in

لن يكون رئيس ليبيا إلا منتخبا من الشعب

وذلك للأسباب التالية: 1. إن مسألة الانتخاب العام محسومة دستوريا بموجب: التعديل السادس للإعلان الدستوري الليبي، الذي نص على “تشكيل لجنة خلال شهر فبراير 2014، لإجراء تعديل دستوري يتضمن انتخابات رئاسية وبرلمانية، على أن تنتهي من عملها ويعتمد خلال ثلاثين يوما من تشكيلها، ويعد قانون الانتخابات بناء على هذا التعديل”.

ثم أشارت في البند م 30/ بند 12/ ب على أنه في حالة تعذر إعداد مشروع الدستور “يقوم المؤتمر الوطني العام بوضع التعديل الدستوري وقانون الانتخابات (الصادر عن لجنة فبراير) موضع التنفيذ في شهر مايو 2014”.

وهو ما يعني أن لجنة فبراير هي “لجنة دستورية”، وأن مخرجاتها دستورية، وأن المؤتمر الوطني العام عهد إليها بمهمة تعديل دستوري (واحد) لانتخابات رئاسية وبرلمانية (واحدة)، وأن مهمة المؤتمر “اعتماد” هذا التعديل ووضعه موضع التنفيذ كما هو.

وهو ما قامت به لجنة فبراير حين قررت استجابة للمهمة المناطة بها بالنص في وثيقة فبراير (م43) على أن “ينتخب رئيس الدولة للمرحلة الانتقالية بطريق الاقتراع العام السري الحر المباشر وبالأغلبية المطلقة لأصوات المقترعين في نفس موعد انتخاب مجلس النواب”.

هذا الأمر تعزز بموجب التعديل الثامن للإعلان الدستوري الصادر عن مجلس النواب في أغسطس 2014 الذي أكد على انتخاب الرئيس وفقا لوثيقة فبراير، والقرار رقم (5) لسنة 2014 الصادر عن مجلس النواب بشأن حكم انتخاب رئيس الدولة المؤقت.

وعليه، فإن أمر انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب محسوم دستوريا، ولا يملك منتدى الحوار الوطني الليبي تعديله أو إعادة النظر فيه.

2. مخرجات مؤتمر برلين المعتمد بقرار مجلس الأمن رقم 2510 لسنة 2020: ورد في الفقرة 26 من مخرجات مؤتمر برلين في الفصل المعنون “العودة إلى العملية السياسية” ما يلي:

“نحث جميع الأطراف الليبية على استئناف العملية السياسية الشاملة التي تتولى ليبيا قيادتها وتمسك بزمامها تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والمشاركة فيها بشكل بنّاء وبما يمّهد الطريق إلى إنهاء الفترة الانتقالية عبر انتخابات برلمانية ورئاسية حرة و عادلة وشاملة ونزيهة تنظمها مفوضية وطنية عليا للانتخابات مستقلة وفعالة”.

والانتخابات بهذا الوصف “الحرة والعادلة والنزيهة” هي الانتخابات العامة من الشعب.

والنقطة الحاسمة في هذا النص هي الإشارة إلى أن هذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستنظمها المفوضية العليا للانتخابات، والتي لا تنظم إلا انتخابات عامة من الشعب وفقا للإعلان الدستوري (م 30) التي تنص على أن “تتولى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات…

إجراء الانتخابات العامة”، ووفقا لقانون تأسيسها رقم 8 لسنة 2013 وتحديدا المادة (3) التي تفصل العملية الانتخابية العامة من الشعب.

أي أن مجرد النص على أن هذه الانتخابات (الرئاسية والبرلمانية) تكون من تنظيم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات يعني حتما أنها انتخابات (عامة) ولن تكون غير ذلك، وفقا للتشريعات الليبية.

والقول بغير ذلك هو شطط وجنوح عن النصوص ذات العلاقة، وانتهاك لحق الانتخاب الراسخ في التشريعات الوطنية، والأنظمة الديمقراطية، بل هو إفساد وإضرار بالمسار الديمقراطي في البلاد والدفع بها إلى أتون العنف مجددا.

