في ظل العدوان الغاشم الذي تتعرض له طرابلس منذ 66 يوما من قبل قوات حفتر سارعت جل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية إلى رفض هذا العدوان والتنديد به علنا، بل والوقوف ضده.
إلا أن بعض الشخصيات السياسية والأحزاب التي تدعي ظاهرا دعمها للدولة المدنية والتداوال السلمي للسلطة بالطرق الديمقراطية لاتزال تمسك العصا من المنتصف، بل لا زالت تسمي قوات حفتر المعتدية بـ “الجيش الوطني الشرعي” كما صرح أمين عام تحالف القوى الوطنية، خالد المريمي خلال اجتماع الأحزاب السياسية الوطنية في طرابلس مع لجنة الاطلاع الأوربية.
في حين أكدت جميع قادة الأحزاب السياسية أو مندوبيهم الحاضرين للاجتماع رفضهم للعدوان على طرابلس، ومشروع حفتر لفرض هيمنته على البلاد وإرجاعها للدكتاتورية وعسكرة الدولة وتمسكهم بمدنيتها كخيار لا رجعة عنه ولاتفاوض حوله.
التحالف مع حفتر
وقال رئيس الهيئة التأسيسية لتجمع المشروع الوطني، محمود الفطيسي، إن كل الأحزاب كانت ضد مشروع حفتر والعدوان على طرابلس، ماعدا حزب التحالف الذي كان واضحاً في وقوفه مع حفتر.
الفطيسي، في تصريح للرائد، أكد بأن كل الأحزاب الحاضرة أكدت للجنة الأوربية بأن الجيش الحقيقي هو جيش حكومة الوفاق والقوات المساندة له، مضيفاً بأنه اتضح للجنة من خلال مشاركات ومداخلات الحاضرين بأن حفتر يعد لمشروع يريد من خلاله حكم ليبيا.
شرعنه هجوم حفتر
فيما أكد مصدر خاص حضر الاجتماع للرائد بأن أمين حزب تحالف القوى الوطنية خالد المريمي صرح خلال الاجتماع بأن قوات حفتر هي الجيش الشرعي في ليبيا، وأن التحالف لديه مبادرة؛ لإيقاف الاقتتال بين “الأطراف المتصارعة”. حسب وصفه.
وأوضح المصدر أن مبادرة التحالف التي طرحها المريمي تقترح هدنة لمدة 15 يوما يرجع فيها كل طرف عن موقعه مسافة 50 كم، أو أي مسافة تحدد لاحقا، ويتم في هذه الهدنة الرجوع إلى طاولة الحوار السياسي “بين الاطراف المتصارعة “تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة.
وأضاف المصدر أن التحالف اقترح أيضا تكليف قوة في المناطق الفاصلة بين الطرفين على أن تكون من قوات مشتركة من ليبيا أو تابعة للاتحاد الافريقي أو حتى من الاتحاد الأوروبي .
وقال المصدر، إن الممثلين عن الأحزاب ردوا على مبادرة التحالف بالرفض، مؤكدين أن هذه ليست مبادرة، وإنما شرعنة لمليشيات إجرامية وللهجوم على شرعية حكومة الوفاق، وعلى سكان العاصمة وشرعنة لعمليات القصف والقتل والدمار التي يقوم بها قوات حفتر .
مساواة المعتدي بالمعتدى عليه
أمين عام تحالف القوى الوطنية، خالد المريمي، أراد نفي ما ذكره في الاجتماع وحاول تغطيته ولكنه كان أكثر إيضاحاً؛ لأنه ساوي بين المعتدي والمعتدى عليه عندما طالب بإيقاف إطلاق النار بغض النظر عن المذنب وغير المذنب.
وقال في منشور في صفحته الشخصية، بأن مداخلته كانت تصب حول ضرورة وقف هذه الحرب والعمل على وقف إطلاق النار بغض النظر عن المذنب وغير المذنب حالياً والجلوس فوراً حول الطاولة؛ لتقديم تنازلات متوازنة لوقف نزيف دماء أبنائنا من الطرفين، مضيفاً بالقول، أننا لسنا مع أحد.
غير أنه لم يوضح طبيعة التنازلات المتوازنة التي يقصدها، فهل كان يريد مثلا أو كان يقصد أن تتنازل حكومة الوفاق لحفتر بأن يدخل طرابلس أو أن تسلم له المناطق التي ما زالت تسيطر عليها قواته.
موقف رمادي
حزب التحالف كان أصدر في بداية العدوان على طرابلس، بياناً لم يشر فيه حتى للعدوان على طرابلس بل قال فيه، إن أي تدمير لقدرات “الجيش الوطني الليبي” سواء العسكرية أو البشرية هو انتقاص من قدرات، باركنا ولا زلنا نبارك تأسيسها ونموها، وإن إزهاق أرواح الشباب المسلحين هو انتقاص وتدمير لقدراتنا البشرية التي يمكن أن تساهم في إعادة بناء الدولة وخوض معركة تنميتها.
مواقف الحزب ليست بجديدة
ردود كل الأحزاب السياسية واضحة في رفضها لموقف حزب التحالف المخالف دائماً، وقد كان له موقف مخرب في السابق لجهود المبعوث الأممي الأسبق في ليبيا، طارق متري، والذي أعلنه هو نفسه بأن حزب التحالف كان أفشل جهوده لإجراء حوار ولقاء بين الأحزاب السياسية في عام 2014؛ لتجنيب البلاد أي صراع أنذاك.
وفي سياق الردود على موقف الحزب، استنكر العديد من الناشطين في مواقع التواصل الإجتماعي موقف التحالف واعتبروه موقفاً مشجعاً للعدوان، أو هو يساوي بين الطرف المعتدي والمعتدى عليه، وغالب المدونين طالبوا في منشوراتهم المريمي بأن يذهب للرجمة، ويذكر من هناك أنه يساوي بين الطرفين ويطالب بوقف إطلاق النار.