Menu
in

كورونا تغير 7000 مرة.. للأفضل أم للأسوأ لنا؟

تشير معطيات جديدة إلى أن فيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض “كوفيد-19” يغيّر من تركيبه، وأن هناك بيئة مناخية بمواصفات معينة يحبذها، فهل التغيرات في هذا الفيروس ستجعله أقل أو أكثر شراسة، وما البيئة التي يفضلها؟

البداية مع تصريحات للطبيب الإيطالي البارز ألبرتو زانجريلو، أمس الأحد، قال فيها إن فيروس كورونا المستجد بدأ يفقد قوته وأصبح أقل فتكا.

وذكر زانجريلو -الذي يترأس مستشفى سان رفاييل في ميلانو بمنطقة لومبارديا في شمال البلاد التي تحمل العبء الأكبر لعدوى فيروس كورونا في إيطاليا- “في حقيقة الأمر، الفيروس لم يعد موجودا إكلينيكيا في إيطاليا”.

وأضاف لمحطة (آر.إيه.آي) التلفزيونية الإيطالية “المسحات التي أخذت على مدى الأيام العشرة الماضية أظهرت حمولة فيروسية متناهية الصغر من حيث الكمية، مقارنة بالمسحات التي أخذت قبل شهر أو شهرين”.

وقال زانجريلو إن بعض الخبراء يبالغون في التوجس من احتمال وقوع موجة ثانية للعدوى، لذا يتعين على الساسة وضع الواقع الجديد في الحسبان.

كيف يتغير الفيروس؟

تتغير الفيروسات عبر حدوث طفرة في مادتها الوراثية، والطفرات هي جزء من الطبيعة الأساسية للفيروسات، وهذا يعني أن هذه التحولات والتغيرات هي جزء طبيعي من دورة حياة الفيروسات. ومع انتشار فيروس كورونا المستجد من شخص لآخر ومن بلد إلى آخر، يعتقد أنه تغير آلاف المرات.

ومن المعروف أن الفيروسات تتكون من مادة جينية موجودة داخل غلاف من البروتين، وعندما يدخل الفيروس إلى خلايا جسم الإنسان، فإنه يبدأ في عمل نسخ جديدة من نفسه لإصابة الخلايا الأخرى.

وفيروس كورونا هو من فيروسات الحمض النووي الريبي (RNA)، وبشكل عام، تميل فيروسات الحمض النووي الريبي إلى معدلات طفرة عالية، بالمقارنة مع فيروسات الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA). ولا يسبب معظم الطفرات في الفيروسات أي مزايا أو مشاكل سواء للفيروس أو للمضيف، أي نحن البشر في هذه الحال.

وهناك سلالتان من فيروس كورونا المستجد وفقا لدراسة أجراها باحثون في كلية علوم الحياة بجامعة بكينغ الصينية ومعهد باستور في شنغهاي:

السلالة “أس” (S-type)، وهي السلالة الأقدم من الفيروس وتبدو أخف أعراضا وأقل عدوى، وهي التي انتشرت في الصين.

السلالة “أل” (L-type)، ظهرت لاحقا بعد سلالة “أس”، وهي أسرع انتشارا.

ومن المرجح أن تكون السلالة الأولى “أس” قد ظهرت في الوقت الذي انتقل فيه الفيروس من الحيوانات إلى البشر، ثم ظهرت الثانية بعد ذلك بوقت قصير.

واقترح بحث نشر الشهر الماضي أن فيروس “سارس كوف 2” أكثر استقرارا إلى حد ما من الأنواع الأخرى من الفيروسات، وذلك في دراسة أسكتلندية نشرت في مجلة فيروس إفيليوشن (Virus Evolution)، وقالت إن هناك ما يزيد قليلا على سبعة آلاف “7000” طفرة موثقة حتى الآن في فيروس كورونا المستجد، وهو ما يمثل حوالي ثلث معدل الطفرات في الإنفلونزا.

واقترحت الدراسة أن هذه الطفرات ليس من المرجح أن تؤثر بشكل كبير على بيولوجيا الفيروس.

ماذا تقول المعطيات؟

هناك أرقام تشير إلى أن فيروس كورونا يتراجع بالفعل كما قال زانجريلو، ففي أوروبا، أدى التحسن في الوضع الصحي إلى الرفع التدريجي للقيود المفروضة على السكان للحد من انتشار المرض. وفي إيطاليا فإن الإصابات والوفيات بكورونا انخفضت بشكل مستمر في مايو/أيار.

وفي فرنسا، قال مسؤولو الصحة الأحد إن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا واصل تراجعه حيث يوجد حاليا 14322 مريضا بالمستشفيات نزولا من 14380 في اليوم السابق. وقالت مديرية الصحة في بيان إن عدد مرضى “كوفيد-19” في وحدات العناية الفائقة انخفض من 1361 إلى 1319.

