in

إسرائيل الدولة الدينية المتمردة …

منذ البعثة النبوية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ومنذ أن هاجر للمدينة التي كانت مهجراً لليهود الذين كما عهدناهم يتحججون بأنهم يفرون من بطش السلطة المتمثلة هذه المرة في سلطة الرومان في فلسطين إلى يثرب، التي كانت مستقرا لهم حتى خيانتهم للمسلمين في غزوة الأحزاب ونقضهم للعهد، وحديثاً منذ حصول النكبة والنكسة وما تبعها من حروب، ومنذ أن تشكلت العلاقة الندية الأزلية بين المسلمين واليهود، أو بين الدول العربية الإسلامية وكيان اسرائيل الصهيوني أصبحت مُسَلَّمةً أنه لن يكون هناك سلام أو وفاق بين كيان هذه الدولة اليهودية وبين العرب المسلمين أو تعايش سلمي وفق مبادئ احترام الآخر والسبب هو نظرة الإسرائيليين للمسلمين طبعا.

تأسست إسرائيل ككيان يهودي على ركام نحيب وعويل ومظالم لليهود من سوء معاملة الديانات الأخرى لهم سواءً الديانات السماوية مثل الإسلام والمسيحية أو الديانات الأخرى كالبوذية والهندوسية وغيرها، كما صُنّفت تعاملات الحزب النازي الألماني برئاسة أدولف هتلر مع اليهود أو محارق الهولوكوست، جوهرة التاج لهذه المظالم التي جعلت اليهود يحصلون على ما بحثوا عنه بعد انهيار الدولة اليهودية التي أسسها داوود عليه السلام في القرون الغابرة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا.

تشكلت إسرائيل بقرار من الأمم المتحدة عام 1948 بحجج واهية أحدها أن وزير خارجية بريطانيا بيلفور وعد أثرياء اليهود بوطن يجمعهم في فلسطين عام 1917 _ رغم أن هؤلاء الثرياء الآن لا يعيشون في إسرائيل حاليا – وحجج دينية أخرى كوعد إلهي وكونها أرض الميعاد وأرض المحشر وما إلى ذلك من حجج ومبررات، في البداية استقبلت الاراضي الفلسطينية التي كانت تحت الانتداب البريطاني عشرات الآلاف من اليهود الذين جبنوا عن الاقتصاص من الأوروبيين الذين ارتكبوا المجازر واستقووا على الفلسطينيين العزل أصحاب الأرض، فبدأت المليشيات الصهيونية المُغذَّاة بالحقد في تنفيذ أكبر عملية تهجير في الشرق الأوسط لسكان فلسطين من المسلمين والمسيحيين ولم يكتفوا بهذا بل طالتهم المجازر حتى في مخيمات اللجوء.

دولة دينية مارقة …

أنت ستتحصل على جنسية دولة إسرائيل متى ما أردت وكنت يهودي الديانة، ويا حبذا إن كانت والدتك يهودية أيضا، وهذا ما لا يحدث في أي قُطر على مستوى العالم سواءً أكان عربيا أو أسيويا أو أوروبيا فلا جنسية تُعْطى بناء على الديانة إلا في دولة إسرائيل اليهودية، لكن على الأغلب ستكون هذه الجنسية الممنوحة لك هي من الدرجة الثانية أو الثالثة فأنت ستسدد الضرائب وتخضع للخدمة الوطنية العسكرية الإلزامية، بينما لا يسدد الإسرائيليون من الدرجة أولى أي ضرائب ولا يُجندون لأنهم من نسل أبناء يعقوب عليه السلام (إسرائيل) ومن أصحاب الدماء النقية وليسوا كدهماء القوم.

حتى رئاسة الوزراء في اسرائيل التي ينادي منظروها بالعلمانية، تتأطر بإطار يهودي حتى بالرجوع لأسماء رؤساء الوزراء ابتداء من أول رئيس وزراء اسرائيلي وهو دافيد بن غوريون (1886-1973) وأحد أهم الشخصيات الموقعة على وثيقة تأسيس دولة اسرائيل ويحمل الاسم العبري للنبي داوود عليه السلام، كذلك موشيه شاريت (1894-1965) وموشيه هي من موسى، وإسحاق رابين (1922-1995) وإسحاق هو والد يعقوب عليهما السلام، ونفتالي بينت (1972) وإيهود باراك (1942) وبنيامين نتنياهو (1949) وشمعون بيريز (1923-2016)، وهي أسماء من أسماء بني يعقوب الاثنى عشر.

