أكد عضو مجلس النواب عن مدينة مصراتة “سليمان محمد الفقيه” أن إجراء انتخابات رئاسية بدون دستور هو عبث وصناعة لديكتاتور جديد بمعنى الكلمة، ولن تفضي إلى حل، حسب قوله.
وفي حوار خاص مع شبكة الرائد الإخبارية، أكد “الفقيه” أن سبب أزمة ليبيا هو التدخلات الخارجية، مضيفًا أنه “يجب ألّا نطالب بإلغاء هذا التدخل، ولكن يجب أن نحسن التعامل معه”، مؤكدًا أن التدخلات الدولية لا تسلم منها دولة…. فإلى نص الحوار:
1ـ كيف تُقيّم أداء مجلس النواب؟
يا للأسف! أداء المجلس إن لم يكن سيئًا فهو ضعيف جدًّا وكان عامل عرقلة؛ لأن المجلس بعد الاتفاق السياسي على الأخص، كان يُفترض به أن يحل الخلاف السياسي، لكنه لم يجتمع إلا ثلاث جلسات صحيحة، والبقية كانت جلسات معلقة، وهو ما يعدّ مخالفًا للاتفاق السياسي وأي عمل نيابي، وللائحة الداخلية أيضًا.
2ـ أنت عضو مقاطع لمجلس النواب ولم تحضر أيًّا من جلساته، وكثير من المراقبين يرون ذلك تقصيرا في مهامك التي انتخبت لأجلها، فكيف تعلق؟
من حقهم أن يقولوا ذلك، لكن التقييم يجب أن يكون وفق معلومات صحيحة، نحن لم نذهب لمجلس النواب ليس لغرض المقاطعة، ولكن لأن المجلس بدأ بمخالفات دستورية، في المكان والزمان، ومن يدعو إلى الجلسة الأولى.
فمجلس النواب كان في وضع غير صحيح، وحاولنا علاج الانقسام الذي حصل بحوار طويل جدًّا، ولكن دون جدوى؛ بسبب تدخل خارجي، إقليمي تحديدًا، وتعنت وعرقلة من بعض أعضاء المجلس، ثم وصلنا في حوارنا الطويل إلى اتفاق سياسي، معتقدين أن المواد 18و 17و 16 منه التي على أساسها يعمل مجلس النواب ـ ستُطبَّق، ولكن، يا للأسف!، لم يطبق أي من هذه المواد الثلاث، واستمر مجلس النواب في عمله وكأن شيئًا لم يحدث، يعترف بالاتفاق ويرفض الاعتراف، واستمرت العرقلة التي كانت من مجموعة قليلة داخل المجلس كان لها دور بحكم البيئة والدعم العسكري والتدخل الإقليمي.
3ـ يُجهّز المبعوث الأممي إلى ليبيا “غسّان سلامة” لعقد مؤتمر وطني جامع خلال الأشهر المقبلة، وأنتم أعضاء مجلس النواب المقاطعين، هل ستشاركون في المؤتمر الذي سيحضره أنصار النظام السابق؟
لم نُدعَ إلى هذا المؤتمر، وحتى الآن الأمر غير واضح، علاوةً على أنه لم يُحدّد زمانه أو مكان انعقاده، أما فيما يتعلق بمشاركة النظام السابق فأعتقد أن هناك فارقا بين رجال الدولة ورجال النظام، فرجال الدولة كانوا موظفين يعملون مع النظام السابق بوطنية ومهنية، أما رجال النظام فهم أدوات الاستبداد التي استعملها النظام، وأولئك الرجال ارتكبوا جرائم ينبغي أن تُعرض على القضاء ويفصل فيها بالعفو أو العقوبة.
4ـ لكن إذا دُعيتم إلى الملتقى الوطني الجامع هل ستشاركون؟
إذا اتضحت أهداف الملتقى، لكن الغموض يكتنفه حتى الآن، وأنا التقيت المبعوث الأممي أكثر من مرة، ودائمًا ما أسأله ما الهدف من هذا الملتقى؟، وهل سيصدر عنه إعلان دستوري جديد، أم أنه سيصدر تعديلات دستورية؟، وهل من صلاحياته ذلك؟
وأنا أتمنى أن تخرج ليبيا من أزمتها بأي طريقة مشرفة، بالوصول إلى وضع مستقر ودستور، وهيكلية للدولة تكون واضحة للجميع.
