in

تيه السياسة المصرية في الصراع الليبي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمن يعتبرهم شيوخ وأعيان القبائل الليبية يعكس أزمةَ السياسة المصرية الخارجية تجاه الملف الليبي، ومعاناتِها بفقدان أدوات التحرّك المؤثر في المشهد الليبي، مما يثير تساؤلاً مُلِحّاً عن طبيعة الدور المصري القادم في الملف الليبي.

ورطة تنامي الدور الروسي وهزيمة حفتر:

من أهم العوامل التي تضع مصر في موقف صعب إزاء الملف الليبي هو تصدّع الحلف الذي يدعم حفتر ويعوّل عليه في إنهاء الصراع، ففرنسا التي وفّرت الغطاء السياسي لحفتر دولياً وجدت مصالحها مهددة بشكل كبير في ظل وجود عسكري روسي يتنامى، وتوجّه موسكو إلى التعويل على رئيس نواب طبرق عقيلة صالح بدل حفتر، مما يجعل رهان باريس على حفتر تأكدت خسارتُه، وهي الآن تحاول الخروج بمقاربة تضمن تقارباً أوربياً مع موسكو يقطع الطريق أمام تركيا ويضمن مصالح فرنسا بالدرجة الأولى ثم أوروبا في ليبيا، إلا إن التوجّه لا يلقى ترحيباً في الاتحاد الأوروبي ويبدو أن باريس ستتخلى عنه.

أيضاً فإن استمرار القاهرة في دعم خليفة حفتر أصبح يزعج واشنطن الذي تراه المسؤول عن الوجود الروسي في ليبيا، وهو ما انعكس في تحرّكات القاهرة الأخيرة التي استبعدت وجود حفتر ضمن أي حديث أو لقاء يتعلّق بليبيا، بل جعلت أبوظبي أيضاً مرتبكة وحذرة في تعاملها مع الملف الليبي خاصة بعد البيان الأمريكي بشأن إعادة إغلاق النفط.

فشل إعلان القاهرة واستدعاء القبيلة:

لجأ نظام السيسي إلى استخدام البُعد القبلي ليُضفي على تدخله في المشهد الليبي أي نوع من الشرعية مهما كانت مصطنعة أو زائفة، فإعلان القاهرة تم تأبينه ببيانات الدول التي اعتبرته إعلان حسن نوايا من القاهرة لحل الأزمة الليبية، وليس إطاراً لحلها، وهو ما جعل القاهرة تُدرِك أن عقيلة صالح أصبح خارج يدها، وهو أقرب إلى روسيا، وهي بذلك تفقد أداة سياسية مهمة كانت تستخدمها للتدخّل، ولا يمكن أن ننسى جلسة مجلس الشعب المصري التي استضافت نواب طبرق وعلى رأسهم عقيلة صالح قبل أن يستقطبه النفوذ الروسي الذي ضمن له إخراج منافسه الأبرز حفتر من المشهد.

التبختر العسكري والعجز السياسي:

محاولات السيسي استعراض القوة العسكرية وأنه قادر على التدخل في ليبيا عسكرياً بشكل حاسم لا يعدو كونَه انتفاشاً وانتفاخاً غير جاد، فالسيسي نفسُه وقياداتُه العسكرية تُدرك جيداً خطورة التورّط باتخاذ مثل هذه الخطوة، فمواجهة تركيا في ليبيا يمثّل بالنسبة لواشنطن دعماً لروسيا واصطفافاً معها، حيث تعتبر واشنطن الوجود التركي حالياً هو الضمانة الأهم لمنع التمدّد الروسي في ليبيا، كما أن تركيا هي الأقدر على التفاوض مع روسيا إقليمياً.

من جانب آخر تدرك مصر أن التورّط في حرب خارج حدودها سيرفع من حجم مديونيتها الثقيلة أساساً، وسيجعلها أكثر ارتهاناً لأبوظبي، كما أن حسم المعركة في حال التدخل لن يكون سهلاً، وما يحدث في اليمن يجعل هذا الأمر مستبعداً جداً حفاظاً على هيبة المؤسسة العسكرية ورفاهية جنرالاتها.

ليبيا متنفس السيسي من الأزمة مع أثيوبيا:

التركيز المصري على الملف الليبي ومحاولة الظهور فيه بمظهر القوة والحسم هو محاولة لتنفيس الاحتقان الداخلي بسبب أزمة سد النهضة، وفشل القاهرة في منع أديس بابا من فرض الأمر الواقع ببدئها ملء الخزان دون الوصول إلى اتفاق.

ويؤكد هذا خطاب السيسي المترنّح بين التهديد بالقوة والمُنادي بالسلام، فهو يستعرض أمام شعبه، ويدرك أنّ الحل السياسي هو الأفضل لجميع الأطراف بما فيها مصر، غير أن إصرار القاهرة على التعامل مع الملف الليبي بشكل منحاز لمعسكر الكرامة، ورفضها فتح قنوات تواصل جادة وحقيقية مع حكومة الوفاق سيجعلها غير مؤثرة في أي تسوية قادمة وربما تتضرّر مصالحها بسبب تورّطها المتزايد في دعم حفتر.

في ذكرى اختطافها …الاتحاد الأوروبي: “لم نسمع حتى الآن عن إجراء تحقيق في قضية سرقيوة”

بِمَ وصف أردوغان التدخل الإماراتي في ليبيا؟