Menu
in

عبد الفتاح يونس وأحمد العريبي في ميزان حفتر

قبل أيام قليلة، طفت على السطح مجدداً قضية مقتل قائد ورئيس أركان جيش التحرير الليبي إبان ثورة فبراير عبد الفتاح يونس، وتحديداً بعد أن أعلن الرئاسي تكليف علي العيساوي بمهام وزراة الاقتصاد بحكومة الوفاق الوطني، وهو ما استهجنته قبيلة العبيدات في بيانها الصادر في التاسع من أكتوبر الجاري، تلتها بعض ردود الأفعال المستنكرة لهذا التعيين، إلى أن أصبحت القضية مثاراً للجدل في أوساط الرأي العام المحلي.

لكن اللافت في الأمر هو القرار الصادر عن قائد قوات الكرامة خليفة حفتر الذي أمر فيه المدعيَ العام العسكري باستئناف التحقيقات في هذه القضية.

من الصعب تصديق رواية أن “حفتر يريد القصاص العادل” بهذا القرار، وأن هدفه هو تحقيق العدالة، فبنظرة بسيطة على تاريخ حفتر وتحركاته يمكن إدراك أن تحقيق العدالة بالنسبة لهذا النوع من العسكريين هو في ذيل قائمة أولوياتهم إن لم يكن غائبا عن هذه القائمة أساسا.

ودون أن ننقب في الماضي، وقبل أكثر من 20 يوما، وليس بعيداً عن مقر إقامة حفتر، اختطف نائب رئيس المخابرات العامة التابعة للبرلمان أحمد العريبي ونجله، من منزله على يد مجموعة مسلحة لم يُعرف تبعيتها في عملية أقل ما توصف بأنها مروعة وتفتقد كل المعايير الإنسانية والأخلاقية وتنتهك القانون وقواعد العدالة، وبصرف النظر عن أفعال الرجل وتوجهاته، وحسب شهادة عائلة العريبي فإن حفتر لم يتجاوب مع طلبات العائلة ومناشدتها التحقيق في قضية خطف ابنها لعله يكشف عمن وراء هذا الخطف.

ما يفسر هذا التهميش وعدم التجاوب في هذه القضية وتغاضيه عن طلب التحقيق  هو ما تسرب عن معلومات مفادها أن العريبي هو المسؤول عن مدّ لجنة الخبراء بالأمم المتحدة بملف يتضمن وثائق تثبت تورط صدام حفتر في سرقة ملايين مودعة في مقر المصرف المركزي فرع بنغازي، وأن المسلحين الذين اختطفوا العريبي هم مسلحون تابعون لصدام نجل حفتر.

وإذا ما رجعنا لطبيعة العلاقة بين خليفة حفتر وعبد الفتاح يونس، فالكل مجمع على أنها متوترة إبان حرب التحرير التي كان فيها يونس يتولى رئاسة الأركان، وكان حفتر من أشد الرافضين له؛ لأنه يرى نفسه الأجدر بتلك المهمة، ولم يكتف بالرفض فقط، بل شكل كتيبة أسماها “كتيبة الجيش الوطني”، وبدأ يبتز بها خطوط الإمداد، وهو ما أثر سلبا على سير العمليات العسكرية، وأثر كذلك على المجلس الانتقالي حينها، والذي حاول مرارا تهدئة هذا التوتر، لكن رفض حفتر المتواصل وقف سدا أمام حل هذا الإشكال.

إذاً ما الذي يجعل حفتر يطالب باستئناف قضية اغتيال عبدالفتاح يونس، ويمهش قضية اختطاف أحمد العريبي؟

في تقديري أن حفتر بطلبه هذا الاستئناف إنما يريد أن يدفع تهمة جريمة القتل عن نفسه؛ لأن منافسته الشديدة مع عبد الفتاح في تلك الفترة تثير الشكوك حوله، أيضا ربما يتوقع حفتر أن العيساوي يمتلك معلومات حول القضية قد تدينه أو أحد مقربيه، كما أن وضعه السياسي المتراجع والمتقهقر يحتم عليه التماهي مع بيانات بعض القبائل الرافضة لتعيين السراج للعيساوي.

بقي أن نشير إلى أن قرار تحريك النيابة العسكرية ضد العيساوي غير جائز في دولة يمنع إعلانها الدستوري من محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وهي من المحاكمات التي تجريها الدول العبثية التي يسود فيها حكم العسكر، أيضاً ينبغي الإشارة إلى أن العيساوي كان طرفاً في القضية فيما يتعلق بشقها الإداري وليس الجنائي بحكم أنه كان نائباً لرئيس المكتب التنفيذي آنذاك.

المبروك الهريش/ كاتب ليبي

المصدر : موقع ليبيا الخبر

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version