أثار إعلان رئيس المجلس الرئاسي و ورئيس حكومة الوحدة ورئيس مجلس الدولة عن إنشاء الهيئة العليا للرئاسات، ردود فعل مثيرة للجدل محليًا حيث رآها البعض
خطوة تسهم في زيادة حدة الانقسام، في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد في حين قالت الجهات المعلنة للهيئة، إن هذا القرار يأتي في سياق مقاربة وطنية مشتركة تهدف إلى توحيد القرار الوطني في الملفات الاستراتيجية وتعزيز الانسجام المؤسسي بين السلطات.
تلويح بالانفصال
من جهتها، بادرت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب برفض الخطوة، معتبرة الهيئة كيانًا غير قانوني ولا سند دستوري له، ملوحة بطرح خيار الحكم الذاتي في حال استمرار هذه الأزمة.
وأكدت الحكومة في بيان لها، أن تنظيم السلطة محصور بمجلس النواب المنتخب فقط، ولا يحق لأي جهة تنفيذية أو استشارية اتخاذ قرارات سيادية، مؤكدة أن “إجراء الاستحقاقات الانتخابية هو السبيل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي وإعادة الشرعية للمؤسسات”.
الأهم توحيد الحكومة
وفي تعليقه على القرار، قال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد بوبريق، إن الأهم هو أن يتوجه الجميع نحو حكومة موحدة وقوانين انتخابية لا تقصي أحدا ومتفق عليها تقود لانتخابات شاملة تنهي المراحل الانتقالية.
وأضاف بوبريق في تصريح للرائد، أنهم مع أي خطوة توحد المؤسسات بشرط أن تكون منسجمة مع الإطار القانوني والتوافق الوطني، والا فإنها ستعيد إنتاج الانقسام.
ليست دستورية
بالمقابل، أعلنت تنسيقية الكتل الثلاثة بالمجلس الأعلى للدولة رفضها القاطع لإنشاء هذه الهيئة، مؤكد أنها لا تقوم على أي أساس دستوري، ولا يوجد لها أي توصيف قانوني.
وقالت التنسيقية في بيان لها إن استحداث مثل هذه الأجسام خارج الإطار الدستوري يشكل تطورا سياسيا خطيرا يؤدي إلى مزيد من الانقسام والتشظي، ويعرقل جهود البعثة الأممية.
واعتبرت التنسيقة القرار إخلالا جسيما بمبدأ الفصل بين السلطات، ومصادرة صريحة لدور المجلس الأعلى للدولة التشريعي والرقابي المنوط به.
مظلة سياسية مصطنعة
وفي سياق متصل قالت كتلة التوافق بمجلس الدولة أن إعلان بالهيئة العليا للرئاسات، جاء في لحظة سياسية تستوجب تعزيز الشرعية والمضي نحو إنهاء الانقسام، لا إعادة إنتاج هياكل موازية تُعرقل مسار التغيير المدعوم من البعثة الأممية.
وأضافت الكتلة في بيان لها أن هذا التشكيل يمثل محاولة لإطالة عمر الأجسام القائمة عبر مظلة سياسية مصطنعة، رغم ما تعانيه من تآكل في الشرعية، وتراجع ثقة الشارع، وعجز واضح عن معالجة الأزمات المتراكمة.
وأشارت الكتلة إلى ان هذا الإعلان جاء استباقًا لتحركات موازية في المنطقة الشرقية، وهي تحركات لا تختلف في جوهرها عن كونها إجراءات أحادية تفتقر إلى أي أساس دستوري أو توافق وطني، ولا يمكن أن تُنتج حلولًا حقيقية، بل تزيد من حالة التشظي والازدواجية في مؤسسات الدولة.
وعبرت الكتلة عن أسفها لانخراط رئيس المجلس الأعلى للدولة في هذا التكتل التنفيذي الخارج عن حدود اختصاصاته ومن دون عرض الأمر على المجلس، في مخالفة صريحة للاتفاق السياسي واللوائح الداخلية، مؤكد أن ليبيا اليوم أحوج ما تكون إلى سلطة تنفيذية جديدة موحدة تمتلك الشرعية والرؤية والقدرة على توحيد المؤسسات وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات
تعارض مع مشروع البعثة
من جهته اعتبر المحلل السياسي إلياس الباروني أن الهيئة يمكن أن تستخدم كغطاء لتثبيت مواقف سياسية أو لتوزيع الموارد خارج إطار مؤسسي متفق عليه، مما قد يزيد من التنافس على النفوذ.
وقال في تصريح للرائد إنه إذا أُديرت فعلاً كمنصّة تنسيقية شفافة لا تخلق هياكل جديدة، وقدّمت جدول أعمال واضحًا لتسوية القضايا الاستراتيجية (الأمن، النفط، العقود الدولية، المفوضيات الانتخابية)، فقد تُسهم في تخفيف ازدواجية المواقف وتسريع اتخاذ القرارات المطلوبة.
وتابع أنه في غياب قاعدة دستورية أو قانونية واضحة يتيح لخصوم الخطوة تصنيفها كـ«انفراد بالسلطة» أو خروجًا عن شرعية المرحلة الانتقالية، مما يزيد من حدّة الاستقطاب بين شرق وغرب البلاد.
ورأى الباروني أن البعثة الأممية تميل إلى مسارات تقود إلى مؤسسات شرعية وفق خارطة طريق واضحة، وترفض أي خطوات تُثير سجالًا دستوريًا لأنها تُضعف فرص التوافق الوطني.
وأكد الباروني أن تشكيل هذه الهيئة من دون توسيع قاعدة المشاركة يشكل خطرًا بالتعارض مع مشروع البعثة، ما لم يُنسَّق معها رسميًا وتُضمن مرجعية قانونية مقبولة وتشارك فيها أطراف أوسع.
ليس حلا
واستبعد عضو مجلس النواب علي السويح أن يحل استحداث جسم جديد أزمة الثقة بين شرق وغرب البلاد، متوقعا في تصريح للجزيرة نت رفض البرلمان لدعوة الانضمام لهذه الهيئة مشيرا إلى أنه في حال وجود رغبة حقيقية للتعاون بين الأجسام السياسية فلا مانع من ذلك