وفي بريطانيا، يسمح الآن بالتجمع لستة أشخاص كما يمكن للأشخاص الأكثر ضعفا، الذين أجبروا على عزل أنفسهم بشكل تام، الخروج بحذر. ويمكن لبعض المحالّ التجارية مثل تجارة السيارات أو الأسواق استئناف نشاطها.

وقالت السويد أمس الأحد إنها لم تسجل أي حالات وفاة جديدة بمرض “كوفيد-19” خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، للمرة الأولى منذ مارس/آذار.

بالمقابل، هناك رأي آخر، فمثلا الشهر الماضي قال تقرير نشرته بلومبيرغ إن باحثين في مختبر لوس ألاموس الوطني في الولايات المتحدة طرحوا أن متغيرا واحدا على الأقل في فيروس كورونا المستجد، قد تحور بشكل كبير ليصبح الفيروس أكثر تسببا بالعدوى.

ووجد الباحثون أن هناك تغيرات في فيروس “سارس كوف 2” بدأت تهيمن بسرعة مع انتشار الفيروس في جميع أنحاء أوروبا، هذه الطفرات ميزت هذا الفيروس عن النسخة الآسيوية، وأحدها أطلق عليها اسم “سبايك دي 614 جي” (Spike D614G).

وأهمية بروتين سبايك هو أنه المفتاح الذي يستخدمه الفيروس للدخول وإصابة الخلية المضيفة السليمة قبل الاستيلاء عليها واستخدامها في نسخ نفسه، لذلك قد تكون هذه الطفرة تعني انتشارا أكبر للفيروس لاحقا.

ويجب أن ننتبه إلى أنه مقابل تراجع الفيروس في أوروبا، فإنه يتفشى بسرعة في أميركا اللاتينية، حيث تجاوز عدد الإصابات عتبة المليون إصابة مؤكدة.

وفي البرازيل، أدى كورونا إلى أكثر من نصف مليون إصابة وثلاثين ألف حالة وفاة. وفي المكسيك تم إحصاء نحو عشرة آلاف وفاة. وفي البيرو سجل أكثر من 160 ألف إصابة وأكثر من 4500 حالة وفاة.

المناخ

الأخبار المقلقة أيضا أتت من دراسة صينية أخيرا، حذرت من أن فيروس كورونا قد ينتشر بشكل دوري وقد يتكرر التفشي بمدن كبيرة في خريف 2020.

واكتشف الباحثون الصينيون أن أكثر من نصف حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد حدثت في أماكن تتراوح درجة حرارة الهواء فيها بين 5 إلى 15 درجة مئوية، وذلك وفقا لما نقلته وكالة شينخوا.

وكان الباحثون من جامعة لانتشو يأملون في التعرف على البارامترات البيئية التي يمكن لفيروس “سارس كوف 2” من خلالها البقاء على قيد الحياة من أجل فهم نمط انتشاره العالمي.

يذكر أن انتشار فيروس كورونا المستجد يتأثر بعدة عوامل، ودرس الباحثون العوامل الطبيعية التي تؤثر على الجائحة.

كما درس الباحثون تأثير درجة الحرارة المحيطة على الانتشار العالمي لكوفيد-19، وفقا لمقالتهم البحثية التي نشرت أخيرا في مجلة “علوم البيئة الكلية”.

وتمت دراسة العلاقة بين حالات الإصابة المؤكدة اليومية بكوفيد-19 وظروف الأرصاد الجوية بما في ذلك درجة الحرارة والرطوبة، اعتمادا على بيانات ما يقرب من 3.75 ملايين حالة إصابة مؤكدة بكوفيد-19 في 185 دولة ومنطقة خلال الفترة من 21 يناير/كانون الثاني إلى 6 مايو/أيار.

ووجد الباحثون أن الأماكن التي تكون درجة الحرارة فيها 5 إلى 15 درجة مئوية، أبلغت عن 60% من الحالات المؤكدة لكوفيد-19. علاوة على ذلك، تركزت ما يقرب من 73.8% من الحالات المؤكدة في مناطق ذات رطوبة مطلقة من 3 إلى 10 غرامات في كل متر مكعب.

وأشارت النتائج التي توصلوا إليها إلى أن “سارس كوف 2” ينتشر من المناطق الواقعة في خطوط العرض الأدنى والوسطى إلى المناطق في خطوط العرض الأعلى، كما أشارت إلى أن هناك منطقة مناخية مثلى يزيد فيها تركيز “سارس كوف 2” بشكل ملحوظ في البيئة المحيطة بما في ذلك أسطح الأشياء.

وحذر الباحثون من أن الجائحة قد تنتشر بشكل دوري، وقد يتكرر التفشي في مدن كبيرة تقع عند خطوط العرض الوسطى في خريف 2020.

وقال هوانغ تشونغ وي، المؤلف الأول للمقالة البحثية، “لا يمكننا الاعتماد على التخمين الذي يقول إن تفشي كوفيد-19 سيتوقف مع زيادة درجة الحرارة”.

المصدر_الجزيرة

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version