Menu
in

مقابلة خاصة مع المدير العام لمركز الطب الميداني والدعم “طارق الهمشري”

يقول مدير مركز الطب الميداني والدعم “طارق عبد السلام الهمشري”، إن استهداف طيران ومدفعية حفتر لهم لم يثنِهم عن القيام بواجبهم في علاج الجرحى والمصابين.

وفي حوار مطول مع شبكة الرائد الإعلامية، أكد “الهمشري” أن المركز يعمل اليوم بـ 1000 عنصر طبي وطبي مساعد وفني وإداري، وسائقو سيارات الإسعاف يتوزعون على 13 مستشفى ميدانيا و20 نقطة إسعاف تغطي المنطقة الممتدة من أبو شيبة وصولاً إلى مشارف سرت.

وأشار إلى أن جرحى العمليات العسكرية للدفاع عن العاصمة طرابلس يتلقون العلاج في 10 ساحات علاجية بالخارج، مطالباً من لديه شكوى بتقديمها بشكل رسمي …

فإلى نص الحوار

1 ـ بداية، متى أسس المركز، وهل استطاع القيام بجميع المهام الموكلة إليه؟ أنشئ المركز بقرار من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق رقم 1669 لعام 2018م، وجاءت فكرة إنشائه بعد التشاور مع وزير الصحة ووكيل عام الوزارة، عندما رأينا الحاجة لإنشاء جسم يكون على مستوى ليبيا، يُعنى بالجرحى وغير الجرحى، من منطلق أن الاشتباكات قد يكون ضحاياها من المدنيين، وهذا ما حصل في الاشتباكات الدائرة حالياً فـ 30٪ من الجرحى من المدنيين، نتيجة طلق ناري، أو سقوط قذيفة. علمنا خلال الفترة الأولى بإمكانيات إدارة الجرحى طرابلس، ومن خلال تواصلنا وما وردنا من أخبار، علمنا بأن حربا ستشتعل؛ لذلك بدأنا في التجهيز لجميع الإمكانيات، أما مهام المركز فهي إنشاء المستشفيات في مناطق الاشتباكات، وإسعاف الجرحى من العسكريين أو المدنيين من مناطق الاشتباكات إلى المستشفيات الميدانية، وتوفير العلاج بالداخل، والخارج، والتدخل أثناء الكوارث الإنسانية من فيضانات وزلازل ونحوها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وفتح ممرات آمنة للنازحين، وتوفير الاحتياجات الضرورية للنازحين والعالقين في مناطق الاشتباكات، والمساهمة في رسم سياسة علاج الجرحى في الداخل والخارج بالتعاون مع وزارة الصحة، وتوفير الكوادر الطبية وتدريبها.

2 ـ لو أطلعتنا على حصيلة عمليات الاستهداف التي طالتكم، وعمليات الإجلاء التي قمتم بها منذ العدوان على العاصمة طرابلس، وهل استهدافكم المتكرر أثر في أدائكم؟

طبعاً، يجب التذكير بأن واجبنا واجب إنساني، الجريح أيّا كان يجري إسعافه، والمركز تعرض لعلميات استهداف مباشرة بأبشع أنواع الأسلحة، الأسلحة الثقيلة والطيران، وأول إصابة كان ضحيتها رئيس قسم الإسعاف بمركز الطب الميداني والدعم “ناصر ضو” الذي بترت رجلاه، وفي الحقيقة، أول مرة نتعرض للاستهداف المباشر توقعنا أن يكون الأثر سلبيا، ومن هنا لا بد من شكر الأستاذ “ناصر” الذي كان يتواصل مع جميع الكادر والمسعفين ويمدهم بالروح المعنوية، ومع كل استهداف يطالنا يتزايد عدد المنضمين للمركز، كنا في البداية 100 عنصر، ولدينا الآن قرابة 1000 عنصر بالمركز ينتشرون في 13 مستشفى ميدانيا و20 نقطة إسعاف تنتشر في المنطقة الممتدة من أبو شيبة في غريان حتى مشارف سرت.

