قالت صحيفة لوتان السويسرية إن هناك أكثر من 51 ألف مقالة علمية مدرجة في قاعدة بيانات حول فيروس السارس كوف-2 المسؤول عن وباء كوفيد-19، رغم أنه لم يكن معروفا قبل أربعة أشهر أو خمسة، ومع ذلك فإن معظم الأسئلة الأساسية المتعلقة به لم يتم حلها بعد.
وفي مقال مشترك بين أربعة صحفيين، قالت الصحيفة إن الجمهور يجد صعوبة في تقبل التغيير والتناقض في بعض التوصيات المتعلقة بهذا الوباء، وأرجعت ذلك إلى أن معظم الأسئلة الرئيسية ما زالت من دون حل، رغم أن ملايين العلماء دخلوا هذه الأرض غير المستكشفة، دارسين تسلسل موروث هذا الفيروس وآليات عمله، محاولين صنع لقاح له.
ولخصت الصحيفة هذه الأسئلة التي تعتبرها ألغازا علمية أساسية ما تزال من دون حل في عشرة، واستعرضتها على النحو التالي:
1. كيف بدأ الوباء؟ يطالعك -منذ البداية- اللغز الأول، حيث لا يزال العلماء غير عارفين بدقة من أين يأتي سارس كوف-2، مع أن تحليلات موروثه الجيني تشير إلى أنه أحد فيروسات الخفافيش الصينية، وظهر عبر تحور جيني، كما لوحظ بالنسبة لفيروسات تاجية أخرى.
والأقل تأكيدا –كما تقول الصحيفة- هو كيف اجتاز هذا الفيروس الحاجز بين الأنواع، وبالتالي كيف وصل إلى البشر، فهل “قفز” من الخفاش إلى البشر؟ أم أن هناك مضيفا وسيطا واحدا أو أكثر؟ ومع أن معرفة أصل الفيروس أمر حاسم لمنع ظهوره مرة أخرى، فإنه لا شيء مؤكدا حتى الآن، خاصة أن فرضية كون حيوان البانغولين هو الوسيط بدأ التخلي عنها.
2. كيف ينتقل الفيروس؟ وقالت الصحيفة إن طريقة انتقال الفيروس بهذه السهولة ما يزال محيرا، خاصة أنه حتى الآن أصاب نحو مليوني حالة مؤكدة سريريا، ورغم تأكيد أن الرذاذ الذي يخرج مع السعال أو العطاس أو الكلام ناقل للفيروس، فإنه ما يزال من غير المعروف مدى انتقاله عبر الآلات الطبية والأسطح والبراز والهباء الجوي، علما أن هذه السحب من القطرات غير المرئية أشارت دراسات حديثة إلى أنها معدية، وهو ما يعني أن الفيروس ينتقل عن طريق الهواء.
3. ما معدل الوفيات؟ لم يتم تحديد شدة كوفيد-19 بصورة دقيقة، مع أن منظمة الصحة العالمية حددت معدل الوفيات (عدد الوفيات مقسوما على عدد الحالات المؤكدة) في 28 مارس، بنسبة 4.6%، إلا أن هذا الرقم ربما يكون أقل بكثير من الواقع، إذا وضعت الحالات غير المؤكدة في الاعتبار، مثل من يموتون به دون أن تظهر لديهم أعراض.
ونبهت الصحيفة إلى أن معدل الوفيات لن يعرف بالضبط حتى ينتهي الوباء، مشيرة إلى أن قياس شدة المرض تُستخدم فيه أيضا زيادة معدل الوفيات التي تحدث في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالسنوات السابقة.
4. ما السر في تباين حالات المرض؟ أشارت الصحيفة إلى أن تباين الحالات حيّر الكثير من الأطباء، إذ كيف يمكن تفسير شدة بعض الحالات لدى الشباب والأشخاص الأصحاء، إذا سلمنا أن الشيخوخة ووجود أمراض مزمنة يمكن أن يكونا عناصر مهددة.
وما زال العلماء يقدمون بعض الفرضيات لحل هذا اللغز، ومن بينها “عاصفة السيتوكين”، وهي ظاهرة التهاب مفرط في الجهاز المناعي يسببها الفيروس لدى بعض المرضى، ويمكن أن يكون لها تأثير ضار، مثل انخفاض كبير في ضغط الدم أو الوذمة الرئوية أو ضيق التنفس الحاد، مما قد يؤدي إلى الوفاة.
5. أي دواء يمكن استخدامه؟ قال المكتب الفدرالي للصحة العامة على موقعه على الإنترنت بوضوح إنه “لا يوجد حتى الآن علاج لوباء كوفيد-19، وبالتالي تقتصر الإمكانات العلاجية على علاج الأعراض”.
