أحدثت تصريحات محافظ مصرف ليبيا الصديق الكبير جدلا واسعا حول الرقم المهول لميزانية 2019 التي قدرت بـ 70 مليار دينار، حيث رأى مراقبون أن هذا الرقم الفلكي سيفتح شهية المفسدين لانتهاز الفرصة بطرقهم الملتوية لبلع المليارات، وقد أكد بعضهم أن تحديد الميزانية ليست من صلاحية محافظ المركزي، بل هي اختصاص أصيل بين البرلمان والحكومة.
رقم وهمي
رأى عضو هيئة التدريس بجامعة مصراتة خالد الدلفاق، أن الرقم الذي وضعه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لميزانية العام المقبل هو رقم وهمي، ومن المستحيل أن تكون هذه ميزانيته.
وأضاف الدلفاق في تصريح للرائد، أنه ليس من صلاحية محافظ المركزي تحديد الميزانية، موضحا أن من يعد الميزانية هي الحكومة وأن البرلمان هو من يوافق عليها.
وتساءل الدلفاق عن كيفية تقديره للميزانية وكمية إنتاج النفط، مع أن سعر البرميل الواحد ليس ثابتا فهو متغير، مؤكدا أن الحكومة لا تتعامل بشفافية مع الشعب فمن الصحيح والسليم خروج رئيس الحكومة ليوضح قيمة الإنتاج وبيع البرميل وتحديد قيمة الميزانية ووضع الخطط لصرفها.
ثمن لتوحيد الميزانية بين الحكومتين
واعتبر الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي أن رفع الإنفاق العام لرقم يتجاوز 70 مليار دينار هو ثمن لتوحيد الميزانية العامة بالدولة الليبية لحكومتي الوفاق والمؤقتة، مضيفا أن الإيرادات بالسعر الرسمي لا يمكن أن تحقق تلك الميزانية، وأن الفارق سيكون عبر عوائد الزيادة بقيمة الضريبة على بيع العملة الأجنبية، وأن إيرادات ضريبة بيع العملة مسألة مؤقتة وتهدف إلى تحقيق الوصول للسعر العادل وتوحيد أسعار الصرف في المدى المنظور، وليس تحويلها لأداة لإيراد ثابت ومستقر وتبنى على أساسه ميزانية الدولة.
وأوضح الشحومي في صفحته الرسمية أن الترتيبات المالية لا تعطي للحكومة الحق في إدارة حساب الإيرادات، وأن كل ما تنفقه هو قرض أو ترتيب بالتنسيق مع البنك المركزي، وأنه ستكون هناك أزمة في الثقة وأزمة في التخصيص وأزمة في الإنفاق وأزمة في إدارة الموارد وتوزيعها سواء بين الحكومتين أو على مستوى المصرف المركزي والمستوى البلدي.
ونبّه الشحومي إلى إشكالية أخرى، وهي أن استخدام الموارد المتاحة لتوسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق التسييري بتضخيم المرتبات والنفقات العمومية الهدف منها فك الاحتقان المؤقت وتحسين صورة الحكومات أمام تزايد معدلات البطالة؛ بسبب فقدان القدرة على تنويع مصادر الدخل وزيادة مساهمة الأنشطة الاقتصادية الأخرى غير القطاع الحكومي.
لا يخفى على أحد تغلل الفساد في كيان الدولة والمجتمع، فكل المنظمات الرقابية المحلية والدولية صنفت ليبيا في قائمة الدول الأكثر فسادا؛ لأسباب كثيرة، فمثل هذا الرقم الضخم لميزانية العام المقبل لن ينجومن بالوعة الفساد.