3. خارطة الطريق “للمرحلة التمهيدية للحل الشامل”: ورد في تاريخ 24 ديسمبر 2021 للانتخابات المقبلة في وثيقة صدرت عن منتدى الحوار الوطني تحت إشراف البعثة الأممية في ليبيا، وهي “خارطة الطريق” الصادرة في نوفمبر 2020.

وهذه الوثيقة التي وقعت عليها أطراف المنتدى وقبلت بها سلطات الأمر الواقع، ورد فيها: “الهدف الأسمى للمرحلة التمهيدية هو تعزيز الشرعية السياسية عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساس دستوري”.

(مادة 1).

كما ورد فيها “تنتهي” المرحلة التمهيدية للحل الشامل” خلال ثمانية عشر (18) شهرا كحد أقصى على أن تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية – وفق الاستحقاق الدستوري- يوم 24 ديسمبر 2021″.

والحقيقة أولا أن النصين ربطا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا وجعلاها متلازمين بذات التاريخ وهو 24. 12. 2021.

كما وأن النصين وضعا الانتخابات الرئاسية في الترتيب قبل البرلمانية.

مما يعني منطقيا أن الإرادة الدولية وأطراف الوثيقة اتجها إلى ذات الهدف، وهو أن تجرى الانتخابات في ذات التاريخ. وهذا بالتأكيد معناه أنها انتخابات “عامة” من الشعب.

إذ لا يعقل أن تسبق انتخابات رئاسية هيئة تشريعية لم تنتخب بعد، أو أنها هيئة تختار رئيسا قبل انعقادها.

كما وأن هذه الوثيقة أكدت على حتمية المواعيد المبينة في هذه الوثيقة بما في ذلك “24 ديسمبر 2021” واعتبرت أن يكون الوفاء بالالتزامات “وفق المواعيد المقررة ” هي مسؤولية عن أعمالها أمام الشعب الليبي. (المادة 3/ جـ المعنونة “الالتزامات والمواعيد”).

إن حتمية هذا الموعد تأكد بوثيقة أخرى صدرت عن منتدى الحوار السياسي الوطني وهي (الباب الخاص بالسلطة التنفيذية الموحدة) وقيدت بموجبها السلطة التنفيذية (المجلس الرئاسي/ حكومة الوحدة الوطنية) بذات التاريخ 24/ 12/ 2021، والتي ورد فيها ما يلي: ” تتقيد السلطة التنفيذية الموحدة المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي الليبي بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية عبر المواعيد المحددة للمرحلة التمهيدية للحل الشامل”.

من نافلة القول إن بعثة الأمم المتحدة للدعم استخدمت لفظ الاختيار للسلطة التنفيذية الموحدة (مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية) في عملية التصويت التي جرت يناير 2021 على مدار يومين، تحت عنوان (آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة)، والفارق واضح بين آلية الاختيار، والعملية الانتخابية.

لذا فإن الخلاصة هي: أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية متلازمتان في ذات اليوم 24. 12. 2021، وأن الانتخابين بهذا التلازم والارتباط يرتبطان بذات التاريخ ويشكلان التزاما أمام الشعب الليبي متعينا الوفاء به في ذات التاريخ، وأن هذا التاريخ حاسم (ليس تنظيميا) ولا تراجع عنه.

4. قرارات مجلس الأمن الدولي ما بعد وثيقة خارطة الطريق: تؤكد قرارات مجلس الأمن اللاحقة على خارطة الطريق ما أكدنا عليه من إجراء انتخابات عامة مباشرة رئاسية وبرلمانية، وذلك على النحو التالي:

1. القرار رقم 2570 (2021) الذي أشار إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية (وطنية) وهو ما يعني (عامة)، وأن تكونا في يوم واحد بذات التاريخ (24 ديسمبر 2021)، وأن يوضع لهما أساس دستوري وقانون انتخابات، ولا يكون قانون الانتخابات إلا لعملية انتخابية متكاملة وليس لآلية اختيار.

كما وأن هذا القرار أكد على أن يتم تنظيم العملية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وهو ما يؤكد ما ذهبنا اليه.

