شهدت محاور الاشتباكات جنوب العاصمة طرابلس تغيرات ملحوظة في الآونة الأخيرة، فقد تمكنت قوات الجيش الليبي من تعزيز مواقعها وحصد مواقع جديدة كانت تتمركز فيها عناصر حفتر، لا سيما في مناطق السبيعة وعين زارة ووادي الربيع.
تغير مجريات المعركة على أرض الواقع دفع الدول الداعمة لحفتر للبحث عن مخرج له في محاولة للحفاظ على ممثلهم الرئيسي في ليبيا؛ وذلك من خلال الدعوة لوقف إطلاق النار والعودة للحوار الرئيسي، بعد أن تبيّن لهم ضعف قدرة حفتر وعناصره على حسم المعركة عسكريًّا، وهو ما رفضه المجلس الرئاسي المُصرّ على موقفه في مواصلة الدفاع عن طرابلس.
قشة موسكو لإنقاذ باريس
قبل أيام نصح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” نظيره الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بضرورة السعي لإنهاء الصراع في ليبيا والعودة للحوار السياسي.
حديث “بوتين” جاء بمثابة القشة التي سيتعلق بها “ماكرون” الذي ورط نفسه وبلاده في فضائح انتهاك القوانين الدولية والمساهمة في زعزعة الاستقرار في ليبيا، لتخرج بعدها الرئاسة الفرنسية متحدثة عن سعيها للتوصل لحل يرضي جميع الأطراف ويعود بليبيا لنقطة لقاء تجمع كافة الليبيين لتحديد مصير الدولة من خلال الحوار لا السلاح.
لا حوار مع حفتر يا ويليامز
على غرار محاولات باريس، قالت نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية بالبعثة الأممية “ستيفاني وليامز”، خلال لقائها أعضاء بلدي مصراتة، إن رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا غسان سلامة بصدد تجميع رأي دولي جديد حول ليبيا، واضعًا في اعتباره فشل الحل العسكري، مؤكدة أن الحوار السياسي والتوافق الليبي هو المخرج الوحيد للحل في ليبيا.
حديث ويليامز عن محاولات سلامة قابله رد الحضور من مدينة مصراتة الذين أكدوا أن الحوار بشكله الجديد يشترط استبعاد الحل العسكري وحفتر من أي حوار مستقبلي، مؤكدين أهمية العمل على إيقاف التدخل الخارجي.
مصر والوصاية على الشرق
دعت وزارة الخارجية المصرية، من جانبها، للبدء بعملية تسوية شاملة في ليبيا، مطالبة الأمم المتحدة بانخراط أكبر مع برلمان طبرق الداعم لخليفة حفتر، دون الإشارة إلى حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.
وأوضحت الخارجية، في بيان رسمي، أن الحل السياسي الشامل يظل السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار في ليبيا، وأنه يتعيّن البدء الفوري بعملية التسوية الشاملة في ليبيا، التي يجب أن تستند لمعالجة شاملة للقضايا الجوهرية.
باشاغا والسراج وتجديد المواقف
المحاولات الدبلوماسية للدول الداعمة لحفتر قابلها تجديد المواقف من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا الذين أكدا استمرار الدفاع عن العاصمة طرابلس، وقطع الطريق أمام أي حوار سياسي لا يضمن رجوع القوات المعتدية على طرابلس من حيث أتت.
السراج أوضح عبر مكتبه الإعلامي، أن المعركة مستمرة في الدفاع عن العاصمة، نافياً دعوته للحوار السياسي، وواضعاً ثقته في قوات الجيش الليبي لحسم المعركة ودحر عناصر حفتر.
وأوضح وزير الداخلية فتحي باشاغا، من جهته، أنه لا يوجد مجال للحوار السياسي طالما أن حفتر وعناصره مصّرون على عدم الرجوع من حيث أتوا، مؤكدًا أن حكومة الوفاق لن تتوانى في تقديم الدعم غير المحدود للضباط والقادة العسكريين في محاور القتال.
وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على معركة طرابلس، أجمع الكل على أن الحل العسكري في ليبيا لا وجود له، الأمر الذي دفع الكثيرين ولا سيما أولئك الذين كانوا يعولون على عنصر المفاجأة الذي اتخذه حفتر في مطلع أبريل الماضي لحسم المعركة والسيطرة على طرابلس، إلى تغيير الخطط ومحاولة إدماج حفتر والعودة به لطاولة الحوار التي انقلب عليها قبيل الملتقى الوطني الجامع الذي كان من المقرر عقده في مدينة غدامس منتصف أبريل الماضي، الأمر الذي ربما لن يحدث مطلقا بعد الانتهاكات التي ارتكبتها عناصر حفتر، ليبقى مصير المعركة ضبابياً إلى حين إشعار آخر.