ومع ذلك، فإن الأطباء تحت تصرفهم بعض الأدوية التي يعطونها حسب كل حالة، اعتمادا على ملف المريض والمخزون المتاح، كمضادات الفيروسات مثل الكاليترا ورمديسيفير، ومضاد الملاريا مثل هيدروكسي كلوروكوين، بالإضافة إلى المضادات الحيوية التي تستخدم أحيانًا لمكافحة العدوى المصاحبة.
6. إلى متى تستمر الحصانة؟ مجهول آخر كبير بشأن وباء كوفيد-19، كما تقول الصحيفة، هو: هل يخرج المرء من المرض وهو محصن؟، وكم مدة هذه الحصانة؟ للجواب عن هذا السؤال لا تزال البيانات حتى الآن غير مكتملة، وبالتالي يعتمد العلماء بشكل أساسي على الدراسات التي أجريت خلال الأوبئة السابقة، كمرض السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
وأظهرت دراسة صينية أجريت على قرود المكاك المصابة بهذا الفيروس أن القرود أنتجت أجساما مضادة محايدة تسمح لها بمقاومة عدوى جديدة، وهي نتائج تدعم أطروحة المناعة المكتسبة، إلا أن من المستحيل الحصول على تقديرات لمدة هذه الحصانة في هذه المرحلة.
7. ما دور الأطفال في نشر الوباء؟ ما دام هناك يقين بأن الأغلبية العظمى من الأطفال أقل تأثرا بهذا الوباء من كبار السن، بحيث يوجد في سويسرا ما يقارب ثمانمئة حالة مؤكدة بين الأطفال من أصل 26 ألف حالة تقريبا، فإن لدى العلماء شكوكا جدية بشأن الدور الدقيق الذي يمكن أن يلعبه الأطفال في انتشار المرض.
ولا يزال العلماء مختلفين بشأن هذه النقطة، كاختلافهم في نقل الأشخاص الذين لا يعانون من الأعراض للوباء، وإن كان الميل الغالب هو أن هاتين الفئتين تنقلان المرض، إلا أن البيانات الحالية لا تسمح باستخلاص أية استنتاجات نهائية.
8. ماذا يعرف عن طفرة الفيروس؟ قالت الصحيفة إن الطرائق الدقيقة لطفرة هذا الفيروس تعد مجالا يجب استكشافه، لأن الطفرات الجينية بيانات مهمة لتطوير لقاح، خاصة أن الفيروسات تفلت من اللقاحات بسهولة أكبر عن طريق تعديل موروثها الجيني بشكل متكرر أثناء الطفرات.
وقالت الصحيفة إن تغير موروث هذا الفيروس الجيني يحدث ببطء نسبيا، حيث يقدر معدل الطفرة فيه بأقل من 25 طفرة في السنة، وهو نصف معدل فيروس الإنفلونزا المسؤول عن الإنفلونزا.
9. هل الحيوانات الأليفة معدية؟ من المؤكد أن القطط والكلاب والنمور والعديد من الحيوانات ثبت حملها للفيروس، إلا أنه لم يلاحظ بعد انتقال المرض من حيوان أليف إلى الإنسان، علما أن دراسة أجريت على حيوانات أليفة كان أصحابها مرضى، ولم يلاحظ تطويرها للأجسام المضادة.
ويمكن أن تنشر الحيوانات الفيروس عبر فرائها، مثل مقبض الباب الملوث، ولا يمكن إقصاء نقلها المرض، إلا أن ندرة حالات الحيوانات المصابة المبلغ عنها تسمح بتقدير أن انتقال الفيروس إلى الإنسان لا يزال غير محتمل.
10. متى؟ وكيف سينتهي الوباء؟ قدرت الصحيفة أن العديد من المتغيرات ستحدد المسار المستقبلي للوباء، مثل إمكانية إنتاج لقاح يحتويه أو يستأصله، وهو ما لن يكون متاحا لمدة عام، علما أن هناك ما يقرب من سبعين لقاحا قيد الدراسة، من بينها ثلاثة في مرحلة التقييم السريري والاختبار على البشر، وفقا لتقرير لمنظمة الصحة العالمية. وفي هذه الأثناء، يتواصل سريريا تجريب العلاجات الممكنة لإنقاذ الحياة، كالأدوية المضادة للفيروسات أو مضادات الملاريا، ولكن إذا لم يتغير شيء فسيستمر الفيروس في طريقه، وقد يختفي لعدم وجود أناس يصيبهم.
المصدر : الجزيرة نت