بشكل مفاجئ تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من مساء الثلاثاء نسخة من قرار يحمل توقيع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة يعزل فيه رئيس مصلحة الأحوال المدنية محمد بالتمر من منصبه ليعين مكانه العميد طارق حمودة الثمن، وهو مدير فرع الرقابة الإدارية بجنزور، وبدورها نقلت مواقع إعلامية كثيرة الخبر، مؤكدة أن قرار عزل بالتمر صحيح.
توقيت القرار الصادر في وقت تعيش البلاد على وقع أزمة انقسام سياسي جديد؛ بسبب رفض الحكومة تسليم السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة من مجلس النواب، ما يجعل أي تغيير في قيادات وهيكلة المؤسسات والهيئات الوطنية الكبرى أمرا مرتبطا بحسابات المرحلة، خاصة إذا كانت هيئة كالأحوال المدنية ذات علاقة مباشرة وكبيرة بالاستحقاقات القادمة وأولها الانتخابات، كما أن هيئة الرقابة الإدارية سبق أن نبهت الحكومة إلى التوقف عن إصدار أي قرار بتعيين وعزل كبار المسؤولين بالدولة باعتبارها حكومة تصريف أعمال منذ صوت مجلس النواب على سحب الثقة منها.
كما أن تغيير المسؤول الأول في هيئة بالغة الحساسية والأهمية مثل الأحوال المدنية يفترض أن يعلن في المنصات الإعلامية الرسمية للحكومة المنتهية ولايتها أو وزارة الداخلية التابعة لها، وهو ما لم يحدث، وهي عادة درجت على حكومة الدبيبة بأن تسرب عبر منصات غير رسمية بعض القرارات التي يمكن الطعن فيها قانونا وإسقاطها أو تلك التي تريد منها جس النبض مع الاحتفاظ بهامش التراجع عنها عند الضرورة.
كتاب سري بالعزل صادر من 10 شهور !
(صورة قرار تعيين طارق حمودة الثمن بدل بالتمر )
موظفون بالأحوال المدنية وقانونيون علقوا على القرار في مواقع التواصل الاجتماعي، وركزت ملاحظاتهم على أن حيثيات قرار الدبيبة بعزل بالتمر غاب عنها أي إشارة لقوانين أساسية في عمل وهيكلة مصلحة الأحوال المدنية، ومنها القانون 11 لسنة 1984 وهو اساس عمل المصلحة، كما غاب القانون رقم ( 8 ) لسنة 2014 بشان الرقم الوطني.
ملاحظة أخرى لافتة في حيثيات قرار الدبيبة، وهي تأسيسه على كتاب يقول القرار إنه صادر بتاريخ 25 مايو 2021 عن أمين سر شؤون مجلس الوزراء في الحكومة المنتهية ولايتها، ورغم أن قرار تغيير بالتمر لا يكشف مضمون الكتاب لكنه إدارجه في حيثياته الرسمية يدل على أنه يحمل مقترح التغيير، وهو الأمر الذي يبدو غريبا جدا، حيث إن تنفيذه تأخر أكثر من 10 أشهر ليبتناه مجلس الوزراء بعد أن سقطت شرعية الحكومة القانونية والسياسية.
بالتمر يدفع ثمن موقفه من خطة الدبيبة
وفي غياب أي تبرير رسمي لقرار الدبيبة تغيير رئيس مصلحة الأحوال المدنية، تظهر الأشهر الأخيرة أن رئيسها محمد بالتمر ربما يكون قد دفع ثمن مواقفه من بعض الأحداث التي فرض عليه موقعه أن يتعاطى معها
ففي جلسة مجلس النواب المنعقدة بتاريخ 24 يناير، قال تقرير لجنة خارطة الطريق الذي قرأه رئيسها نصر الدين مهنا، إنهم التقوا محمد بالتمر ضمن لقاءاتهم مع المؤسسات والهيئات المعنية بالانتخابات، وأن رئيس مصلحة الأحوال المدنية قدم تقريره للجنة عن الصعوبات التي تواجه مصلحة الأحوال المدنية في الانتخابات من وقوع حالات تزوير، مشيرًا إلى أن بالتمر أكد أن هناك عددًا كبيرًا من الأجانب تم تسجيلهم بالمخالفة في السجلات، وطالب بإجراء مراجعة بين السجلات الورقية والإلكترونية، في عملية سيستغرق الانتهاء منها ما بين 6 و9 أشهر.
وكانت مصادر عدة قد أكدت أن الدبيبة مارس ضغوطه على المؤسسات والهيئات المعنية بالانتخابات لتقديم تقارير مزيفة تدعم خطته للبقاء في السلطة حتى تنظيم انتخابات يريدها أن لا تتجاوز شهر يونيو، وهو ما يعني أن تقرير بالتمر خالف تلك الرغبة سابقا ما يجعل الدبيبة لا يثق فيه ليجاريه في خطته الجديدة لتنظيم انتخابات بأي ثمن قبل نهاية يونيو
بالتمر عارض فتح باب التجنيس قبل مجيئ الحكومة المنتخبة
موقف آخر ظهر فيه رئيس مصلحة الأحوال المدنية معارضا بشكل واضح لقرار الدبيبة المفاجئ فتح باب التجنيس للآلاف من أصحاب الأرقام الإدارية وفئات أخرى كثيرة.
وفي 7 اكتوبر 2021 قال بيان للمجلس الرئاسي إن رئيسه محمد المنفي، التقى رئيس مصلحة الأحوال المدنية، وناقش معه قضية منح الجنسية الليبية والرقم الإداري، وأضاف البيان أن المنفي اعتبر منح الجنسية الليبية يجب أن يخضع لإجراءات دقيقة، ودراسة متأنية وهو ما يعني الحاجة للوقت حتى تستطيع الحكومة القادمة إنجازه بشكل يحفظ حقوق الجميع.
من جهته قال رئيس مصلحة الأحوال المدنية، إن المرحلة الراهنة، مرحلة حساسة جداً وتحتاج إلى متابعة و تدقيق في كل ما يتعلق بعمل مصلحة الأحوال المدنية.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=230785275779592&id=106605708197550
ويتوقع أن الدبيبة الذي بنى خطته لفتح باب التجنيس على أساس اعتبارات انتخابية ودعائية، يريد بعث الخطة مجددا لاختراق وكسب بعض المكونات في الجنوب.
الأحوال المدنية أكدت وجود تزوير في منحة الزواج
وقبل أسابيع أعلنت مباحث الأحوال المدنية أنها ضبطت أول عملية تزوير للحصول على منحة الزواج، مؤكدة استمرار التحقيقات لضبط كل المتورطين والمشاركين لإحالتهم على القضاء.
https://www.facebook.com/arraedntv/posts/1717270328477142
وأعطى الإعلان مصداقية للتقارير العديدة التي تحدثت عن وجود حالات تزوير في الحصول على منحة الـ 40 ألف دينار، والتي كذبها رئيس الحكومة شخصيا وقال إنها ملفقة وتريد التشويش على مشروعه لتزويج الشباب، ما اعتبره البعض في حينه اتهاما من الدبيبة لبالتمر الذي لم يرد التغطية على حالات التزوير وكشفها للعلن.