Menu
in

لقاء صحفي مع رئيس المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية علي ديهوم

على هامش الملتقى الأول للأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، الذي نظمه التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني بالتعاون مع المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية في العاصمة طرابلس يوم 18 يناير الجاري، أجرينا لقاءً خاصًا مع رئيس المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية علي ديهوم.
خلال اللقاء، ناقشنا أهم مخرجات الملتقى ودور المؤسسة في دعم الحوار الوطني وتعزيز الديمقراطية الاجتماعية كفكرة وممارسة على أرض الواقع.

بداية.. من هم أبرز الحاضرين في الملتقى، وكيف ترى أهمية مشاركتهم في دعم الحوار الوطني؟

شهد الملتقى حضور مجموعة متنوعة من الشخصيات التي تمثل مختلف أطياف المجتمع الليبي، بما في ذلك أعضاء من مجلس النواب ومجلس الدولة، وأعضاء من هيئة صياغة الدستور، إضافة إلى ممثلين عن المنظمات المدنية، وأكاديميين وصحفيين، هذه المشاركة الواسعة تُبرز تنوع الفئات المجتمعية المنخرطة في هذا الملتقى الوطني.

تُعد مشاركة المؤسسات السياسية والأحزاب ذات أهمية بالغة في دعم التحول الديمقراطي والانتقال من دولة الاستبداد أو الهشاشة إلى دولة ديمقراطية مستقرة؛ فالأحزاب، على وجه الخصوص، هي الأداة الحقيقية لتحقيق الديمقراطية التي نطمح.

إجمالًا، أسهمت مشاركة هذه الشخصيات والمؤسسات في تعزيز الحوار الوطني وتأكيد الرغبة المشتركة في الوصول إلى توافقات وطنية تُفضي إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا، وقد لمسنا من الحاضرين رغبة حقيقية وجادة لدعم هذه الجهود وتجاوز التحديات من أجل بناء مستقبل أفضل للبلاد.

وبعد الحديث عن الحاضرين، كان لا بد أن نسأل عن مخرجات الملتقى وكيف يمكن أن تسهم مخرجاته في دعم المسار الديمقراطي في ليبيا؟

مخرجات الملتقى تمثل خطوة مهمة في دعم المسار الديمقراطي في ليبيا، حيث أكدت المؤسسات المشاركة التزامها الكامل بتعزيز هذا المسار والعمل على إنجاحه، ومن أبرز النتائج التي تمخض عنها الملتقى تشكيل “مجلس تعاون يضم مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب” بهدف تنسيق الجهود ودعم عملية التحول الديمقراطي في البلاد.

الأمر الأكثر أهمية هو مشاركة المؤسسات الرسمية، مثل أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة وهيئة صياغة الدستور، إلى جانب المؤسسات المدنية والأحزاب والناشطين، هذا التعاون المتكامل يعكس نهج الحوار والشراكة بين مختلف الأطراف الفاعلة، ما يعزز فرص التوافق ويؤسس لبيئة أكثر استقرارًا وديمقراطية.

في ذات السياق، هل تتوقعون أن تسهم النقاشات التي دارت في الملتقى في فتح آفاق جديدة للتعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية؟

بلا شك؛ فقد لمسنا خلال الملتقى رغبة قوية من جميع المشاركين، سواء من مؤسسات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية، في تعزيز التعاون واستمراره، وقد عبّر العديد منهم عن استعدادهم للانضمام إلى مجلس التعاون الذي يجمع بين المؤسسات والأحزاب والمجتمع المدني، وهو ما يمثل خطوة واعدة نحو تحقيق شراكة فعّالة.

في مؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية، قمنا بتجميع كافة بيانات المشاركين في الملتقى، ونحن على وشك إطلاق حوارات مشتركة تهدف إلى توطيد هذا التعاون لأن الجميع متفق على أن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق الانتقال الديمقراطي وبناء دولة حديثة قائمة على المساواة، الحرية، التضامن، والعدالة، مع التركيز على تحقيق تنمية مستدامة تلبّي تطلعات جميع الليبيين.

وبما أن الحوار الوطني يتطلب دعمًا قويًا من المجتمع المدني، ما هو تقييمكم للدور الذي لعبه المجتمع المدني في هذا الملتقى؟ وهل تعتقدون أن هناك فرصًا أكبر لتفعيل دوره مستقبلًا؟

للمجتمع المدني دور كبير ومحوري في دعم التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية التي ننشدها، ونحن في المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية نعتبر أن نجاحنا في جمع عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب الأكاديميين، الإعلاميين، الباحثين، والمراقبين، وكذلك المسؤولين من مجلس الدولة ومجلس النواب وهيئة صياغة الدستور، يعد إنجازًا مهمًا.

هذا النجاح يعكس أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني، خصوصًا في هذه المرحلة الحساسة، حيث تضطلع بدور أساسي في تنظيم الحوارات وإقامة الندوات التي تسهم في الدفع نحو تأسيس دولة بنظام ديمقراطي حديث في ليبيا، ونحن على قناعة تامة بأن بناء دولة ديمقراطية حديثة لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة فعالة للمجتمع المدني والأحزاب السياسية معًا، وما لمسناه من تفاؤل ورغبة في التعاون من المشاركين في الملتقى يعزز إيماننا بقدرة المجتمع المدني على المساهمة في تحقيق هذا الهدف الوطني المشترك.

