييم التاريخ المرضي (خاصة إذا كانت هناك أمراض مصاحبة) والأعراض والفحص الإكلنيكي.

بعض المرضى قد لا يحتاجون إلى أية فحوصات، لكن قد يتم طلب التحاليل حسب الحالة والأعراض والتاريخ المرضي والفحص الطبي.

وترتبط بعض هذه التحاليل بتطور مرض كوفيد-19 نفسه، والبعض الآخر قد يمثل بحثا عن المضاعفات التي ترتبت على المرض. على سبيل المثال قد يتم عمل صورة دم كاملة لاستبعاد فقر الدم في حالات صعوبة التنفس، وكذلك لتشخيص زيادة عدد خلايا الدم البيضاء (التي ترتفع في حالة حدوث عدوى أو التهابات)، أو نقص الخلايا الليمفاوية (وهي العلامة التي تدل على خطورة الإصابة بكوفيد-19).

هناك أيضا بعض الدلالات التي تساعد في تشخيص الالتهابات الحادة (مثل بروتين سي المتفاعل)، أو التحاليل الخاصة بتجلط الدم.

تنصح إرشادات جمعية أمراض الصدر البريطانية الخاصة بمتابعة مرضي كوفيد-19 الذين عانوا من أعراض تنفسية شديدة، بعمل أشعة عادية على الصدر بعد 12 أسبوعا من تاريخ الإصابة بالمرض؛ وفي حال ظهور أعراض جديدة أو تطور الأعراض يجب المتابعة مع طبيب مختص حسب طبيعة الأعراض.

إذا ثبت وجود ضرر في الرئة من خلال الأشعة فقد يتم عمل فحوصات أخرى ومتابعة الحالة من أجل إعادة تأهيل وظائف الرئة.

ينقسم العلاج الخاص بالحالة إلي قسمين:

– الأول يقوم به المريض بنفسه، حيث يمكن للمريض قياس نسبة الأكسجين في الدم لنفسه في المنزل إذا كان يعاني من أعراض تنفسية (من خلال جهاز التأكسج النبضي Pulse Oximeter).

يجب على المريض أيضا اتباع العادات الصحية السليمة في الغذاء والنوم والتوقف عن التدخين والحد من تناول الكافيين والكحوليات، كما أن عليه الحصول على قدر كاف من الراحة وممارسة الرياضة بشكل تدريجي إذا كان يستطيع ذلك.

– القسم الثاني هو العلاج الدوائي، والذي قد يشمل علاج الأعراض كارتفاع درجة الحرارة، أو استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوي البكتيرية التالية للمرض، وعلاج المضاعفات بحسب نوعها.

الدعم النفسي يجب أن يقدم كذلك لهؤلاء المرضى، سواء من خلال الأطباء المعالجين، أو من العائلات والمجتمع ككل من خلال مجموعات الدعم النفسي على سبيل المثال.

المصدر- موقع صحتك

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version