وشدد القرار على أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية التي وصفها (بالمؤقتة) على اتخاذ الأعمال التحضيرية اللازمة لإجراء “انتخابات رئاسية حرة ونزيهم وشاملة” وانتخابات “حرة ونزيهة وذات مصداقية” في 24 ديسمبر 2021، وهي الأوصاف التي تطلق على الانتخابات العامة، كما وأنها تؤكد على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لا تمييز بينهما وأنهما متلازمتان في ذات التاريخ.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذا القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي ألزم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدورها في تقديم الدعم “للعملية الانتقالية في ليبيا بما في ذلك تنظيم الانتخابات” التي ربطها بذات التاريخ (24. 12. 2021) وهو ما يعني أن بعثة الأمم المتحدة، بموجب هذا القرار، مسؤولة وضامنة للعملية الانتخابية الرئاسية والبرلمانية ومؤتمنة عليها.

وبالتالي على البعثة الأممية أن تتقيد بكل الوثائق الصادرة عنها أو تحت إشرافها وقرارات مجلس الأمن، وألا تنجرّ وراء المطالب الدخيلة التي لا تمت لهذه الوثائق بصلة.

بالإضافة إلى ذلك فإن البيان الصادر عن رئيس مجلس الأمن حول ليبيا في مارس 2021، كان جليا حين أشار إلى الترتيبات الضرورية لضمان “المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة” في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية “الوطنية والحرة والنزيهة”.

وهو ما يعني صراحة أنها انتخابات عامة فلا تكون المشاركة الكاملة والمتساوية لنصف المجتمع في الانتخابات الرئاسية إلا عامة مباشرة من الشعب.

5. تعريف لفظ “الانتخابات” في التشريعات الوطنية: إن لفظ “الانتخابات” مصطلح قانوني لا يحتمل إلا معنى واحدا، وهو انتخابات عامة مباشرة من خلال التشريعات الليبية وذلك على النحو التالي:

الإعلان الدستوري: استخدم لفظ الاختيار حين كان أعضاء الهيئة التأسيسية مختارين من المؤتمر الوطني العام، ثم استخدم لفظ الانتخاب بصدور التعديل الثالث الذي جعل من أعضاء الهيئة منتخبين بموجب انتخابات عامة من الشعب.

الانتخاب في القانون رقم 4 لسنة 2012: “يكون الانتخاب حراً مباشراً سرياً شفافاً وعاماً وبما يتفق مع المعايير الدولية المتبعة.”

(المادة 3) الانتخاب في القانون رقم 14 لسنة 2014: “يكون الانتخاب حرا، عاما، مباشرا”. (المادة 4) الانتخاب في القانون رقم 10 لسنة 2014: “يكون الانتخاب عاما حرا مباشرا سريا شفافا”. (المادة ) مما تقدم يتبين أن لفظ الانتخاب هو مصطلح قانوني اقترن بالعمومية والمباشرة، ولا يكون سواه.

وكلها عمليات انتخابية نظمتها وأدارتها وأشرفت عليها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

المقترح المقدم من اللجنة القانونية التابعة لمنتدى الحوار السياسي الليبي: إن المقترح الذي تقدمت به اللجنة القانونية المنبثقة عن منتدى الحوار الوطني يبين أن هذه اللجنة وهي تتخلى عن التزام ومكسب دستوري قد وقعت في فخ المواءمات السياسية وخالفت الإرادة التعاقدية لأطراف المنتدى الذين التزموا بها أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي في مؤتمر برلين وخرجت عن محددات هذا المنتدى ووثيقتيه، والأمر متوقع طالما أن أغلب من في اللجنة من “غير القانونيين”.

هذه اللجنة خرجت عن سياق وثيقة تأسيسها (خارطة الطريق) بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بالتعرض للشأن الدستوري قفزا على إرادة الليبيين.