وباعتبارها مؤسسة جديدة، كان لابد أن نسأل: ما هو الدافع وراء تأسيس “المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية”، وما الذي يميزها عن غيرها من المؤسسات؟

الدافع الرئيسي وراء تأسيس “المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية” هو السعي لتحقيق رؤية متوازنة لبناء دولة حديثة تضمن العدالة الاجتماعية والرفاهية للجميع، بعيدًا عن تطرف النموذجين الاشتراكي والرأسمالي؛ فكما هو معروف، تركز الاشتراكية على العدالة الاجتماعية، لكنها غالبًا ما ترتبط بقيود مشددة على الاقتصاد، بينما تركز الرأسمالية على اقتصاد السوق، إلا أنها قد تؤدي إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية وسحق الفئات المهمشة.

الديمقراطية الاجتماعية جاءت كحل وسط يتلافى السلبيات في كلا النموذجين، حيث تدعو إلى التوازن بين اقتصاد السوق والمصلحة الخاصة من جهة، وبين العدالة الاجتماعية من جهة أخرى، هذا التوجه يهدف إلى بناء مجتمعات تحقق الرفاهية على أساس قيم الحرية والمساواة والتضامن، مما يؤدي إلى إقامة دولة تضمن العدالة للجميع.

ما يميز الديمقراطية الاجتماعية أيضًا هو هدفها في جعل الحقوق الأساسية، مثل الرعاية الاجتماعية، التعليم، والرعاية الصحية، حقوقًا دستورية في ليبيا، بمعنى أن تكون هذه الحقوق مضمونة ومستقرة بغض النظر عن تغيّر الحكومات وسياساتها.

كيف تخطط المؤسسة لبناء شبكة علاقات مع مؤسسات المجتمع المدني والأطراف السياسية لدعم الديمقراطية الاجتماعية؟

لقد بدأنا بالفعل في بناء الشراكات مع إقامة هذا الملتقى الذي يمثل خطوة أساسية في هذا الاتجاه، وتأسيس “مجلس التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية” يُعد باكورة جهودنا في هذا المجال، ويعكس التزامنا بتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة.

نسعى أيضًا إلى توسيع شبكة علاقاتنا من خلال الشراكة مع المؤسسات التي تهتم بالحقوق الأساسية مثل الرعاية الصحية، حقوق الإنسان، قضايا البيئة، وجودة الحياة، الهدف من هذه الشراكات هو إعداد دراسات، رؤى، وتصورات تستند إلى مبادئ الديمقراطية الاجتماعية، وتقديمها إلى صناع القرار والمؤسسات التشريعية لضمان تضمينها في القوانين والسياسات المستقبلية.

ما هي الأهداف قصيرة الأمد التي تسعى المؤسسة لتحقيقها في هذه المرحلة التأسيسية؟

كما تعلمون، المؤسسة الليبية للديمقراطية الاجتماعية هي مؤسسة حديثة التأسيس، ونحن في هذه المرحلة بصدد وضع خطة عمل سنوية تتضمن أهدافًا قصيرة وطويلة الأمد.

بالنسبة للأهداف قصيرة الأمد، نركز بشكل أساسي على توعية المجتمع بمبادئ وأهداف الديمقراطية الاجتماعية. نطمح إلى نشر الوعي المجتمعي بأهمية هذا النهج الذي يوازن بين اقتصاد السوق والعدالة الاجتماعية، مع تسليط الضوء على كيفية تحقيق دولة حديثة تضمن حقوقًا أساسية للجميع.

بعد تحقيق هذا الوعي المجتمعي، ننتقل إلى الأهداف طويلة الأمد، التي تتضمن التواصل مع صناع القرار والسلطات التشريعية وهيئة صياغة الدستور، للدفع نحو دسترة الحقوق الأساسية، مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، بحيث تصبح هذه الحقوق مضمونة قانونيًا ومستقرة بغض النظر عن تغيّر الحكومات أو سياساتها، هذه الخطوات التأسيسية تمثل حجر الأساس لبناء دولة ديمقراطية حديثة ومستدامة تُحقق تطلعات الشعب الليبي.

أخيرًا، ما هي خطتكم لتقديم “الديمقراطية الاجتماعية” كمفهوم جديد للجمهور الليبي؟ وهل تواجهون أي تحديات في تعريف الناس بها؟

الديمقراطية الاجتماعية ليست مفهومًا جديدًا عالميًا؛ فهي تطبق بنجاح في العديد من الدول مثل الدول الاسكندنافية وألمانيا، التي تعد القلب الاقتصادي لأوروبا، هذا النموذج يوازن بين اقتصاد السوق والعدالة الاجتماعية، ويحقق جودة حياة عالية لمواطنيه، وهو ما يعرفه الليبيون جيدًا من خلال متابعتهم لهذه الدول، وخطتنا لتقديم هذا المفهوم للجمهور الليبي تعتمد على إبراز هذه النجاحات وتوضيح كيف يمكن تطبيقها بما يتناسب مع الواقع الليبي.
نحن نتحدث باسم الفئات المهمشة في المجتمع، ونسعى لتقديم الديمقراطية الاجتماعية كخيار يلبي تطلعاتهم ويضمن لهم العدالة والمساواة، وبالطبع، نحن ندرك وجود تحديات وعراقيل في تعريف الناس بهذا المفهوم الجديد، ولكننا نؤمن بأن التركيز على التجارب الناجحة في دول أخرى والتواصل المباشر مع مختلف شرائح المجتمع سيحقق قبولًا واسعًا لهذه الفكرة.

في الختام، نشكر منصتكم على هذا اللقاء القيم، وندعوها لتكون شريكًا وداعمًا في إيصال هذه الأهداف النبيلة والمساهمة في بناء ليبيا التي نحلم بها جميعًا.

كُتب بواسطة سالم محمد

Exit mobile version