Menu
in

التعديل الوزاري … تغيير للأسماء أم تفعيل للأداء؟

تختلف وجهات النظر في تحليل خطوة الرئاسي الخاصة بالتعديلات الوزارية الجديدة التي أجراها في حكومته، فبعضهم تفاءل واعتبرها طريقا لتبديد شيء مما يقاسيه الليبيون من مآسٍ جرّاء الأزمة، ورأى آخرون أن تعديلات الرئاسي ستزيد من تعقيد للأزمة المعقدة أصلاً وسترسخ الانقسام السياسي والشرخ الاجتماعي؛ كون بعض التعيينات تضم أسماء جدلية يطالب بها طرف ويرفضها طرف آخر، بينما يرى آخرون بأنها خطوة لا قيمة لها أو هروب إلى الأمام.

لم تصدر أي ردود فعل رسمية من مجلسي النواب والدولة على هذه التعديلات، إلا بعض التصريحات التي تومئ إلى الرفض أكثر من  الترحيب، بل إن “عقاب” و “نصية” وهما المجتمعان باستمرار بغية الوصول إلى آلية يتفق عليها المجلسان لتعديل الرئاسي، قد صرحا برفضهما هذا التعديل، مؤكدين أن المشكلة تكمن في المجلس الرئاسي وليست في الوزراء.

من المهم التذكير أن مجلس النواب لم يعترف بالاتفاق السياسي إلى الآن، وهو مُصرّ على استمرار الحكومة المؤقتة، والمجلس الأعلى للدولة ليس من صلاحياته اعتماد الحكومة، وبالتالي نستطيع القول وبدون أدنى تعقيد أن موقفهما لا يعني شيئا سوى الإصرار المطلق على إظهار البطولة أو إثبات الوجود ليس أكثر.

هذا الاستياء من المجلسين قابله ترحيب أممي، فقد أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن استعدادها الكامل لدعم الوزراء الجدد لتنفيذ الترتيبات الأمنية الجديدة، والسير قدما في الإصلاحات الاقتصادية، والسعي لتوحيد المؤسسات الوطنية الليبية.

هذا الترحيب كان متوقعا، فالبعثة ما فتئت تطالب بتنفيذ الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية في كثير من تصريحاتها، وهو ما استغله الرئاسي بتعيينه علي العيساوي وزيرا للاقتصاد، وهو شخصية ذو خبرة واسعة في المجال الاقتصادي، سيناط به متابعة الإصلاحات الاقتصادية، وفتحي باشاغا وزيرا للداخلية وهو رجل صاحب ثقل سياسي وعسكري معروف، ستكون مهمته الأولى تنفيذ الترتيبات الأمنية.

لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل السياق الزمني الذي جاءت على إثره التعديلات، فعلى المستوى الأمني، جاءت هذه التعديلات بعد اشتباكات دامية في العاصمة طرابلس وتردٍّ أمني في معظم أرجاء البلاد، واقتصاديّ وسط معاناة أعيت المواطن الليبي، وسياسيا لا زال الانقسام والجمود هما سيدا الموقف فيه رغم محاولات الدفع به من جهات خارجية وداخلية.

بالإضافة إلى ذلك هناك مؤتمر باليرمو المزمع عقده في نوفمبر المقبل، والذي تسعى الحكومة الإيطالية حثيثًا إلى خلق زخم سياسي وإعلامي كبيرين له للترويج من خلاله لأن تكون مخرجات المؤتمر هي المشروع السياسي الجديد في ليبيا والمدعوم دوليا.

هذه المعطيات كفيلة بتفسير سبب قرار الرئاسي تعديل حكومته في هذا الوقت بالذات، خاصة وأنه شعر بصعوبة الموقف الذي وصل إليه واحتمالية وجوده خارج المشهد إن استمر في هذا الجمود والتعاطي البطيء مع الأزمات، كما أن إحلال بعض الأسماء القوية في الحكومة سيكسب السراج شيئا من القوة السياسية في مؤتمر باليرمو المرتقب.

وحتى لا نكون واهمين ونقول إن هذه التعديلات ستنتشل ليبيا من أزمتها الأمنية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته لا نسير وراء غلاة المتشائمين المعارضين لكل خطوة كانت إيجابية أو سلبية، فهذه التعديلات تعتبر الخطوة الإيجابية “المتاحة” في مثل هذه الأوضاع، واحتمالية نجاج الوزراء الجدد أقرب من احتمالية فشلهم لأسباب:

–        الترحيب الأممي بهذه التعديلات الذي يعتبر بمثابة منح الثقة في الوقت الذي تهاجم فيه البعثة المجلسين الرافضين (النواب والدولة) وتهدد بتجاوزهما.

–        الزخم الإعلامي والشعبي الكبير الذي واكب الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية يجعل الوزيرين “العيساوي وباشاغا” أمام تحدٍّ كبير ربما يساعد في نجاحهما.

–        تصريح سلامة بأن مجلس الأمن سيستثني القوات الخاصة بالترتيبات الأمنية من حظر السلاح على ليبيا، وتصريحات سابقة لـ”ستيفاني ويليامز” بأن الإصلاحات الاقتصادية أولوية، وهو ما يعني أن الدعم الدولي سيكون متاحا.

المصدر: موقع ليبيا الخبر

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version