Menu
in

مقابلة خاصة مع عضو تأسيسية الدستور الهادي بوحمرة

بعد إعلان الهيئة إنجازها له وانتظارها لإصدار مجلس النواب قانون الاستفتاء عليه، وارتقاب لمآل الدستور، ومخرجات أعمال الهيئة، استضافت شبكة الرائد الإعلامية عضو الهيئة التاسيسة لصياغة مشروع الدستور الهادي بوحمرة، وأجرت معه الحوار التالي:

بداية، دولة الدستور هي مطلب ليبي، أين وصل مشروع الدستور وأنتم أحد أعضاء صياغة مشروعه؟

المسار التأسيسي للدولة الليبية بدأ بانتخاب الهيئة التأسيسية عن طريق الشعب الليبي بانتخابات عامة حرة ومباشرة، والهيئة التأسيسية أنجزت مشروع الدستور، والمسار التأسيسي قارب على الانتهاء ولم يبق إلا الاستفتاء، والمرحلة الأخيرة في تأسيس الدولة الليبية تنتظر خروج الشعب الليبي للاستفتاء على مشروع الدستور؛ لتنتهي المراحل الانتقالية، ونتحول إلى دولة دستورية قائمة على دستور.

الدستور مبني على التداول السلمي للسلطة

هل الانقسام السياسي طال الهيئة وأدى إلى انقسامها هي الأخرى خصوصًا في موضوع “صلالة”، وما هي المراحل التى مرت بها الهيئة؟

الهيئة التأسيسية شكلت من مختلف مناطق ليبيا بانتخابات عامة، وضمت مختلف التوجهات السياسية الموجودة في المجتمع الليبي، وكانت لها تصورات وآراء مختلفة، وبدأت الهيئة بعمل لجان نوعية، ثم لجنة العمل الأولى، فلجنة العمل الثانية إلى أن انتهت بمشروع الدستور الأول، بعد ذلك حدث خلاف بين أعضاء الهيئة، لكن بفضل الإرادة الحرة، والرغبة في بناء الدولة الجديدة دون تمييز، اجتمعت الهيئة مجددًا دون تدخل خارجي أو داخلي، أو أممي، وتوافقت على مشروع الدستور الذي نرى أنه “وسطي بامتياز” يجمع الليبيين دون استثناء، مبنى على التداول السلمي للسلطة، وعلى وحدة البلاد، واستقلال القضاء، وعلى بناء حقوقي متوازن يستجيب للمعايير الدولية في ظل ثوابت الشريعة الإسلامية.

المسار السياسي منفصل عن المسار التأسيسي

هناك من يسعى لإدخال مخرجات هيئة صياغة الدستور إلى الحوار السياسي الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في ليبيا… ما رأيكم؟

طبعًا أول شي يجب التأكيد على أن الحوار السياسي منفصل بشكل كامل عن المسار التأسيسي من تاريخ التحول من تعديل الانتخاب في الهيئة التأسيسية، انفصل المسار التأسيسي عن المسار الانتقالي، المسار التأسيسي “واضح جدا” يبدأ وينتهي بالشعب الليبي، يبدأ بانتخاب الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور، ثم يعرض على الاستفتاء، هناك من يحاول إدخال المسار التأسيسي في الحوار السياسي، وهو بوضوح يسعى إلى إفساد المسار التأسيسي للدولة الجديدة، ويحاول إدخال البلاد في متاهات لا ندري نهايتها، وعليه يجب الإصرار على إكمال الخارطة التأسيسية للدولة الليبية التى توجد في الإعلان الدستوري، تبدأ بالشعب وتنتهي به، لكي لا يمكن لأي واجهات سياسية أن تعرقل هذا المسار أو تفسده لأغراض سياسية أو شخصية أو حزبية.

