تلقى الوسط الإعلامي في ليبيا بكل الأسي والحزن العميق قبل 3 أعوام استشهاد المراسل الصحفي بتلفزيون الرائد عبد القادر فسوك والذي قٌتل يوم الخميس 21 يوليو عام 2016 برصاص قناص لأحد عناصر تنظيم الدولة بسرت، وهو يمارس مهنته في تغطية عملية تحرير المدينة آنذاك.
أثناء فترة تحرير سرت تميز فسوك بين زملائة بشغف العمل الميداني بدون تحيز حتى تكتمل الصورة الخبرية أمام المواطن كما هي بدون أي زيف، كان موجودا رفقة زملائه ملتزما بكافة القواعد والقوانين الصحفيةن محاولا تغطية الحدث من قلبه وإيصال الصورة من ميدان المعارك.
وفي ذكرى استشهاد فسوك لايزال الوضع الاعلامي هشا للغاية حيث تقبع ليبيا في المنطقة السوداء بمرتبة 162 حسب تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود للعام الحالي، ويعتبر هذا دليلا على عدم وجود بيئة مهيئة لاحترام حرية الرأي والتعبير المتعارف عليه بالعالم.
وطالب المركز الليبي لحرية الصحافة في وقت سابق باعتباره أحد المنظمات التي تعنى بالشأن الإعلامي في ليبيا وسائل الإعلام بالكف عن الممارسات الفجة في تغطية مجريات الأزمة، وحالة التضليل والتعبئة بها قنوات كـ ليبيا الحدث، والفضائية الليبية، والمرصد الليبية، فضلاً عن وقف الأعمال العدائية عبر الشبكات الاجتماعية، والتعامل بأخلاق مع الخصوم، ودعم إنهاء الاقتتال ورأب الصدع بدلاً من صب الزيت على النار، وتحشيد الليبيين على الاقتتال.
حيوية فسوك
الصحفي ابراهيم العبدلي قال، إن فسوك شخص كان يسعي لتطبيق قواعد الصحافه التي درسها بشكلها الصحيح.. يتحرى الأخبار، ولا يخشى الذهاب لأي مكان؛ لالتقاط صورة أو إجراء لقاء ليوصل الأخبار الصحيحة للناس دون أي تزييف أو نقصان.
وأوضح العبدلي للرائد أن حرية الاعلام في ليبيا وخصوصا منذ العدوان علي طرابلس لم تعد هناك حرية للصحافة فالبلاد انقسمت لمعسكرين، ولا مكان لمن يخالف.. والدليل اختطاف سرقيوه رغم أنها نائبة، ومن المفترض أن تكون لديها حصانه إلا أنها اختطفت؛ لاأها عبرت عن رأيها فقط.
مسيرة إعلامية ممتازة
من جهته رأى الصحفي براديو “مصراتة اف ام” عبدالعزيز عيسى أن الزميل “عبدالقادر فسوك” عاش مسيرة إعلامية كانت تلازمه فيها المصداقية والمهنية، مشددا على أن تجربة “فسوك” لن تتكرر، فهو الذي رصد كل الأحداث صغيرها وكبيرها، واهتم بقضايا الناس، واهتم بجوانب معاناتهم بقلمه وعدسته .
وأشار عيسى في تصريح للرائد إلى أن حرية الإعلام في ليبيا يعسكها مؤشر مراسلون بلا حدود، الذي وضع ليبيا في مرتبة متأخرة في هذا المجال، مطالبا سلطات الدولة على اختلافها توجهاتها – لا سيما الأمنية منها – بفسح المجال أمام الصحفيين؛ ليتمكنوا من أداء أعمالهم بكل حرية، وبما لا يمس ثوابت المجتمع، وفق قوله.
مخاطر جسيمة
ووفقاً لشهادة الصحفي الراحل فسوك خلال حديثه إلي فريق الباحثين بوحدة الرصد والتوثيق قبل يوم واحد من مقتله فإنهم يعانون العديد من المخاطر الجسيمة في ظل انعدام الحماية الجسدية لهم وافتقارهم لمعدات الأمن والسلامة فضلاً عن محاصرة بعضهم في محاور القتال في عديد المرات.
فسوك من أبرز الصحفيين
أما رئيس المركز الليبي لحرية الصحافة محمد الناجم فقد عد فسوك من أبرز الصحفيين الذين قاموا بتغطية الأحداث والمعارك في مدينة سرت في الخطوط الأمامية، وقد تميز بنقل المعلومات والصورة المٌباشرة والتحليل العميق لمجريات الحرب.
وأكد الناجم خلال حديثه للرائد أن فسوك روى قبل وفاته لوحدة الرصد بالمركز أنه كان حريصاً على التغطية الحية، ونقل الصور المٌباشرة والواقعية التي تعكس الحرب ضد تنظيم الدولة، وأنه يستلهم من الصحفيين الأجانب الشغف لمواصلة عمله، متحدثاً عن الضحايا والمصابين من الصحفيين الذين يقعون خلال تغطية الحرب ضد التنظيم في ليبيا والعراق وسوريا، وأنه لا يمكنه إلا أن يكون بالخط الأمامي.
ودعا الناجم إلي توفير الحماية اللازمة للصحفيين ومنعهم من التقدم نحو الخطوط الأمامية للقتال، مطالبا كافة الصحفيين الميدانيين بأخذ الحيطة والحذر والحفاظ على سلامتهم أثناء التغطية الإعلامية .
فسوك فرض نفسه إعلاميا
من جانبه بيّن الصحفي رافع البكوش أن فسوك كان مثالا للمراسل الميداني الذي يمتاز بثلاثية ” المهنية والنشاط والشجاعة” في آن واحد، وأن ليبيا كانت ولا زالت تحتاج لأمثال هؤلاء المراسلين الميدانيين، فقد استطاع فسوك فرض نفسه في الساحة الإعلامية في وقت قياسي.
واعتبر البكوش في تصريح للرائد أن أعمال فسوك كانت إضافة لاختيار القوالب الصحفية التلفزيونية المناسبة لمحتوى التقرير، ما جعل تقاريره تصل للمشاهد وكأنها لوحة فنية متكاملة الأركان ومرفقة بصوته الجهور الذي اشتقت لسماعه.