أثارت زيارة رئيس المجلس الأعلى إلى العاصمة الأمريكية واشنطن ولقائه بأعضاء من الكونجرس والخارجية الأمريكية ردود فعل واسعة بين مرحب ورافض، لكن بعض هذه الردود خالفت سياق تاريخ المشري، متهمة إياه بوقوفه ضد الدولة المدنية، وهو ما حدا بشبكة الرائد للبحث في تاريخ الرجل للاستقصاء عن هذه التهم وتوضيح الوجه الحقيقي لرئيس الأعلى للدولة.
المولد والنشأة:
خالد عمار المشري من مواليد مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، تحصل على بكالوريوس اقتصاد في جامعة بنغازي عام 1990، ونال دبلوم الدراسات العليا بأكاديمية الدراسات العليا في طرابلس عام 2004، ودرجة الماجستير من الأكاديمية نفسها عام 2010.
المهام والمسؤوليات
تولى العديد من المناصب الإدارية والسياسية، وله خبرات في المجالات الاقتصادية والمالية، ومن بين المناصب التي شغلها مدير إدارة الشؤون الإدارية والمالية بمركز تنمية الصادرات، ورئيس قسم الشؤون المالية بالهيئة العامة للتمليك، ورئيس لجنة المراقبة بالشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات.
كيف دخل المشري إلى المشهد السياسي؟
أول منصب سياسي يتقلده المشري هو عضوية المؤتمر الوطني العام في الثامن من أغسطس من العام 2012 عن الدائرة الانتخابية الثالثة عشرة، ليشغل عضوية لجنة الأمن القومي، ويصبح المقرر لها من أكتوبر 2012 حتى سبتمبر 2014، ليتولى بعد ذلك رئاسة اللجنة المالية في المؤتمر بين عامي 2012 و2014.
المشري ورئاسة المجلس الأعلى للدولة
بعد الحوار السياسي بين الأطراف الليبية والذي دعمه المشري، وتوقيع اتفاق الصخيرات الذي جاء بالمجلس الأعلى للدولة، وشارك كعضو فيه إلى الـ 8 من أبريل 2018، حيث انتخب المشري رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بانتخابات أعضاء المجلس له، خلفا لـعبدالرحمن السويحلي الذي تولى رئاسة المجلس لولايتين.
الحرص على التوافق
في الرابع والعشرين من أبريل 2018 قبل المشري وساطة ودعوة المغرب للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومناقشة قضيتي الدستور وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وحكومة وفاق جديدة، المشري أبدى خلال ذلك اللقاء اتفاقه مع عقيلة صالح على ضرورة إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وفصل حكومة الوفاق عنه، وإعادة تشكيلها أيضاً، موقف اعتبره الكثيرون بادرة حسنة من المشري للمضي قدماً نحو حل الأزمة واستقرار الوضع في ليبيا.
المشري والإصلاحات الاقتصادية
تعثر مشروع الإصلاحات الاقتصادية كثيرا إلى حين انتخاب المشري رئيسا للأعلى للدولة، حيث أكد في أول خطاب له بعد توليه الرئاسة أنه سيسعى بكل قوة لإقرار هذه الإصلاحات، وبالفعل نجح في الضغط على الرئاسي والمصرف المركزي حتى إقرارها في الثاني عشر من سبتمبر الماضي، حيث استقبل الليبيون خبر توقيع برنامج الإصلاحات الاقتصادية بابتسامة تفاؤل وأمل؛ لتحسين الوضع المعيشي في البلاد بعد اتفاق المشري مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ابتسامة سرعان ما أكدها المشري في كلمته أثناء جلسة المجلس الأعلى للدولة خصصت؛ لمتابعة الإصلاحات الاقتصادية.
المشري طمأن المواطنين خلال كلمته قائلاً، إن هذه الإصلاحات مبدئية لتهيئة الأرضية لإصلاحات اقتصادية أكبر وأشمل مثل القضاء على البطالة والحد من التضخم، وإصلاح السياسة النقدية المالية وترشيدها بشكل صحيح وفعال، وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد وتشجيع الصناعات وتحقيق معدل أعلى في النمو الاقتصادي، ومحاولة التقليل من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
المشري وزيارة طبرق
في السابع من يونيو 2018 بعث رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري خطاباً موجهاً لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح يخبره بأنه مستعد لزيارة طبرق على رأس وفد يتكون من 30 عضواً.
خطاب المشري كانت واضحة كما جاء في الخطاب، موضحاً أنه على ثقة كاملة بأن اللقاء سيكون أكثر نجاحًا من سابقاته في تقريب وجهات النظر بين المجلسين، تاركاً حرية اختيار الموعد لرئيس وأعضاء مجلس النواب.
رسالة المشري رآها الكثير من المهتمين بالشأن السياسي الليبي في الداخل والخارج خطوة أولى نحو انفراج الأزمة وسد الفجوة الجغرافية والسياسية بين أبناء الوطن الواحد، فانهالت آنذاك رسائل الشكر والتهنئة؛ لموقف المشري وتذليله للصعاب نحو بناء دولة ديمقراطية تسع الجميع ويكون فيها الدستور ضامناً لحقوق كافة المواطنين في ليبيا.
استقالته من الإخوان ودعوته للعمل بعيدا عن الشعارات التي تستخدم لضرب الوحدة
وفي بداية هذا العام أعلن خالد المشري استقالته من جماعة الإخوان المسلمين، واستمراره في العمل السياسي والحزبي، في خطوة استحسنها كثير من المراقبين خاصة وأنه دعا الليبيين في ختام نص الاستقالة إلى العمل بعيدا عن أي شعارات أو أسماء قد تستخدم لضرب وحدة وتماسك المجتمع الليبي.
الإقصاء
أخيرا، وفي زيارته للولايات المتحدة وخطابه أمام أعضاء من الكونجرس أكد على أن ليبيا تسع الجميع بما فيهم المتعاطفون مع النظام السابق أو عملية الكرامة ضمن دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة.
من خلال ما تقدم من سرد لتاريخ خالد المشري يتبين من بدايته حتى الآن أنه لم يلجأ للعنف لتحقيق مصالحه، أو مواقف تدعم الجماعات الإرهابية أو المتشددة، بل كان داعما للحياة الديمقراطية، وداعيا للمسار السلمي؛ لحل الأزمة، وساعيا لإعلاء صوت العقل والمصالحة، وبالتالي فإن التهم الموجهة إليه خاصة المتعلقة بالإرهاب ورفضه للدولة المدنية هي محض افتراء، وهي تندرج تحت الخصومة السياسية، لا أكثر.