مؤشر خسائر إغلاق الموانئ والحقول والمنشآت النفطية في ليبيا يتصاعد كل يوم، وفق حسابات المؤسسة الوطنية للنفط مند 2011، الذي بلغ 231 مليار دولار، بحسب رئيسها مصطفى صنع الله، في وقت كانت فيه ليبيا تصدر في أكثر من مليون وثلاثمائة مليون برميل.
إغلاقات المنشآت النفطية تكررت منذ عام 2011 في مسلسل ممنهج من الابتزاز والصراع، بما يظهر مدى أهمية قطاع النفط في ليبيا، ومعرفة مغلقيه ومدى تأثيره على المجتمع الليبي، لأنه المصدر الوحيد لقوت الليبيين.
كان أول الإغلاقات، قيام المدعو إبراهيم الجضران في منتصف 2013، بصفته آنذاك رئيساً لحرس المنشآت النفطية، الذي استمر لأكثر من عشرة أشهر، تسبب في خسران الدولة الليبية لأكثر من 130 مليار دولار، وفق إحصائيات رسمية، التي حاول الجضران في خلالها من تحميل ناقلة بالنفط الخام، التي تمكن الأسطول السادس الأمريكي من اعتراضها وتحويل وجهتها لطرابلس.
ومن بين الشبه التي سجلت على المدعو الجضران، تواصله مع رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق، وصاحب شركة “للتأثير على السياسات الخارجية” في كندا، المدعو “آري بن ميناشي” الذي تحدثت صحف غربية عن توقيع عقد بينهما بشبهة بيع النفط الليبي خارج الأطر الرسمية والقانونية.
وبعد وقت قارب على السنتين، اختفى فيها الجضران، شب نزاع بينه وبين ميلشيات حفتر التي كانت تستولي على الموانئ النفطية تسببت في أضرار مادية كبيرة، بعد توقف إنتاج النفط وتدمير جزء مهم من البنية التحتية.
وتولى المهمة بعده قائد ميلشيات العدوان على طرابلس، حفتر، الذي حاول منع المؤسسة الوطنية للنفط، من ممارسة عملها في تصدير البترول، والذي استمر ما يقارب الشهر كان قرر تسليمها للمؤسسة الموازية في بنغازي، حتى تراجع؛ نتيجة ضغوط أمريكية وغربية، بإعادتها للمؤسسة النفط الرسمية والمعترف بها دولياً في طرابلس.
أيضاً شهدت حقول النفط في الجنوب الليبي، عدد امن الإغلاقات، كان أحدها قيام مجموعة تسمي نفسها “حراك فزان” بإغلاق الحقل في ديسمبر عام 2018، بحجة المطالبة بحقوق المنطقة الجنوبية، غير أنها لم تدم طويلاً، لكنها تظل تؤثر في جاهزية المنشآت النفطية نفسها وصيانتها وتشغيلها.
وأخر هذه الإغلاقات قيام حفتر بتكليف أتباعه بإغلاق الموانئ والحقول النفطية مند الـ18 من يناير الماضي، الذي لايزال يكلف الدولة الليبية خسائر فادحة تتزايد كل يوم، وآخرها إحصاء المؤسسة لتلك الخسائر التي فاقت الـ6 مليارات ونصف المليار حتى الآن، غير ما تتكبده تجهيزات الحقول والأنابيب والآبار من أثر الإقفالات نتيجة منع صيانتها التي كانت مبرمجة لها.
آخر الانتهاكات التي طالت المنشآت النفطية الليبية، دخول مجموعة الفاغنر الروسية لعدد من الحقول، ومن أهمها حقل الشرارة أكبر حقل نفطي في البلاد، الذي ثبت سيطرتهم عليه وعلى حقل الفيل، والموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي، وعسكرتها، والعبث بمحتوياتها وتجهيزاتها.
رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أكد أن إغلاق الموانئ والحقول النفطية سيكلف الدولة الليبية مبالغ باهظة؛ من أجل صيانة تجهيزاتها، مشيراً إلى أن قرار رفع الحصار عن النفط الليبي سيأتي من الخارج، ومن دول إقليمية مستفيدة من الوضع الحالي.
وأضاف صنع الله، في بيان صحفي، بأن الأمر الذي قد لا يدركه البعض هو دور عدد من الدول المشاركة والمستفيدة من الوضع في عرقلة إيجاد حل لإغلاق المنشآت النفطية.
ومع استمرار نزيف هذه الأموال التي حرم منها الليبيون؛ بسبب حماقة وعمالة البعض منهم لا يبدو أن هناك حلا قريبا لاستئناف عودة ضخ النفط المصدر الرئيسي للدخل في الدولة الليبية التي تدفع منه مرتبات العاملين بها، التي تتجاوز عشرين مليار دينار سنويا مع دعم المحروقات الذي يصل مبلغ سبعة مليارات سنويا وغيره من أبواب الإنفاق العام.