Menu
in

تيتية: يجب أن تكون حماية المدنيين والعدالة والمساءلة أولوية وطنية في ليبيا

قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتية، إن الأحداث الأخيرة التي شهدتها ليبيا كشفت مرة أخرى عن فشل الجهات الأمنية وغيرها الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وظهرت الحاجة الملحة لكسر دورات العنف والإفلات من العقاب.

تيتية، في تقرير لها، أضافت أن التجاهل الصريح للحقوق الإنسانية الأساسية ليس فقط أخلاقية وقانونية، بل هو السبب الرئيسي وراء عدم الاستقرار والصراع المستمرة في ليبيا.

وأشارت تيتية إلى أن في 12 يناير، ظهرت مقاطع فيديو مروعة من مركز احتجاز، تكشف عن التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها المعتقلون، وشوهد عشرات المحتجزين الليبيين وبعض المعتقلين الأجانب وهم يجبرون على الاعتداء على أوضاع مجهدة، وتعرضوا للضرب بالعصي، وركلهم بعنف من قبل الحراس، مضيفا أنه في 5 مايو ظهرت صور مروعة لإبراهيم الدرسي، عضو مجلس النواب، المفقود منذ عام، وهو محتجز بالسلاسل ويحمل علامات تعذيب واضحة.

وأوضحت أن هذه الحوادث التي وثقتها البعثة تعكس نمطا راسخا من الانتهاكات حيث تعمل الجماعات المسلحة دون خوف من المساءلة.

وتابعت تيتية قولها في 12 مايو، وقعت جريمة قتل قائد ميليشيا في طرابلس مما أثار عنفًا انتقاميًا، مما يدل على القبضة المتقلبة للجماعات المسلحة، وتحمل المدنيون العبء الأكبر من هذه الاشتباكات وقد قُتل أو أُصيب العديد من الأشخاص، وكانت هناك أضرار واسعة النطاق للممتلكات، بما في ذلك البنية التحتية المحمية مثل المستشفيات، وتم إغلاق المدارس والجامعات وتعليق السفر الجوي.

وفي سياق متصل، أشارت المبعوثة إلى أنه عقب الاشتباكات، نزل آلاف الليبيين إلى شوارع طرابلس، مطالبين بتغيير سياسي وانسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة، وتعرض بعض المتظاهرين لقوة مفرطة وعنف، وتأكّد مقتل متظاهر ورجل شرطة، مع تقارير عن المزيد من الإصابات والعنف.

هذا وأكدت تيتية أن هذه الأحداث تبرز الحاجة الملحة لضمان الحقوق الأساسية التي تشمل حرية التعبير والتجمع، بالإضافة إلى الحاجة لحماية الفضاء المدني.

وأضافت تيتية أن في جميع أنحاء ليبيا، تستمر حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية والاحتجاز، والوفيات في الحجز، ولا يزال الفاعلون الأمنيون المرتبطون بالسلطات الحاكمة في جميع أنحاء البلاد يستهدفون الصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين السياسيين، والمسؤولين القضائيين، وغيرهم من المواطنين.

وشدد المبعوثة على أن هذه ليست حوادث معزولة؛ بل هي طرق قمع منهجية تستخدم لإسكات المعارضة وإشاعة الخوف. لقد تحول حديقة الحيوان، التي كانت في يوم من الأيام موطنًا للحيوانات، إلى مكان من المعاناة الإنسانية، يحتوي على زنازين مظلمة صغيرة، وما هو أكثر إثارة للقلق هو أن التقارير الموثوقة تشير إلى وجود قبر جماعي فيها.

وأوضحت تيتية أن قضية الدّرسى والعديد من القضايا الأخرى تجسد أزمة وطنية أعمق – حيث يتم تقويض سيادة القانون، وتُحرم العدالة، وتُهمل حقوق وكرامة المحتجزين بشكل صارخ. مئات، وربما الآلاف، لا يزالون محبوسين بشكل غير قانوني في جميع أنحاء البلاد، واختفى العديدون آخرون ببساطة.

وأكدت المبعوثة أن هذه الانتهاكات قد تصل إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، و قبول ليبيا بولاية محكمة الجنايات الدولية للجرائم المزعومة على أراضيها من عام 2011 حتى نهاية عام 2027 هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن يجب أن تقترن بالإجراءات العملية، داعية إلى التعاون الكامل بشأن أوامر الاعتقال المعلقة وتسليم الأفراد المطلوبين من قبل المحكمة.

وذكرت تيتيه أن ليبيا بعد أربع عشرة سنة من ثورة 17 فبراير، لا تزال ليبيا غارقة في إرث من العنف غير المقيد والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التي أصبحت طبيعية، وتستمر في تأجيج المشاعر المتصاعدة، وتعميق الانقسامات وتعرقل المصالحة الوطنية. واستمرار الإفلات من العقاب يقوض الثقة العامة، ويضعف المؤسسات، ويعيق التحول الديمقراطي في ليبيا، بما في ذلك إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وأشارت المبعوثة إلى أن الهدنة الأخيرة وضعت حدًا للصراع الذي اندلع الأسبوع الماضي بين الجماعات المسلحة في طرابلس، وهي توفر فرصة حاسمة لإعادة الضبط، ويجب أن تكون هدنة غير مشروطة ودائمة تركز على حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

وختمت تيتيه كلمها بقولها، إن حماية المدنيين ليست خيارًا سياسيًا، بل هي واجب قانوني، وضرورة وطنية، ومؤشر على مسار ليبيا نحو السلام والاستقرار والازدهار.

كُتب بواسطة سلسبيل الرايد

Exit mobile version