الدستور مبني على استقلالية القضاء

تقوم مبادئ الدساتير على الفصل بين السلطات واستقلالها، خاصة القضائية، ماهي الضمانات التى قدمها المشروع لصيانة هذا المبدأ؟  

أولا المشروع بصفة عامة إذا قُرئ بموضوعية دون أي خلفيات ذات أبعاد جهوية وسياسية لفئات معينة، فالمشروع بُني على معايير دولية في بناء السلطات التشريعة، والتنفيذية، والقضائية، يستفيد من التجارب الإنسانية، ومن الدرسات المقارنة من قبل الهيئة، أو خبراء استعانت بهم الهيئة، من ضمنهم السلطة القضائية، التى بنيت على المعايير الدولية اللازمة لاستقلال القضاء كسلطة من جهة، واستقلال القاضي من جهة أخرى، وبالتالي فبناء الدستور في هذا المشروع للسلطة القضائية “بناء محكم” يستجيب للمعايير الدولية ومواده في الاتفاقيات الدولية، شأنه شأن بقية الدول الأخرى، بالإضافة إلى ذلك فالمشروع  فصل بين القضاء العادي، والقضاء الدستوري، ومن ثم فبناء مؤسستي القضاء العادي والقضاء الدستوري ضمن الحقوق والحريات وتداول استلام السلطة، ويضمن أداء السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لاختصاصاتهما بانتظام واطراد.

الدستور لا يتعارض مع ثوابت الشريعة الإسلامية

بحسب المشروع المقدم ليبيا دولة مدنية بنظام حكم جمهوري، بماذا يتميز هذا النظام في ظل الاعتبارات التاريخية والسياسية التى مرت بها ليبيا؟ 

مشروع الدستور مبنى على أن ليبيا المستقبل هي دولة مدنية ديمقراطية، في استبعاد كامل لفكرة الدولة الدينية، هي دولة في إطار ثوابت الشريعة الإسلامية، واستبعاد دولة الحزب الواحد، أو التوجه الواحد؛ لأن المشروع مبنيٌ على التعددية السياسية والتعددية الحزبية، في استبعاد كامل لدولة العسكر، بمعنى آخر استبعاد دولة يحكمها الجيش؛ لأن هذا الدستور مبنى على التداول السلمي للسلطة، فكافة الركائز وعناصر الدولة المدنية موجودة بوضوح وبشكل قاطع في هذا المشروع.

الأجسام الموجودة تتجاهل تهيئة البلاد للاستفتاء

قانون الاستفتاء لم ينجزه مجلس النواب بعد، وعند إنجازه سيتحول لمفوضية الانتخابات لإتمام الأمر، برأيك، هل للمفوضية القدرة على إنجاز هذا الاستحقاق؟

أولا الاستفتاء أو تهيئة الشعب الليبي للاستفتاء على مشروع الدستور هي المهمة الأساسية التى من أجلها كانت هذه المرحلة الانتقالية، وعليه فالأجسام الموجودة بالمرحلة الانتقالية مهمتها الأساسية والجوهرية هي تهيئة البلاد للاستفتاء، والخروج من هذه المراحل الانتقالية إلى دولة ليبيا القائمة على الدستور، فالمهمة الأساسية التى تتجاهلها الأجسام الموجودة هي تهيئة البلاد للاستفتاء، إضافة إلى أن المهمة الأساسية لبعثة الأمم المتحدة هي إعداد البلاد للاستفتاء، وعليه يقع على الأمم المتحدة كما يقع على الأجسام الموجودة حاليًا العمل على إكمال المسار التأسيسي والذي ينتهى بالاستفتاء الدستوري.