3 ـ خسرتم 18 من أفرادكم نتيجة استهداف ممنهج لكم من ميليشيات حفتر بقصف مدفعي وصاروخي، هل وثقتم ذلك وقدمتم ملفاً بشأن عمليات الاستهداف للمنظمات الدولية؟

جميع مستشفياتنا الميدانية تعرضت لعمليات الاستهداف، وخسرنا خيرة شبابنا، كما أننا خسرنا عددا من الآليات بين ما غنمته أو دمرته قوات حفتر، أضف إلى ذلك أننا فقدنا الاتصال بأحد عناصرنا في سرت، أما فيما يتعلق بعمليات الاستهداف فقد ركزنا على المدنيين والأطقم الطبية والطبية المساعدة، ولدينا تقرير بذلك من بداية الهجوم حتى مطلع ديسمبر من العام الماضي، وزعنا نسخا منه على بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمجلس الرئاسي، وعدد من المنظمات الدولية.

4 ـ لكن، لماذا لا تتخذون تدابير وقائية لحماية أفرادكم والمستشفيات الميدانية ونقاط الإسعاف التابعة لكم؟

نحن نختار أماكن تمركز مستشفيات الميدانية بعناية، ونمتلك سيارات إسعاف مجهزة، ومع ذلك نحن أمام عدو يملك جميع الأسلحة ولا يخشى استهدافنا، مثلاً في البداية كنا نضع الهلال بوضوح على آلياتنا، فوجدنا أنهم يتعمدون استهداف آليات الإسعاف التي بها هلال واضح، ولذا اتخذنا تدابير من بينها إزالة الهلال من على آلياتنا، وتغيير أماكن بعض المستشفيات الميدانية بشكل دوري.

ذلك يقودنا إلى جملة اتهامات يوجهها كثيرين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بأنها متورطة في إعطاء إحداثيات المستشفيات الميدانية لحفتر لكي لا يتم استهدافها، إلا أن ميليشيات حفتر قامت بالاستهداف، بم تعلق؟

نحن لم نعطِ أي احداثيات، حتى الآن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إعطاء الإحداثيات، لكن ما نعلمه أن ميليشيات حفتر تمتلك طائرات تصوير وباستطاعتها معرفة أماكن المستشفيات الميدانية وهذا ما حصل بالفعل.

5 ـ هل أمددتم المستشفيات الميدانية ونقاط الإسعاف التابعة لكم بكل احتياجاتها من تجهيزات طبية وغير طبية؟ من الرابع من أبريل حتى الآن كل ما قدمناه موثق لدينا، وحتى يومنا هذا لا يوجد لدينا أي نقص، وقد جهزنا المستشفيات الميدانية بكل احتياجاتها، بل جهزناها بالكماليات، ونحن الآن نفكر في توفير سبل الراحة للفرق العاملة التابعة لنا، وتوفير كل هذه الاحتياجات لا يعكس إلا اهتمام الحكومة ودعمها لنا.

6 ـ ماذا عن دوركم في ملف جرحى العمليات العسكرية، هل هو من ضمن اختصاصاتكم؟ يعتبر اختصاصا أصيلا لنا، إلى جانب أنه من اختصاصات جهاز الطب العسكري (السرايا الطبية سابقا)، فجهاز الطب العسكري خضع لتعديلات منذ مدة بسيطة ويقومون بتجهيز كوادرهم، وهناك جهاز الطب العسكري فرع الغربية يقوم بدوره على الوجه الأكمل ويعمل في المنطقة الممتدة من العزيزية وما بعدها، ونعمل على مساعدتهم في توفير بعض الأدوية وكامل احتياجاتهم، وبإمكاننا مستقبلاً التعاون مع جهاز الطب العسكري فيما يتعلق بالمستشفيات الميدانية.

