Menu
in

باليرمو .. محطة مهمّة وليست حاسمة

تكثفت في الآونة الأخيرة زيارات المسؤولين الليبيين إلى روما بدعوة من الحكومة الإيطالية في انعكاس للحراك الدبلوماسي الكبير لإنجاح مؤتمر باليرمو حول ليبيا قبيل منتصف نوفمبر الحالي، والذي تحاول فيه الدبلوماسية الإيطالية تحقيق أكبر قدر من التوافق بين الفاعلين الليبيين، كذلك هناك توافق بين القوى الإقليمية المعنية بالأزمة الليبية، والذي سينعكس على الأزمة الليبية ويدفع بها في طريقة الحل.

طول الأزمة وحدّتها جعلت الشارع الليبي يعوّل على هذا المؤتمر في الوصول إلى حل يخرج البلاد من هذه الأزمة السياسية التي انحدرت بالبلاد إلى أدنى مستويات الفوضى الأمنية والاقتصادية.

كثير من المراقبين للشأن الليبي يقولون: إن محطة باليرمو ستكون الأخيرة أمام قطار جولات المفاوضات، وأن الليبيين بعد المؤتمر سيهتفون باسم صقلية؛ لكونها المكان الذي أنهى مشكلة ليبيا وأخرجها من وحل الفوضى.

حتمًا لا يمكن أن نتفاءل إلى هذا الحد وننتظر من مؤتمر باليرمو الخلاص لليبيا، كما لا يمكننا الإفراط في التشاؤم بالقول أن مؤتمر باليرمو لن يكون أكثر من نزهة سياحية، يستمتع فيها المدعوون لحضور المؤتمر بخريف صقلية الجذاب.

وبالنظر إلى بعض المعطيات السياسية المتزامنة مع المؤتمر نستطيع القول بأن محطة باليرمو ربما تكون من المحطات المهمة في الأزمة الليبية؛ لسعي الفرقاء الخارجيين والداخليين إلى حلها، لذلك نتوقع ألّا تكون باليرمو المحطة الحاسمة.

أسباب هذا التوقع كثيرة أبرزها الداخل الايطالي خاصة بعد وصول حزب النجوم الخمسة وهو الحزب الذي يتخذ من “الشعبوية” منطلقا في اتخاذ قراراته، ولا يرتكز على أي أيديولوجيا، فلا نستطيع ترقب أو تخمين موقفه، كذلك الصراع شبه العلني بين رئيس الاستخبارات الذي يرى إمكانية استيعاب قائد عملية الكرامة خليفة حفتر في عملية سياسية توافقية، بينما يرفض نائب وزير الداخلية حفتر رفضا مطلقا.

هذا على المستوى الإيطالي، أضف إلى ذلك الصراع الفرنسي الإيطالي المعروف للجميع، وفشل فرنسا في تنفيذ مخرجات مؤتمر باريس المنعقد في مايو الماضي.

كما أن اعتماد الولايات المتحدة على الايطاليين فيما يخص الشأن الليبي يدل على أن ليبيا في ذيل قائمة اهتماماتها، وهذا من شأنه جعل أزمة ليبيا مستمرة في المراوحة دون تقديم أو تأخير.

كذلك فإن سياق الأزمة الليبية قد عاد إلى نقطة الصفر، حيث اشترط النواب على مجلس الدولة حذف المادة الثامنة؛ لتعديل الرئاسي، وفشل توحيد المؤسسة العسكرية.

لن يكون اللاعبون المحليون مشاركين في صياغة مخرجات باليرمو إلا في جزء بسيط، من الممكن أن يشترك السراج وحفتر في هذا الجزء، خاصة وأن كل منهما يحاول السفر إلى باليرمو برصيد سياسي أكبر، فالسراج بعد التعديلات الوزارية الجديدة والتي شملت وزارات مهمة، واللقاءات مع الأطراف السياسية والعسكرية يريد أن يرسل رسالة أنه الرجل الأقوى في ليبيا؛ ليقوي موقفه في التفاوض على الطاولة، وأما حفتر فيحاول أن يدخل المؤتمر وفي رصيده نجاح توحيد المؤسسة العسكرية وهو على رأسها وهذا ما فشل فيه -على الأقل- حتى الآن.

المؤكد أن الأطراف الدولية ستجدد تأكيدها دعم سلطة حكومة الوفاق المتمثلة في الرئاسي، وهو ما رأيناه في تصريح مندوب أمريكا ومندوب بريطانيا ومندوب فرنسا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول ليبيا.

لو خرج الأطراف المحليون والدوليون من هذا المؤتمر بدعم الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية، كذلك بالاتفاق على موعد للانتخابات على قاعدة دستورية (سواء بالاستفتاء على الدستور أو تعديل الإعلان الدستوري)، فيعتبر حينها قد حقق نجاحا نسبيا ربما يرسم خارطة طريق تخرج ليبيا من أزمتها.

المبروك الهريش/ كاتب ليبي

المصدر :موقع ليبيا الخبر

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version