أما بالنسبة للمفوضية فقد أعلنت أكثر من مره قدرتها على إجراء الاستفتاء وإجراء الانتخابات المترتبة على الاستفتاء، وأعتقد أن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دورًا كبيرا جدًا في تهيئة البلاد للاستفتاء، وأن تبتعد عن إبراز الخلافات الموجودة بين الليبيين، والتي تحول جزء منها إلى عرقلة المسار التأسيسي، وأن التركيز على المسار التأسيسي من مهمة الأمم المتحدة، وإنهاء هذه المرحلة الانتقالية، وتمكين الشعب من الاستفتاء على مشروع الدستور؛ لكي تكون ليبيا كغيرها من الدول المبنية على دستور يحكم التداول السلمى للسلطة، وهو وثيقة يحتكم إليها كافة الليبيين.

الدستور: هو شهادة وفاة لكافة الأجسام السياسية الموجودة حاليًا

يرى مراقبون ممانعة بعض الأجسام السياسية لمشروع الدستور؛ لأنه ينهي المراحل الانتقالية ويعبر بالبلاد للمرحلة الدائمة… فهل هذا صحيح؟

يجب أن يُفهم الدستور بالطريقة التالية، فالدستور هو “شهادة وفاة” لكافة الأجسام السياسية الموجودة حاليًا، و”شهادة ميلاد” لدولة ليبيا الجديدة، لذلك من هو في السلطة الآن يحاول عرقلة هذا المشروع؛ لأنه وفاة للمجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب، والمجلس الرئاسي، وغيرها من الأجسام؛ لأنه يؤسس لدولة ليبيا الجديدة التى تنتهي فيها هذه الأجسام، أعتقد بالتواصل مع مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، نجد الكثير من الأعضاء من المجلسين داعمين بقوة لهذا المسار التأسيسي؛ لتمكين الشعب الليبي من قول كلمة (نعم) أو (لا) بشأن هذا المشروع، لكن يبدو أن إرادة بعض الأجسام “رهينة إرادة” أشخاص ليس ببناء مؤسساتي، وإنما هو مبنى على أغراض شخصية، وتوجه هذه الأجسام في اتجاه معين، وهو في غير مصلحة البلاد، وفي غير اتجاه إنهاء المراحل الانتقالية، والبناء الدائم للدولة الليبية.

لا أحد يملك تغيير المسار التأسيسي

هناك رأي يقول: إن القاعدة التى ينبغي أن تؤسس عليها البلد هي الدستور، ويحدد الشعب نظام حكمه، وتحدث الانتخابات على أساس دستوري… ما رأيك؟

إن أي تصور يقدم خارج الإطار التأسيسي هو تصور فرد، فكافة الموجودين في السلطة الآن هم مجرد مواطنيين ليبيين لا أكثر ولا أقل، لهم الحق أن يقولوا كلمة (نعم) أو (لا)، وأنه من تاريخ انتخاب الهيئة التأسيسية حدث انفصال بين المسار التشريعي الانتقالي، والمسار التأسيسي، وأن الهيئة مفوضة من الشعب الليبي لوضع مشروع الدستور.

أي أن كافة النواب وأعضاء المجلس الأعلى للدولة يملكون قول كلمة (نعم) أو (لا)، ولا يملكون عرقلة هذا المسار، أو وضع تصورات بديلة، وهذه الأخيرة هي المتاهة بعينها، وهي إطالةٌ للمراحل الانتقالية، وإفسادٌ للمسار التأسيسي، ومن ثم فلا يمكن القول بأن هناك أجسامًا تقدم تصورات، التصور واضح جدا بدأ بالشعب الليبي، وينتهي به.

بمعنى: أي عضو من مجلس النواب أو الأعلى للدولة هو مجرد مواطن ليبي له أن يقنع الناس بقول (نعم) وله أن يقنعهم بقول (لا)، لكن ليس له حق إفساد المسار التأسيسي، وليس له حق إيجاد أو اقتراح بدائل لهذا المسار.

إن الشعب الليبي خرج لانتخاب الهئية بناءً على قواعد واضحة جدًا يجب أن نستمر فيها إلى نهايتها، وأي تردد أو رجوع سيكلف الدولة الليبية كثيرًا، ويطيل المراحل الانتقالية التى أنهكت البلاد والعباد.