7 ـ بالحديث عن ملف الجرحى، جملة انتقادات توجه لـ “طارق الهمشري” وتصفه بـ”المُقصّر” تجاه الجرحى بالداخل والخارج، هل وصلتك هذه الانتقادات بالفعل وكيف تعاملتم معها؟ لنكن واضحين، إذا عملت فستُنتقد، وإذا لم تعمل فستكون بمنأى عن أي انتقادات، أما بخصوص الجرحى فقد وردتنا انتقادات وزارتنا جهات مسؤولة، أنا خلفيتي رجل قانون وقد طالبت كل من يريد تقديم شكوى أن تكون وفق إجراء رسمي، على أن تكون الشكوى مقدمة في نموذج ومرفقة بالاسم ونوع الشكوى ومكانها، لكن بشكل رسمي لم يردنا شيء، هناك من اتخذ إجراء ضد المركز وعندما طالبنا بفتح تحقيق في الموضوع وجدنا أنه لا يمتلك أي مستند، نحن الليبيين تأخذنا العاطفة، وعلى العكس جميع الجرحى في الساحات ظهروا في مقاطع مُصوّرة يشكرون أوضاعهم والخدمات المقدمة لهم، هناك جزء بسيط من الجرحى الذين رفضهم مركز طب الميدان لأنهم لا يستحقون العلاج في الخارج، ومنهم من استكمل علاجه، وهم سبب الإشكاليات.

نحن نراعي أوضاع الجرحى، فكيف نسمح مثلاً لجريح لديه التواء في الكاحل بالعلاج في ألمانيا وأخذ مكان غيره؟

لدينا بالأسماء والأرقام توثيق لشكاوى الجرحى، وحالات كل منهم، وسبب رفض علاج الحالات التي رفضنا علاجها، حتى وإن حدث بعض التقصير فسببه تأخر التدفقات النقدية ليس إلا.

8 ـ تتلقون كماً هائلاً من الاتصالات من مواطنين عالقين في مناطق الاشتباكات، هل قمتم بما هو مطلوب منكم ومنوط بكم تجاه أولئك؟

لا بد من توضيح أن المستشفيات الميدانية التابعة لنا في خط النار أو على مقربة منه، وقد جهزنا غرفة وعممنا أرقام الهواتف على مواقع التواصل الاجتماعي، 90٪ من العالقين قمنا بإجلائهم، ولدينا توثيق لذلك، كما أن هناك بعض المناطق التي حصلت بها تقدمات ميدانية، وتمكننا من تقديم الإغاثة لقاطنيها ولدينا استلامات رسمية بذلك، ولكن الآن مع ثبات المحاور وتوقف الاقتتال لم تردنا أي اتصالات، وكل ما طلب من المركز جرت الاستجابة له فورياً، وذلك مقيد لدينا بالأوراق.

9 ـ افتتحتم عددا من العيادات بمراكز إيواء النازحين، وقدمتم لهم مساعدات إنسانية، هل ذلك يدخل ضمن مهامكم؟ الوقوف مع النازحين وتقديم الخدمات الأساسية لهم من ضمن اختصاصاتنا، فمثلاً المبيت الجامعي بمنطقة عين زارة به أعداد كبيرة من النازحين، ومنذ بداية العدوان حتى الآن وضعنا سيارتي إسعاف هناك على مدار اليوم، ونوفر الأدوية بناء على طلب عميد البلدية بشكل منتظم، كما افتتحنا عيادة للأطفال النازحين في عمارات السكة ووفرنا لهم أدوية، وحاولنا تنظيم العمل أكثر فتواصلنا خلال الأسبوع الماضي مع مدير مكتب وزير النازحين لوضع إطار عام للنازحين حتى خارج طرابلس، وسنقوم بتدشين نقاط إسعاف وجدول عيادات متنقلة، من أجل القيام بدور أكبر تجاه النازحين.

10 ـ لكن الدولة لديها مراكز صحية وطبية ومستشفيات، ألستم بذلك تقومون بمهام غيركم؟ نحن واجهنا مشكلة، فأحياناً النازح الذي هُجّر من منزله ويواجه ظروفا صعبة لا يمتلك سيارة تنقله للمستشفى ولا يملك ثمن الدواء، وما قمنا به هو من أجل تهيئة المناخ للمرضى من النازحين والوقوف معهم، وقد خاطبنا وزارة الصحة وقامت بالتعميم فعلاً بشأن تحويل الحالات، وأكثر الحالات تُحول إلى مستشفى الأطفال، وكل ما نقوم به هو تنظيم في سياق واحد.

