Menu
in

ويسألونك عن الدولة

قل هي مقاربة اجتماعية سياسية اقتصادية أمنية في آن واحد، يقوم بها من يعيشونها في ظل ملابسات الظرف المحيط بها وبهم، تنجح وتخفق بمقدار تفاعل القدرات الذاتية ومدى انسجامها مع الظرف المحيط أو الاصطدام به.

موضوع الدولة يا سيداتي سادتي موضوع ظرفي شديد الظرفية (situational or circumstantial )، بمعنى مرتبط بالظرف وتأثيره، بحيث يشكل إهمال اعتبار الظروف وتقدير أهمية تأثيرها ومحورية دورها في المدى الذي يمكن أن تصل إليه عملية بناء ونضج واستقرار مكون (سياس- اجتماعي) في هيئة اجتماعية يطلق عليها مصطلح الدولة يمثل هذا الإهمال خطأ منهجيا قاتلا في القدرة على فهم محركات قيامها وانهيارها ونجاحها وإخفاقها كهيئة اجتماعية، وبالتالي ستكون كل التفاسير بعد ذلك ارتجالية عبطية لا تقوم لا على منطق ولا حكمة ولا معرفة ولا تجربة.

من هنا يطرح السؤال نفسه، ترى هل عمليات بناء دولة أو إنشاء دولة تعتبر عمليات علمية خاضعة لمعايير محددة ومجردة أم أنها مسألة فن أي تخضع إلى حد كبير إلا ملابسات واقعية تفرض عليها في كل مرة تقوم محاولة بناءها من جديد إلى مخرجات مختلفة ومدد زمنية متباينة تكاد تنسف معها أي دعوى بأن هناك عمليات أو خطوات علمية كمية مجردة يمكن من خلال القدرة على ترتيبها وتنظيمها الحصول على دولة في كل مرة كلما عاودنا نفس الخطوات بغض النظر عن الظروف الملابسة؟.

أم تراها هجين بين العلم والفن والصدف؟

بعد تسع سنوات من حكمه أعلن الملك الراحل محمد إدريس السنوسي في بيان له عن حالة فشل الدولة الليبية التي أسسها بإعلان الاستقلال يوم 24 ديسمبر 1951، ثم إعلان وفاتها في يوليو 1960، كما جاء في مذكرات رئيس وزرائه مصطفى بن حليم، الذي لا يمكن اتهامه بكرهه ولا عدائه للملك مثل معمر القذافي حتى يتهم في صدقه، ولا يمكن أن يتهم في عدم درايته؛ لأنه كان أحد أركان المملكة إذ هو أحد أبناء المرحلة.

وبينا الملك الراحل كان متواضعا ويتمتع بشجاعة أدبية اعترف بفشل الدولة بعد تسع سنوات، وانتظره بن حليم والناس جميعا أن يفى بما وعد به بإصلاح فشل الدولة، لم يعترف القذافي بفشل الدولة إلا متأخرا جدا عام 2008 وتوعد القطط السمان كما توعدها الملك في يوليو 1960 ولكن لا الملك ولا الجنرال وفى بما وعد به، وهنا يطرح السؤال نفسه بطريقة منهجية تتناول ظاهرة الدولة وتتجاوز البعد الشخصي، هل عدم الوفاء سواء من قبل الملك أو من مقبل الجنرال كان بسبب عدم رغبتهما في إصلاح فشل الدولة أم لعجزهما عن ذلك؟

فبراير مضى على بدايتها سبع سنوات أرجو أن لا تكرر لا تجربة الملك إدريس ولا تجربة الجنرال.

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version