Menu
in

تواطؤ سياسي أم حسابات أمنية؟ قضية “أسامة المصري” تُربك حكومة “ميلوني”

يشهد المشهد السياسي في إيطاليا جدلاً واسعًا حول قضية أسامة نجيم المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، بعد اعتقاله في تورينو وإطلاق سراحه خلال 48 ساعة فقط.
ويتهم ثلاثة من كبار المسؤولين في حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بالتورط في تسهيل هروبه من العدالة، وإخفاء تفاصيل الاجتماعات التي تناولت قضيته عن البرلمان.

اتهامات لثلاثة مسؤولين كبار في الحكومة الإيطالية

وفقاً لموقع politico الايطالي اتُّهِم ثلاثة مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بالمساعدة في هروب أحد أمراء الحرب الليبيين “أسامة نجيم” من العدالة، وبإخفاء اجتماعات سرية تتعلق بقضيته عن البرلمان، وذلك وفقًا لتقرير قُدِّم إلى البرلمان يُلخّص ملف الادعاء.

 

من الاعتقال إلى الإفراج في 48 ساعة

تتعلق القضية باعتقال ثم الإفراج السريع عن أسامة المصري نجم، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وقد تحوّلت إلى فضيحة وطنية في إيطاليا.

وكان المصري، أحد المسؤولين البارزين في سجن معيتيقة سيئ السمعة في طرابلس، قد تم اعتقاله في يناير بمدينة تورينو بعد حضوره مباراة لفريق يوفنتوس، لكنه أُفرج عنه بعد 48 ساعة فقط.

المصري متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل التعذيب والقتل والعنف الجنسي، حيث يواجه 22 حالة اغتصاب و36 جريمة قتل.

تصويت حاسم في البرلمان الإيطالي

من المقرر أن يصوّت البرلمان الإيطالي يوم الثلاثاء المقبل على ما إذا كان يُسمح بملاحقة الوزيرين وسكرتير مجلس الوزراء المتورطين في القضية قضائيًا، وذلك بعد عرض النائب في حزب الديمقراطيين المعارض فيديريكو جياناسي، تقريرًا يُلخص قضية الادعاء أمام اللجنة المختصة.

ثلاثة مسؤولين تحت المجهر

التحقيق يشمل وزير العدل كارلو نورديو، ووزير الداخلية ماتيو بيانتيدوزي، وأمين عام مجلس الوزراء ألفريدو مانتوفانو.
ويواجه الثلاثة اتهامات بمساعدة مجرم على الفرار من العدالة الدولية، وإساءة استخدام السلطة، بعد اعتقال المصري بناءً على مذكرة من الإنتربول بتاريخ 19 يناير.

ردود رسمية وتحفّظات

قال متحدث باسم وزير العدل نورديو إن الوزير كان “ملزمًا بإجراء تقييم سياسي وقانوني أولي” قبل إحالة الطلبات، ما استغرق يومين، وأدى إلى الإفراج عن المصري “بسبب خطأ إجرائي”.
وأضاف أن الوثائق الواردة من المحكمة الجنائية الدولية كانت تحوي “شكوكًا وأخطاء” أبطلتها قانونيًا.

أما وزير الداخلية بيانتيدوزي، فقال إن المصري “أُطلق سراحه ورُحِّل لأسباب أمنية عاجلة”، بسبب “الخطر الذي يشكّله هذا الشخص”.
في حين رفض مكتب مانتوفانو التعليق رغم تلقيه طلبًا رسميًا بذلك.

تحذيرات استخباراتية وأبعاد أمنية

أفاد تقرير جياناسي بأن الوزراء عقدوا اجتماعات عبر الإنترنت بعد اعتقال المصري، وتم خلالها تحذيرهم من قبل أجهزة الاستخبارات من أن استمرار احتجازه قد يؤدي إلى أعمال انتقامية تمس مصالح إيطاليا الاقتصادية، وخصوصًا محطة الغاز التابعة لـ شركة إيني في مليتة، والملف الليبي للهجرة غير النظامية، نظرًا لسيطرة “الردع “على المناطق المعنية.

وأشار التقرير إلى أن المصري كان شخصية بارزة في “قوة الردع الخاصة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”.

كما تلقّى المسؤولون تحذيرات من إمكانية اعتقال مواطنين إيطاليين في أعمال انتقامية محتملة.

استراتيجية “عدم التدخل” وتداعياتها

خلال الاجتماعات، اعتمد الوزراء “استراتيجية عدم التدخل”، مما أدى إلى إطلاق سراح المصري بحجة “الخطأ الإجرائي”.

وأوضح التقرير أن هذا التقاعس أدى إلى ضياع أدلة مهمة كانت موجودة على هواتف محمولة ووثائق.
كما أشار إلى أن عودة المصري إلى ليبيا على متن طائرة حكومية إيطالية، حيث استُقبل بحشود تهتف له، ساهمت في “تسهيل استمرار سلوك مشابه”.

وصرّح جياناسي بأن الرحلة الجوية “لم تكن مبررة بأسباب أمنية”، بل “ضمنت للمصري عودة فورية وآمنة، دون إمكانية توقيفه”.

حجب معلومات عن البرلمان

أشار التقرير إلى أنه في 5 فبراير، وبعد أسبوع من إطلاق سراح المصري، لم يصرّح الوزيران خلال مثولهما أمام البرلمان بأي تفاصيل عن الاجتماعات الوزارية التي نوقشت خلالها القضية، وتم فيها اعتماد استراتيجية عدم المضي قدمًا.

اتهامات بالانتهازية السياسية

قال جياناسي أمام اللجنة المعنية بالنظر في ملاحقة الوزراء قضائيًا إن الوزراء وأمين عام مجلس الوزراء تصرّفوا بدافع “الانتهازية السياسية البحتة”، استنادًا إلى مخاوف غير مدعومة بأدلة ملموسة، وهو ما يعكس، بحسب تعبيره، “ضعف الحكومة الإيطالية أمام “الميليشيات المسلحة” التي تنشط خارج البلاد وتنتهك حقوق الإنسان”.

اللجوء إلى المحكمة الأوروبية وتحركات من المحكمة الجنائية الدولية

في حال تمت حماية الوزراء من المحاكمة بفضل الأغلبية التي تملكها ميلوني في البرلمان، قد يلجأ ضحايا أسامة المصري المفترضون إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما دعا مدّعو المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح إجراءات ضد الحكومة الإيطالية، قد تؤدي إلى إحالة إيطاليا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بتهمة انتهاك التزاماتها الدولية ومن المتوقع أن يصدر القرار خلال الأشهر المقبلة.

كُتب بواسطة ليلى أحمد

Exit mobile version