ليس للقضاء الإداري ولاية على المسار التأسيسي

أصدرت الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف البيضاء حكمًا في الدعوى بشأن الطعن المقدم ضد الهيئة ممثلة في رئيسها بصفة ممثلها القانوني… كيف ترى هذا الحكم؟

الحكم الموجود هو ليس حكم إبطال، ولا حكم إلغاء، ولا حكم انعدام، هو حكم في الشق المستعجل، أي أنه حكم مؤقت صدر من الدائرة الإدارية من محكمة استئناف البيضاء، وهو منظور حاليًا أمام المحكمة العليا، طبعًا نحن نرى بشكل واضح جدًا وفقًا للإعلان الدستوري ووفقا للوثائق المعمول بها أو حتى وفقا للتجارب المقارنة أنه لا اختصاص للقضاء الإداري بشأن عمل الهيئة التأسيسية.

القضاء الإداري لا ولاية له على أعمال الهيئة التأسيسية، لو أن أي أحد اعترض على عمل الهئية بشأن المدة أو بشأن المسار الإجرائي، أو بشأن الخطوات التى اتخدتها الهيئة التأسيسية، فعليه أن يلجأ إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، فهي الوحيدة التى تختص بالنظر في هذا المسار التأسيسي، لا اختصاص ولائي للقضاء الإداري على المسار التأسيسي، نفس الإشكالية حدثت في تونس، وكان القضاء الإداري بتونس واضحًا بفضل انفتاحه على التجارب الخارجية،  وحكم القضاء التونسي بعدم ولاية القضاء الإداري على المسار التأسيسي، ونفس الأمر حدث في مصر، وحكم القضاء الإدارى المصري بعدم ولاية الاختصاص القضاء الإداري المصري على المسار التأسيسي، نحن نأمل أن ينتهي هذا الجدل القضائي بالدائرة الإدارية بالمحكمة العليا بعدم ولاية القضاء الإداري على المسار التأسيسي.

لا يوجد “مقايضة” بين أعضاء الهيئة

هل هناك عمليات مقايضة تحدث داخل الهيئة بمعنى أن تعطونا كذا فنعطيكم كذا؟

أعضاء الهيئة كانوا مستقلين، ولم يحدث أي تدخل خارجي أو داخلي في أعمال الهيئة؛ وأنه كان مرفوضًا من قبل الهيئة، جرت حورات عميقة، وورش عمل بين أعضاء الهيئة وبين تصوراتها المختلفة، تمت الاستعانة بخبراء وطنيين، وخبراء أجانب بشأن الوصول لحلول وسطية تجمع التصورات المختلفة، كلمة “مقايضة” لا محل لها، هي عبارة عن “تشويه” لعمل الهيئة، ومساس بمشروع الدستور، و”المساومات” لا مجال لها خاصة في العمل الديمقراطي، وخاصة في هيئة انتخبت من قبل الشعب الليبي.

الذي حدث هو مفاوضات ومناقشات من أجل المقاربة بين المطروحات أو التصورات المختلفة داخل الهيئة، هناك طرح فيدرالي، هناك طرح الدولة البسيطة، هناك طرح الرجوع للنظام الملكي بتصورات مختلفة، نظام رئاسي، نظام برلماني، هل النقاش في هذه التصورات أو عرض الحجج بشأن هذه التصورات بين كل الأطراف هو مساومة؟ “طبعًا لا، ليست مساومة”، ولا يمكن وصفه بهذا الوصف، وهذا الوصف هو مجافٍ للحقيقة، الحقيقة أنه حدثت مناقشات ذات جدل قانوني، جدل من طبيعة سياسة من أجل إحداث بناء متوازن، سواء في الجانب المؤسساتي أو في الجانب الحقوقي بالفعل، نعتقد جازمين أن هذا التصور هو تصور وسطي بامتياز.

أُترك رد

كُتب بواسطة raed_admin

Exit mobile version