Menu
in

كيف ستؤثر عودة “ترامب” للرئاسة على الملف الليبي؟

بعد غياب دام 4 سنوات عاد المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” إلى كرسى الرئاسة الأمريكية بعد فوزه على منافسته الديمقراطية “كامالا هاريس”، وتحقيقه 270 صوتًا في المجمع الانتخابي.

تثير عودة ترامب مزيجا من المخاوف والتفاؤل بشأن الملف الليبي، الذي شهد فترة من الإهمال خلال إدارة “جو بايدن”.

ويرى بعض المحللين أن عودة ترامب قد تسهم في حل الأزمة وإنهاء الجمود السياسي، وتحريك ملف الانتخابات في ليبيا من خلال دفع الأطراف الليبية نحو الحوار عبر المندوبين الأمريكيين في ليبيا، وفقًا لمصالح مشتركة.

من ناحية أخرى، قد يؤثر ذلك بشكل سلبي على سعر صرف الدولار مقابل الدينار بعد استقراره لفترة، وقد تتراجع أسعار النفط في السوق نتيجة لضمان استمرار إمداداته.

أكثر ديناميكية

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة نالوت إلياس الباروني قال، إن السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة ترامب الأولى لم تكن واضحة تجاه القضية الليبية، إذ دعمت من جهة خليفة حفتر، ومن جهة أخرى اعترفت بحكومة الوفاق.

وفي تصريح للرائد أضاف الباروني، أن الولايات المتحدة دعمت حفتر في هجومه على طرابلس عامي 2019 و2020، ومع ذلك لم يكن الملف الليبي من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.

وأشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة من ولاية ترامب، ظهرت أصوات في الكونغرس الأمريكي تدعو إلى إصدار “قانون الاستقرار الليبي”، ما يُعد نقطة تحول جعلت الملف الليبي ضمن الأولويات.

أكثر ديناميكية
وفي سياق متصل، توقع الباروني أن يكون ترامب أكثر ديناميكية في التعامل مع الملف الليبي، وقد يسهم في تحقيق حل عادل للأزمة الليبية وإنهائها في فترة حكمه المقبلة، مشيرًا إلى أنه قد يستفيد من أخطائه السابقة سواء في فترته الأولى أو في عهد بايدن، كما يمكنه لعب دور في إنهاء الحرب ورسم سياسة أمريكية واضحة.

وأوضح الباروني أن ترامب رفع شعار “أمريكا أولاً” ودعا إلى بناء جيش قوي، وهي إشارات واضحة على أن الولايات المتحدة قد تعود لدورها الطبيعي في تحقيق التوازن الدولي، وهو ما افتقدته خلال العقود الماضية، مما سمح لروسيا وقوى أخرى بمنافسة أمريكا عسكريًا، حسب تعبيره.

الحوار عبر المندوبين الأمريكيين
من جانبه، رأى المحلل السياسي المصري علاء فاروق أن الاستراتيجيات التي تتبناها الإدارة الأمريكية ثابتة فيما يخص التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، ولا تتغير بتغير الرؤساء.

وأضاف فاروق، في تصريح للرائد، أن ترامب سيدفع الأطراف الليبية نحو الحوار عبر المندوبين الأمريكيين في ليبيا، مثل القائم بالأعمال أو المبعوث الخاص ريتشارد نورلاند، بالإضافة إلى تعيين سفير دائم في ليبيا من قبل ترامب، بحيث تكون السفارة في طرابلس والقنصلية في بنغازي حيث سيدعم الدبلوماسية لضمان استمرار تدفق النفط ومنع إغلاقه.

مواجهة أمريكية روسية
وتوقع فاروق أن يواجه ترامب مباشرة القوات الروسية في شرق ووسط ليبيا، وقد تصل هذه المواجهة إلى توجيه ضربة لمرتزقة فاغنر، كما قد يشكل قوة أمريكية أوروبية لتحقيق المصالح الأمريكية في ليبيا وشمال إفريقيا، وفق قوله.

وفيما يتعلق بالجانب العسكري، قال فاروق إن ترامب قد ينسق بين مصر وتركيا لتعزيز وقف إطلاق النار ومنع التصعيد بين الشرق والغرب.

وأشار فاروق إلى أن ترامب قد يسند الملف الليبي إلى السيسي، لتحالفه مع مصر وعلاقته بأردوغان بشأن شركات الإعمار والموقف السياسي والأمني، مع مراعاة الأمن القومي المصري المشترك مع ليبيا.

وتابع فاروق أن ترامب سيقلص الدور الأوروبي، خاصة الفرنسي والإيطالي في ليبيا لزيادة الحضور الأمريكي الذي تراجع سابقًا.

ضغط على الأطراف
وفي سياق متصل، أوضح فاروق أن ترامب قد يستغل قوة الولايات المتحدة للضغط على الأطراف العسكرية، وخاصة حفتر، لإدماجهم في الحلول الدولية ودعم الانتخابات. وسيشمل ذلك ضغوطًا مماثلة على حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي وعقيلة صالح لدفع العملية الانتخابية.

وختم فاروق أن هذه التحركات تتماشى مع الاستراتيجية العشرية التي أعلنتها واشنطن لضمان استقرار ليبيا بوجود حكومة ورئيس منتخبين ديمقراطيًا.

تأثير على الدولار

ويرى الخبير المصرفي والمستشار السابق بمصرف ليبيا المركزي محمد أبوسنينة أن إعلان فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة سيكون له تداعيات على العلاقات الاقتصادية الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأور الأوروبية والآسيوية، وفي مقدمتها الصين.
وتوقع أبوسنينة أن يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعا في سلة العملات المكونة لوحدة حقوق السحب الخاصة، ومن ثم قد يفقد سعر صرف الدينار الليبي المكاسب التي حققها بعد تولي الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي.