11 ـ هل أنتم راضون عما قمتم به حتى الآن، وما الذي يقلقكم؟ الحمد لله، نحن نعمل بنتائج واحصائيات، ونحاول تذليل المصاعب التي تواجهنا، فالجرحى يتلقون العلاج في 10 ساحات بالخارج، ولدينا أكثر من مقر لمركز الطب الميداني والدعم، جميعهم يتناوبون على مدار الساعة من أجل سد الثغرات، وأي جريح حضر إلينا ولديه حق قدمنا الخدمة إليه.

12 ـ هل رفضت أيّ من الساحات العلاجية استقبال جرحاكم وعلاجهم؟ أحياناً هناك صعوبات مالية فقط، ونحن نعمل في اطارين اثنين، الأول إحالة الودائع المالية للسفارات رأساً، باعتبار أن غالبية السفارات تتبع حكومة الوفاق، وهناك صعوبة وحيدة فقط تتعلق ببطء الإجراءات المالية، وتحسن ملف الجرحى هو رهين تسريع وتيرة التدفق النقدي، ويا للأسف خلال المدة الأخيرة هناك بطء، أما السفارات غير المتعاونة معنا فتحول الأموال عبر اعتمادات مستندية للشركات الطبية رأساً، وهذا هو توجه الدولة بما فيها وزارة المالية وديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي وزارة الصحة، باعتباره الإجراء الأضمن والأكثر ضبطًا.

13 ـ ألا يعدّ فتح اعتمادات مستندية من أجل علاج جرحى إجراء مخالفا؟ على العكس تماماً، هو اجراء قانوني، ومن ضمن أطر القانون ويتم وفق ضوابط، وهو يحفظ حقوق الجرحى، وهو من ضمن الإجراءات المقترحة، ولم يكن وارداً بالنسبة لنا، وهو أسهل من التعاون مع السفارات رأساً.

14 ـ تداولت مواقع وسائل التواصل الاجتماعي ما مفاده أن جرحى ميليشيات حفتر يتلقون العلاج في الخارج على نفقة حكومة الوفاق الوطني، ما صحة ذلك؟

ورد إلينا هذا الخبر، وتأكدنا من عدم صحته، وما نعلمه أن جرحى حفتر يتلقون العلاج في تونس وصربيا على نفقة شركات إماراتية عبر حوالات مالية، ونحن جميعاً ضحية إشاعات يومية، فمركزنا لم يعالج أيا من جرحى حفتر في الخارج، فقط ما حدث هو أننا عالجنا جرحى حفتر ممن وقعوا أسرى في الداخل، وكان ذلك بالتعاون مع غرف العمليات العسكرية.

15 ـ كيف تُقيّم دعم الدولة لكم، وهل قامت بتوفير كامل احتياجاتكم؟ المجلس الرئاسي ووزارة المالية ومصرف ليبيا المركزي، يعتبر دعمهم لنا جيدا ولا وجود لأي تقصير، فقط هناك بطء في التدفقات المالية، ونطالب بتسريع الإجراءات باعتبارنا في حالة طوارئ، وما نأمله هو أن تصل الحوالات مسبقًا لكي لا تُدفع في شكل ديون فيما بعد، فعندما تصل ديوننا إلى 20 – 30 مليونا يكون موقفنا حينها ضعيفا مع المصحات في الخارج، ويحصل تراخٍ منها في علاج الجرحى، ولذلك نأمل أن تتم الإجراءات بشكل سلس.

16 ـ ما الذي يقلقكم؟ ليس لدينا وقت للتفكير في ما يقلقنا، نقوم بإنجاز الأعمال الواحد تلو الآخر، فنحن في صراع مع الوقت والنظام، وهذه حرب نتوقع أن يطول أمدها، كل شهر نعقد اجتماعا لفريق العمل لتقييم مواطن الخلل، الحرب ستطول، وستُهزم إن لم تكن منظما، لم نواجه أي صعوبات في بداية الأمر لأننا كنا على جاهزية.

المعرقلون هم أنفسهم، وقد جدنا آلية التعامل مع الجميع، هؤلاء شبابنا ونريد خدمتهم، ونسأل الله أن يحقن الدماء.

أُترك رد

Exit mobile version