in

طريق خارطة الطريق

من الأعراف السياسية التقليدية والإلزامية أن أمام كل تغيير أو محاولة تغيير سياسي تصحبه خارطة طريق تجلي الأوهام وتزيح الشكوك وترسم طريقا واضح المعالم لخطى تنفيذية يقوم بها الساسة للوصول إلى الاستقرار.

علي سبيل المثال إذا حصل انقلاب هنا أو هناك أو أصبح الرئيس غير قادر على ممارسة مهامه لأي سبب كان، دعك من الدستور، هنا الحديث عن انتقال غير دستوري للسلطة، يقوم المنقلبون أو الرؤساء الجدد بتعطيل الدستور السابق أو إلغائه وعرض خارطة طريق عادة ما تكون بإعلان دستوري مؤقت يحكم البلاد، أو وثيقة دستورية أو قاعدة يكون فيها الوضع صياغة دستور ثم انتقال للانتخابات و هكذا.

أيضا في ليبيا أعلن المجلس الوطني الانتقالي المناوئ للقذافي إعلانا دستوريا وكلف حكومةََ انتقالية برئاسة الكيب تهيئ لانتخابات برلمانية وهذا ما حدث وبعدها دخلت فوضى يطول سردها.

بعد نهاية الاقتتال والاحتراب في ليبيا وأمام أزمة دستورية عنوانها انقسام برلماني وحكومي ورئاسة متنازع عليها بين السراج وعقيلة صالح وغيرهم من السياسيين والعسكريين، مؤتمر برلين حدد مساراته الخمسة والتي منها الدستوري والسياسي، ونظرا للاختلاف العميق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة انبثقت لجنة ملتقى الحوار السياسي الليبي أو لجنة الـ 75 وأنتجت خارطة طريق تونس والتي كانت أحد مساراتها انتخاب حكومة ومجلس رئاسي في جنيف.

خارطة الطريق تبين أن السلطة التنفيذية تكون على الحياد ولا تشارك في الانتخابات – وهذا ما تم خرقه لاحقا – وتقيم الانتخابات بين المتنازعين لغرض تجديد الشرعية وهذا ما لم يحصل أيضا.

انهيار خارطة الطريق يعني أنه لا مفر للمستقبل إلا أمرين، أولهما الاحتراب حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، وآخرهما هو التيه والفراغ والفوضى حتى تقوم الحرب من جديد.

حكومة الوحدة الوطنية فشلت في اقامة الانتخابات لعدة أسباب يطول ذكرها، وباعتبار أنها السلطة التنفيذية المسؤولة فهي تتحمل مناقب ومثالب الأمور على علاتها، ومن أبجديات السياسة أيضا أنه لابد من أن تكون هناك حكومة تقيم وتشرف على الانتخابات مثلما حدث في لبنان بعد مقتل الحريري وتولي حكومة ميقاتي وإجراء الانتخابات 200‪5 أو حكومة الكيب أو حكومة حمدوك أو حكومة مصطفى الكاظمي في العراق.

كما أنه من الأبجديات أيضا ان تبسط هذه الحكومة المناط بها إجراء الانتخابات سيطرتها على كافة أرجاء البلاد لضمان إمكانية التنفيذ ومعايير النزاهة والشفافية وهذا ما افتقرت له حكومة الوحدة اليوم بعدم قدرتها على بسط سيطرتها في الشرق والجنوب وأصبح إجراء الانتخابات ضربا من ضروب الخيال، لايقبله عقل ولا منطق ولا يمكن الائتمان بنزاهة وشفافية نتائجها.

خارطة الطريق التي عرضها رئيس الحكومة الدبيبة لم تلق تفاعلا لا من البعثة ولا من الأطراف التشريعية لأن الانتخابات البرلمانية وحدها ليست الحل وأن مسار برلين يتحدث عن انتخابات رئاسية وبرلمانية بالتزامن وفقا لأساس دستوري، أيضا ففكرة التصويت الإلكتروني أو عن بعد لايمكن تطبيقها لأن البنى التحتية الالكترونية تكاد تكون منعدمة في ليبيا، ناهيك عن عدم ترحيب الدوائر شعبيا بالمبادرة وعدم التفاعل معها، وكأن المراد منها مجرد كسب الوقت فقط لاغير.

خارطة الطريق التي أقرها البرلمان بالتوافق مع مجلس الدولة تظل الأكثر واقعية فمعالجة إشكالات السجل المدني واستعادة المفوضية العليا لتوازنها ودورها تحتاج المدة التي أقرتها لجنة خارطة الطريق من المجلسين، أيضا تعنى خارطة الطريق يتغيير السلطة التنفيذية لسبيين الأول أن حكومة الوحدة أصبحت طرفا من أطراف الصراع، وثانيها أن الخدمات أصبحت ضرورةََ للحفاظ على الاستقرار والوفاق النسبي بين الليبيين والمحافظة على وقف إطلاق النار، وآخرها أن الحكومة التي يُفترض أن تجري الانتخابات وقت النزاع من المطلوب حيادها، وهذا ما أكده فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية في مناسبتين بالبوح صراحة وتعهده بعدم الترشح للانتخابات القادمة التي ستجريها حكومته إن وفقها الله.

يبقى الطريق للوصول لخارطة طريق أمرا متعبا ومضنيا شهدناه من خلال ملتقى الحوار السياسي في تونس و جنيف ومن خلال لجنتي التوافق بين المجلسين حينما صاغت خارطة الطريق الحالية ضمن الإعلان الدستوري الأخير، فالهدوء وعدم التصعيد والرغبة في التوافق والصدق في النوايا مطلوب والا فإننا سنحتاج إلى أضعاف مضاعفه من الوقت ومن هذه الجهود للوصول لتوافق جديد قد لا تتأتى ظروفه غدا كما تأتت اليوم.

دفع ثمن مواقفه في الانتخابات والتجنيس وتزوير منح الزواج … لماذا قرر الدبيبة في الوقت الضائع تغيير محمد بالتمر !؟

مجلس النواب يرحب بالبيان السعودي المصري المشترك