5ـ قلتَ في تصريحات سابقة إنه “لا يحل مشكلة ليبيا إلا الليبيون أنفسهم”، لكننا نراك من أبرز المشاركين في الحوارات التي عقدت خارج ليبيا؟
شاركتُ في جولات الحوار السياسي التي كانت برعاية بعثة الأمم المتحدة في عام 2014م وما بعدها؛ لأن الخيارات أمامنا كانت واضحة ومحددة، إما أن نختار جسما محايدا أو أقرب للحياد كبعثة الأمم المتحدة أو نرتهن لأي دولة أيًّا كانت، فهي ستحرص على مصالحها أولًا وأخيرًا، وربما لا يكون أي وجود للمصلحة الليبية.
ومع أنني اتفق مع كثيرين على وصف دور البعثة بـ “الضعيف” إلا أنها أقرب للحياد، بعد أن تعذّر على الأطراف الليبية اللقاء بمفردها والوصول إلى حل.
6ـ البعض يُحمّل التدخل الدولي
مسؤولية استفحال الأزمة الليبية، فهل تتفق معهم؟
نعم، ولكن في مقابل ذلك علينا أن نعالج أنفسنا، وقد قلت مرارًا وتكرارًا إن أزمة
ليبيا في التدخل الخارجي، وهذا التدخل أسهمت فيه الأوضاع الحالية في ظل الانقسام
المؤسسي والفوضى، ولكي يكون تدخل الدول إيجابيًّا في ليبيا يجب على الليبيين
الإسراع في إنهاء الانقسام وتكوين حكومة قوية تتعامل بمنطق الدولة وتراعي المصالح
العليا للدولة، وتقدّر مصالح الدول الأخرى.
7ـ تصريحات المبعوث الأممي أن الانتخابات الرئاسية غير ممكنة حاليا في ليبيا أثارت حفيظة بعض الأطراف الليبية التي اتهمت المبعوث الأممي بمحاولة إرضاء تيار سياسي معين، في الوقت الذي برر سلامة تحفظه على هذه الانتخابات بعدم وجود قاعدة دستورية تفصّل صلاحيات الرئيس في ظل عدم الاستفتاء على مشروع الدستور، فما رأيك فيما ذهب إليه سلامة؟
ما ذهب إليه سلامة هو رأي قانوني وعقلي، فإجراء انتخابات رئاسية بدون دستور هو عبث وصناعة لديكتاتور، كما أن إجراء انتخابات رئاسية بدون تحديد صلاحيات أو تحديد لهيكلية الدولة الصحيحة، لا يعدو كونه عبثًا، ولذلك فإن انتخاب مجلس نواب، إذا استدعى الأمر، هو الأسلم لاستمرار العملية الديمقراطية واستمرار التداول السلمي على السلطة حتى الخروج من المرحلة الانتقالية، لكن أن تكون مرحلة انتقالية برئيس، فهذه صناعة لديكتاتور بمعنى الكلمة، ولن تفضي إلى حل؛ إذ الانتخابات وسيلة وليست غاية، وربما يزيد انتخاب رئيس بدون دستور الأزمة تعقيدا، ويمثل بداية لحرب أخرى.
8ـ نحن في بداية عام 2019 كيف ترى نهايته ليبيًّا؟
أرى أن ليبيا في تحسن، ولكنه لا يرتقي إلى طموح الليبيين، وهو تحسن غير منظور لمن يراه يوميا، فمن يستطيع أن يسجل الأحداث ويدونها ويتذكر كيف مررنا بمرحلة توقف فيها تصدير النفط، وازداد فيها الشرخ الاجتماعي، يرى أننا نشهد الآن تحسنا قد يكون دون مستوى مطمح الليبيين لكنه يظل علامة جيدة على أننا في تحسن مستمر وإن كان بطيئا، وباختصار فليبيا تسير في اتجاه صحيح، ولكن بخطى بطيئة جدًّا، تتعثر أحيانًا وتقوم أحيانًا أخرى.