تعيش العاصمة طرابلس حالة من الترقّب والحذر الأمني، تزامنًا مع تطورات متسارعة على المستويين الأمني والسياسي، في وقت تتزايد فيه الضغوط الشعبية على حكومة الوحدة، وسط حديث متصاعد عن تعديل وزاري قريب.
وعلى الصعيد الأمني، أعلنت مصادر أمنية عن تحريك نحو 250 آلية عسكرية مسلحة تابعة لقوة المهام الخاصة من منطقة تاجوراء باتجاه العاصمة طرابلس، بهدف فرض طوق أمني وتعزيز إجراءات الحماية داخل المدينة.
وبحسب المصادر، تأتي هذه الخطوة كإجراء احترازي لمنع أي انفلات أمني محتمل أو استغلال للتطورات الأخيرة في تحركات غير منضبطة.
ويأتي هذا التحرك بالتزامن مع الإعلان عن وفاة رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه في حادث تحطم طائرة بتركيا، وهو حدث أثار حالة من القلق والترقب داخل الأوساط الرسمية والشعبية، في ظل مخاوف من انعكاساته على المشهد الأمني.
في السياق ذاته، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء غير مؤكدة عن مقتل ضابط برتبة ملازم تابع لجهاز الأمن الداخلي في منطقة عين زارة، ما عزز من مؤشرات التوتر الأمني داخل العاصمة، رغم غياب بيانات رسمية تؤكد تفاصيل الحادثة.
بالتوازي مع ذلك، شهدت طرابلس ومصراتة عودة المظاهرات المناوئة للحكومة، حيث أعلن حراك أبناء سوق الجمعة استئناف تظاهراته احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وأشار بيان للحراك إلى تفاقم الأزمات اليومية، من غياب الأمن وتدهور قيمة العملة وانعدام السيولة، معتبرًا أن “الانهيار بلغ مداه ونفد الصبر”.
وحمّل البيان رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وكافة الأجسام السياسية المسؤولية السياسية والأخلاقية عما وصفه بـ”الفساد الممنهج والخراب الاقتصادي وتعطيل مؤسسات الدولة”.
كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة خروج مظاهرات في مدينة مصراتة، تطالب برحيل حكومة الوحدة الوطنية وبقية الأجسام السياسية، على خلفية اتهامات بانتشار الفساد واستمرار حالة الجمود.
وفيما يؤكد منظمو الاحتجاجات أن تحركاتهم تهدف إلى محاربة الفساد والدفع نحو إنهاء الانسداد السياسي، يرى مراقبون أن بعض هذه التحركات قد تُستَخدم كأداة ضغط في سياق الترتيبات السياسية الجارية، خاصة مع اقتراب إعلان تعديل وزاري مرتقب.
وكانت حكومة الوحدة قد أعلنت في 16 ديسمبر الجاري نيتها إجراء تعديلات حكومية “إصلاحية”، تشمل سد الشواغر في عدد من الوزارات.
وأوضحت الحكومة أن هذه الخطوة تهدف إلى رفع كفاءة الأداء المؤسسي وتوسيع دائرة التوافق السياسي، بما يتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها.
وفي ظل هذه التطورات المتزامنة، تبقى طرابلس أمام مشهد معقد تتداخل فيه الهواجس الأمنية مع الضغوط الشعبية والحسابات السياسية، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من قرارات وتوازنات جديدة.