وتابع أن سوق النفط سيتأثر وقد تشهد أسعاره تراجعا؛ نتيجة لضمان استمرار إمداداته، ولجوء الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام مخزوناتها الاحتياطية من النفط الخام.

وقال أبوسنينة إن مختلف البلدان الصناعية قد تلجأ إلى إجراء تغييرات على سياساتها النقدية والاقتصادية في مواجهة الاتجاهات الحمائية التي ستنتهجها إدارة ترامب الجديدة، وتدني أسعار الفائدة في الأسواق الأمريكية.

لن يعارض الانتخابات

ومن جهة أخرى، قال المحلل السياسي إدريس أحميد، إن انتخاب الرئيس ترامب سيترك تأثيرات محتملة على الأزمة الليبية، حيث تمتلك الإدارة الأمريكية عدة ملفات ذات أولوية، أبرزها الاقتصاد، إلى جانب قضايا الصين والاتحاد الأوروبي والناتو وروسيا والملف الإيراني، مما يجعل الملف الليبي جزءًا من أولوياتها بحسب الترتيب والأهمية.

وأضاف أحميد لوكالة “سبوتنيك”، أن إدارة بايدن أبدت اهتمامًا بالملف الليبي على مستوى السفراء والإدارات المختلفة، وسعت إلى تعزيز الوجود الأمريكي في ليبيا، بينما يتميز نهج ترامب بالتركيز على الحد من التصعيد وتجنب الحروب.

وذكر أحميد أن ترامب قد يسعى لبناء تفاهمات مع روسيا حول قضايا ثنائية، أبرزها الملف الأوكراني، مما قد ينعكس إيجابيًا على ليبيا، خاصة في ظل تفضيل ترامب للوصول إلى مرحلة تفاهم مع روسيا.

المصلحة معيار
وأكد على ضرورة وعي الليبيين بأن ملفهم يعد أحد الملفات المطروحة أمام الولايات المتحدة، التي تتعامل معه وفقًا لما يتوافق مع مصالحها، فإذا كانت هناك رغبة صادقة لدى الأطراف الليبية للوصول إلى حل، ستعمل الولايات المتحدة على دعم هذا التوجه مع الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الاقتصادية.

وأوضح أن إدارة ترامب السابقة كانت قد تناولت الملف الليبي بتركيز على الحد من الفوضى، ومن المتوقع أن تتعاون مع الجهات الفاعلة والقوية في ليبيا لتحقيق الاستقرار.

وأشار إلى أن إدارة ترامب تتعامل مع جميع الأطراف الليبية وفق منظور المصالح المشتركة، ولن تعارض إجراء انتخابات ليبية قادمة، كما قد تسعى لتعزيز العلاقات مع الأطراف الليبية القادرة على تقديم رؤى تتماشى مع سياستها وتخدم مصالحها.
مستوى أولوي متأخر

تغيرّ المعادلة
من جهته، اعتبر الخبير السياسي السنوسي بسيكري أن سياسة ترامب التي تقوم على الاهتمام بالداخل الأمريكي، وعلى انتهاج خيار اللاحروب، والتركيز على الأزمات والقضايا الكبرى في العالم، تجعل الاهتمام بليبيا في مستوى أولوي متأخر بالنسبة للبيت الأبيض.
وأضاف، في مقال لموقع عربي 21، أنه برغم إمكانية التقارب بين واشنطن وموسكو في عهد ترامب، إلا أن هذا التقارب لن يكون بإطلاق يد الكرملين في ليبيا الذي يتبنى استراتيجية للتوغل في أفريقيا وتغيير الخارطة الجيوسياسية فيها، وليبيا حاضرة ضمن هذه الاستراتيجية.
وتابع أن معادلة التدافع الإقليمية تغيرت بشكل كبير عمّا كانت عليه في عهد ترامب الأول، فالصراع الإقليمي المحموم على ليبيا الذي تطور إلى مواجهة مسلحة يمكن وصفها بحرب الوكالة العام 2019م، انتهى أطرافها الإقليميون إلى تقارب قد يأخذ منحى استراتيجيا كما هو الوضع بين تركيا ومصر، أهم لاعبين إقليميين في الأزمة الليبية.

تطور واتفاق

أما محليا، وبرغم استمرار حالة النزاع والانقسام، إلا أن الأوضاع مشبعة بالتوجهات السلمية والتحول إلى الإعمار كوسيلة لكسب الرأي العام بديلا عن استخدام القوة، حتى صار خيار فرض الإرادة بقوة السلاح بين الأطراف المتصارعة مرجوحا، وفق قوله.

وأشار بسيكري إلى أن خيارات البيت الأبيض لن تتغير فيما يتعلق بالموقف من الوجود الروسي في البلاد، وسيتأثر موقفه من أطراف النزاع الليبي بناء على مواقفهما من المشروع الروسي، وهذا سيكون دافعا للضغط على أنقرة ووجود قواتها على الأراضي، ومن المعلوم أن ترامب ليس صديقا لأردوغان.

وتوقع بسيكري أنه في حال استمرار “ستيفاني خوري” في منصبها بالبعثة، أن يقع تطور في المسار السياسي الليبي ونشهد اتفاقا جديدا خلال العام 2025م، كاتفاق الصخيرات واتفاق تونس ـ جينيف.

كُتب بواسطة سالم محمد

Exit mobile version