Menu
in

هل يصيب سلامة هدفه بالمؤتمر الجامع؟

يتريث المبعوث الأممي لليبيا السيد غسان سلامة في كشف تفاصيل المؤتمر الوطني الجامع المزمع عقده خلال الأسابيع المقبلة بهدف جمع كافة الأطراف الليبية للتوافق على خارطة طريق ترسم سبل تجاوز الأزمة السياسية، فيما تحاول بعض الأطراف إرباك البعثة والتشويش على المؤتمر بالدعوة لعقد مؤتمرات موازية تحت نفس الاسم والأهداف، بينما تعكف لجان تابعة للمجلس الأعلى للدولة على وضع الخطط والتصورات والمقترحات للمؤتمر، ما دفع البعثة إلى الإعلان بأن موعد انعقاد المؤتمر ومكانه وكافة ما يتعلق به هي مسؤولية حصرية للبعثة.

سلامة يكثف من جولاته وحواراته هذه الأيام سعيا إلى تحديد المشاركين في المؤتمر لكي يضمن مشاركة كل الأطراف التي يرى أنها بالفعل تمثل قطاعات واسعة من الليبيين سياسيا ومناطقيا وأيدولوجيا، وقد زار الجزائر لضمان الحصول على دعم أكبر للمؤتمر من خلال العلاقات الواسعة للحكومة الجزائرية مع شخصيات تنتمي سياسيا للنظام السابق وأخرى تنتمي للتيار الإسلامي، بالاضافة إلى شخصيات ذات ثقل عسكري وقبلي في الجنوب الليبي، ومن المتوقع أن ينال سلامة ما يريده بالنظر إلى الموقف الجزائري من الأزمة الليبية المؤسس على ركيزتين هما رفض التدخل الخارجي وضرورة عقد مصالحة وطنية ليبية شاملة بجلوس كافة أطراف النزاع إلى طاولة الحوار.

وبالرغم من تباين رؤى المشاركين في المؤتمر حول أقصر الطرق وأقلها تكلفة للخروج من الأزمة إلا أن هناك إجماعا على أن السبيل الوحيد لحسم الصراع هو الانتخابات، ولكن ثمة من يرى أنه لا انتخابات قبل اعتماد الدستور، وثمة من يرغب بالذهاب فورا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية بما هو متاح من قواعد دستورية في الإعلان الدستوري، بينما يرى البعض أن المتاح الآن هو انتخابات برلمانية تفرز برلمانا جديدا يحسم صراع الشرعيات، وينهي الأجسام القائمة الآن، ويتولى إنجاز الاستفتاء على الدستور، ويشكل حكومة توافقية تعيد توحيد مؤسسات الدولة.

الخيار الأخير لا يروق لبعض الأطراف المحلية والأقليمية المصرة على انتخابات رئاسية تؤمن بانتصارها فيها لتحسم الصراع مع خصومها خاصة التيار الإسلامي، وبما أن مرشحي هذا التيار على ارتباط وثيق بالمحور الإقليمي الذي يصنف تنظيم الإخوان المسلمين حركة إرهابية، فثمة خشية كبيرة من اشتداد حدة الصراع والانقسام إذا استحوذ هذا الطرف على منصب الرئيس ومضى في خط الصراع الإقليمي وسعى إلى إقصاء التيار الإسلامي من العملية السياسية.

التوافق هو الأساس الوحيد لتجاوز الأزمة وقطع الطريق على دعاة حسم الصراع عسكريا بالقوة المسلحة، وحصر الصراع في نطاقه السياسي، وهذا بالضرورة يحتم النأي تماما عن دائرة محاور الصراع الإقليمي، وإلغاء فكرة الإقصاء بقبول كل الأطراف لبعضها، وربما هذا ما دفع سلامة إلى التصريح مؤخرا بأن المؤتمر الجامع سيناقش موضوع الانتخابات البرلمانية وإرجاء الإنتخابات الرئاسية إلى نهاية العام بعد التوافق على قاعدة دستورية صلبة تحدد مهام الرئيس وصلاحياته، وهو تصريح خيب آمال الأطراف المنادية بانتخابات رئاسية واعتبرته تفريغا للمؤتمر الجامع من محتواه ما دام سلامة قد حدد سلفا ما ستتم مناقشته وما سيتم تأجيله، ولكن الحقيقة أن سلامة كان واقعيا ومؤكدا أنه سمع من أغلب الأطراف التي التقاها أن وقت الانتخابات الرئاسية لم يحن بعد، ولا مندوحة عن إقرار دستور توافقي أولا يضبط صلاحيات المنصب دستوريا، في وجود برلمان قادر وفاعل في تأدية دوره التشريعي والرقابي على السلطة التنفيذية، مع آمال كبيرة أن تأتي الانتخابات ببرلمان توافقي يأخذ موقفا أقرب للحياد إزاء صراعات المحاور الإقليمية والدولية.

الوقت لن يسعف سلامة في عقد المؤتمر الجامع في نهاية يناير أو أول فبراير هذا العام كما أعلن في إحاطته أمام مجلس الأمن، ونحن نقترب من هذا الموعد من دون أن نرى أي مؤشرات على احتمال انعقاد المؤتمر في الوقت المعلن، وبما أن هذه الخطوة هي آخر سهم في كنانة سلامة بعد تعثر كافة البنود السابقة في خطته، نعتقد أنه سيتريث ويمنح نفسه المزيد من الوقت حتى يطمئن إلى صعود مؤشرات النجاح ويضمن دعما دوليا واسعا لمخرجات المؤتمر.

الكاتب والصحفي عبدالله الكبير

المصدر: ليبيا الخبر

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version