منذ 2011 أغلب من تولوا منصب رئيس الحكومة في ليبيا إما تكنوقراط “خبير” أو صاحب مال ليبي، والنتيجة نراها اليوم رأي العين.
التكنوقراط يعتمد نظرية النظم المغلقة ولا يدرك عميقا تأثير العوامل المحيطة في النظم المفتوحة فيعجز عن الإدارة السياسية.
صاحب المال الليبي تَطَبّع على تكتيك الصفقة السريعة، التي مصدرها إما اعتماد بنكي أو مشروع عام، تحقق له الصفقة أوسع هامش ربح شخصي دون حتى إنجاز، وعندما يتولى رئاسة الحكومة أو الوزارة غالبا يذوب عنده العام لصالح الخاص؛ لأنه لا يملك القدرة على الموازنة بين الخاص والعام، وليس مهتما بصون إرثه السياسي، بل يركز على مضاعفة الثروة.
إدارة الدولة تتطلب سياسيين جُبلوا على تحقيق التوازن، ويدركون العلاقة بين النظم المغلقة وتلك المفتوحة، ويفرقون بين الخاص والعام، ويؤمنون أن استمرارهم في النجاح سياسيا لا يتحقق إلا بالإنجاز للصالح العام ولو في حده الأدنى.
وإن فسد السياسي ماليا أو طمع في البقاء في السلطة فعنده دوما جبلة ضرورية تفرض عليه التفكير دوما بإرثه السياسي الذي سيتركه وراءه كسياسي، وليس كصاحب مال أو خبير، وهذا التفكير في الإرث السياسي يولد لديه المسؤولية على الصالح العام وتعزز عنده أهمية حماية السيادة.
الخبراء يصلحون وينجحون في مناطق ومختبرات صناعة القرار. لكن طاولة اتخاذ القرار يعمل فيها فقط السياسيون.
وأما صاحب المال الليبي فمكانه إما الحج إلى استراحات من يملك منحه الاعتمادات البنكية، أو الاحتيال في تحصيل المال بفرض % على المشروعات العامة.
من السهل جدا أن ينسحب الخبير وصاحب المال من السلطة والمسؤولية تاركا خلفه الخراب واليباب للنجاة باللقب أو المال، أما السياسي فقد يختار الموت أو حتى القتل بديلا عن الانسحاب والتنازل عن السلطة.