كل هذا وتدعم اسرائيل مجتمعات المثلية والشذوذ والعلمانية سعيا منها لمحاولة إغراق الدول في اللامنطق وفي وحل القوانين البشرية الوضعية غير المنطقية التي لا مرجعية لها.

منهجية تأسيس أمريكا وما يحدث الآن …

غزة ليست الأندلس حتى يبكيها العرب في أشعارهم أو يرثيها المسلمون في مدوناتهم، غزة والضفة وفلسطين هي مكون عربي إسلامي حنفي في منطقة عربية إسلامية شاء من شاء وأبى من أبى، فاليهودية في حد ذاتها أو بعثة موسى عليه السلام وهو من مواليد مصر بدأت من الوادي المقدس بطوى وهو ما تشير الروايات أنه بسيناء وبعدها توجه إلى مصر مجددا لدعوة فرعون للرسالة ثم عبر البحر مجددا إلى سيناء ولم يدخلوا فلسطين إلا فترة حكم داوود عليه السلام، حيث سكن اخوة يوسف وهم من أبناء إسرائيل (النبي يعقوب) مصر، وكما قال الله عز وجل في سورة يوسف ” وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ” وهذه القصة أصبحت مملة من كثرة تكرارها والتي يتجاهلها العالم المتحضر العلماني، الذي تقوده أمريكا تلك الدولة التي تأسست أصلا من مجموعة من الأوروبيين الذين استعبدوا الأفارقة وأبادوا سكان أمريكا الشمالية.

لا فرق في المنهجية، فكيان الولايات المتحدة يختلف عن فرنسا أو الصين أو روسيا أو حتى بريطانيا وإيطاليا فقد تأسست دولة أمريكا بعد إبادة السكان الحقيقيين لأمريكا الشمالية وهم الهنود الحمر، واستعبدوا لقرون الأفارقة السود حتى نشبت الحرب الأهلية التي كادت تعصف بأمريكا ككل، الولايات المتحدة التي ناصرت المجازر الإسرائيلية في فلسطين ولبنان والتي أقامت مجازر هيروشيما وناغازاكي في اليابان ومجازرها في العراق وافغانستان.

إنه نفس المنهج الرائد في العالم نهج القوة والسطوة والسيطرة والإيلاف والعهد بين اليهود والأمريكيين الذين دعموا اقتصاد أمريكا فترة الكساد العظيم وخلال الحرب العالمية الثانية حتى تقضي الأخيرة على نازية هتلر للأبد.

لتدعم نازية أكبر وأكبر تقتقل الطفل والمرأة دون تفريق وتنكل بالجثث وتعذب الأسير وتتشدق بحقوق الإنسان وديمقراطية المسار السياسي.

غزة ليست الأندلس حتى يخرج منها المسلمون بسهولة، وليست الهند في أقصى الأرض حتى لا يوليها الإسلام أولويته، غزة هي الأرض التي أصبحت تحرك الوجدان العربي الصامت والضمير العربي النائم وربما الأمل الأخير للضغط على الصهاينة إما للجلاء الكامل وتحقيق نصر مؤزر أو على أقل تقدير الوصول إلى حل الدولتين، وهنا الحديث عن دولة ذات سيادة كاملة وهذا ما لن تسمح به إسرائيل المارقة.

في تل أبيب فخر الصناعة الأمريكية في المنطقة يتشدق أنطوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة بأنه يزور إسرائيل ويتضامن معها ليس كونه وزير خارجية فقط بل لأنه يهودي أيضا، في إشارة إلى أن طوفان الأقصى كانت بمثابة عملية ضد اليهود وليست ضد دولتين هما إسرائيل وفلسطين، شيدت الولايات المتحدة جسرها الجوي المعتاد في الحروب سواء عام النكسة أو في 1973 والآن في طوفان الأقصى، لتحافظ الولايات المتحدة على علاقتها الطيبة بالكيان وبقيمته المالية في الاقتصاد العالمي الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، كما تتبنى وتدافع عن نظرية التهجير التي قامت عليها الولايات المتحدة ذاتها، وكأننا أمام مُسلمة كارل ماركس بأن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة وفي المرة الثانية كمهزلة وربما لمرات ومرات إذا ما استطاعت إسرائيل تنفيذ مخططها بالسيطرة من الفرات إلى النيل أو من الخليج إلى المحيط.

كُتب بواسطة مرام عبدالرحمن

السائح: بدأنا في توزيع تطعيمات الأطفال وسنُطلق في 2 ديسمبر حملة التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية

السريري: “باتيلي” ليس لديه حلول وطرحه هلامي وغير واضح