إن ما كان مطلوبا من هذه اللجنة هو وضع مقترح بالقاعدة الدستورية التي ستجرى عليها انتخابات “رئاسية وبرلمانية” متلازمتين معا يوم 24 ديسمبر 2021، وهي مسألة صياغة مقيدة بخارطة الطريق ومواعيدها الحتمية، وليس الخروج عن سكة خارطة الطريق، بتقديم خيارين متساويين لا أساس للخيار ولا للاختيار فيهما، بل كان عليها التقيد بواقعة الانتخابات العامة المباشرة الرئاسية والبرلمانية في تاريخ محدد (24 ديسمبر 2021) وصياغة الأساس الدستوري لذلك، لا إضافة ما يخرج عن مهمتها المنصوص عليها في خارطة الطريق، وهي صياغة الالتزام المرتبط بتاريخ الانتخابات، وليس وضع حلول سياسية توافقية خارج وثيقة خارطة الطريق.

ولو كان هناك من إرادة أخرى يسعى البعض إلى فرضها على الشعب الليبي وحرمانه من حقه المشروع في الانتخاب المكفول بالإعلان الدستوري والتشريعات النافذة والوثائق الدولية، أو التحلل من التزامات يتعين عليه الوفاء بها، فإن هذا يشكل إعاقة للمسار الديمقراطي، ويدخل في نطاق العقوبات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2571/ 2021 الصادر في 16 أبريل 2021 على الأفراد والكيانات التي “تعرقل أو تقوض نجاح عملية التحول الســياسـي”.

وعليه، فإن المرحلة الحالية هي مرحلة “انتخابات” وليس مرحلة “اختيارات” و”مساومات”.

وهي المرحلة الحاسمة المرتبطة بتاريخ محدد 24 ديسمبر 2021 تنتهي به كل الكيانات منتهية الولاية، وتلك المرحلية (السلطة التنفيذية:

المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية) التي تتقيد بهذا التاريخ ذاته وتعمل بهدف سام هو التمهيد لهذه الانتخابات.

إن عمل منتدى الحوار السياسي الليبي مقيد بموجب خارطة الطريق بأمرين: – تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معا في 24 ديسمبر 2021.

– وأن تدابيره القانونية مؤقتة ولا ينبغي اعتبار أحكامه مبدأ أو عرفا ثابتا (م 7/ 4).

لذلك، واستنادا للأسباب المذكورة أعلاه، فإن رئيس ليبيا المقبل لن يكون إلا منتخبا من الشعب الليبي، نتاجا لعملية انتخابية عامة وشاملة ونزيهة وشفافة بمشاركة كل الليبيين المؤهلين، تنظمها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في 24 ديسمبر 2021، وبمراقبة وطنية ودولية، تعيد التوازن لنظام الحكم المعتل، ويودع فيه الليبيون، إلى غير رجعة، أجساما بائسة طال احتمالها، ويكون الشعار “فليتنافس المتنافسون” بناء على (الاحتكام للوسائل الديمقراطية في إدارة التنافس السياسي والقبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة، والالتزام بقواعد النزاهة والشفافية في الانتخابات، والإقرار بنتائجها) كما ورد حرفيا في خارطة الطريق التي يحاول بعض أعضاء منتدى الحوار السياسي الليبي ذاته، وبعض سلطات الأمر الواقع، انتهاكها بعد أن قبلوا بها وتعاهدوا على احترام بنود هذه الوثيقة.

وعلى المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة اللذين تعهدا بموجب نتائج مخرجات مؤتمر برلين وما لحقها من وثائق وقرارات لمجلس الأمن وبيانات صادرة من المجتمع الدولي أن يكونا على مستوى التزاماتهما ومسؤولياتهما تجاه الشعب الليبي وحقه في ممارسة حقه الانتخابي في عملية انتخابية رئاسية وبرلمانية عامة مباشرة شفافة ونزيهة في يوم 24 ديسمبر 2021.

وما توفيقي إلا بالله.

للقانونية والكاتبة الليبية: عزة كامل المقهور

كُتب بواسطة إبراهيم العربي

نقابة الأطباء: احتجاز كوادر طبية بمركز بنغازي سلوك غير حضاري

شباب الجفرة المغدور بهم … شواهد على جرائم مليشيات حفتر ومرتزقته الفاغنر والجنجويد