Menu
in

بين دوامة البيروقراطية والفساد.. معاناة مرضى الأورام مستمرة

يعاني آلاف مرضى الأورام في ليبيا من صعوبة الحصول على العلاج في ظل غلاء سعر الأدوية وعدم توفرها في البلاد، ويمتد القلق لذويهم الذين يسعون للوصول لحلول تضع حدا لمعاناة أحبّائهم بأي ثمن.

اللجنة الفنية بالهيئة الوطنية لمكافحة السرطان أعلنت، منتصف الشهر الجاري، أن عدد المرضى المقيدين في منظومتها بلغ 17.362 سيتمكنون من الحصول على الأدوية من خلال بطاقة “محارب” الخاصة بالمنظومة.

ولفتت تصريحات رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة الأخيرة حول الفساد المتأصل داخل منظومة الصحة، خاصة ملف علاج الأورام، الأنظار إلى ملف علاج مرضى الأورام الذين استبشروا خيرا بإعلان الحكومة لميزانيات مخصصة عبر برنامج العطاء العام، المتوقف منذ سنة 2009، لاستيراد أدويته.

شح الأدوية
وفي تصريح للرائد، أكد مدير مكتب الإعلام بالمعهد القومي لعلاج الأورام في مصراتة أحمد زقوط، عدم توفر الأدوية داخل المعهد، مع استقبال حوالي 50 حالة من الرجال والنساء يوميا من مختلف المدن، وفقاً للإحصائية السنوية للمعهد.

وأشار زقوط إلى أن عدد المسجلين المترددين على المركز خلال عام 2023 تجاوز 1600 حالة تجد صعوبة في الحصول على علاجها رغم توحيد المنظومة وإصدار بطاقة “محارب”، التي يفترض أن تسهل تحديد الأعداد والأنواع المطلوبة لتوفير احتياجات المرضى.

أزمات تليها أزمات، بحسب زقوط، الذي يرى أن الإجراءات المطولة تساهم في تأخر صرف الأدوية للمعهد، موضحا أن قسم الصيدلة يعمل لإعداد قائمة بالأدوية المطلوبة قبل نفاد المخزون، وإحالتها إلى جهاز الإمداد الطبي ووزارة الصحة، لكن الإجراءات المستندية طويلة الأجل، وتتسبب في تأخر صرف الأدوية، ما يضطر المرضى لتوفير جزء من جرعاتهم من القطاع الخاص رغم ارتفاع الأسعار وتفاوت جودة الأدوية.

منظومة فاسدة!

واتهم رئيس حكومة الوحدة، عبدالحميد الدبيبة، جهاز الإمداد الطبي، بالفساد، وبأنه كان لسنوات “محطةً استُغلت للفساد والاحتكار” على حد وصفه.
وأعرب الدبيبة عن استيائه من تجاوزات الجهاز الطبي، مستغربا وجود ديون تصل إلى مليار دينار لصالح إحدى شركات الأدوية.

اتهامات الدبيبة جاءت خلال انطلاق أعمال الملتقى والمعرض الدولي الأول لجهاز الإمداد الطبي، مساء السبت، الذي شدد خلاله على وجوب اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الفساد، وتعزيز مبدأ الإفصاح والشفافية، بما يتيح متابعة سلسلة التوريدات بشكل فعّال.

اتهامات الدبيبة ليست الأولى، فقد اتهم الوزارة في 2022، بصرف مستحقات مالية تتجاوز 27 مليون يورو، كانت مخصصة لـPCR، وتابع الدبيبة حديثه آنذاك، بأن دول الجوار لم تقوم بصرف 10‎%‎ من هذا المبلغ لمكافحة جائحة كورونا.

بطاقة “محارب”
وفي سبيل لتنظيم الملف، أطلقت الهيئة العامة لمكافحة السرطان في يناير 2023، منظومة موحدة لجأ جُل مرضى الأورام إلى التسجيل فيها لإصدار بطاقة “محارب” لهم، بهدف توفير الأدوية، لكنهم فوجئوا بعجزهم عن الحصول على علاجهم بشكل كامل، الأمر الذي يضطرهم إلى شراء الأدوية المطلوبة من الصيدليات الخاصة بأثمان باهظة.

وفي السنة ذاتها، بينت أرقام رسمية صادرة عن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، تسجيل أكثر من 22 ألف حالة مصابة بالسرطان في ليبيا، صنف 28% منها بسرطان الثدي، تلتها إصابات سرطان القولون بنسبة 18%، وتوزعت باقي نسب الإصابات بين أورام متنوعة.

بيروقراطية

مع اعتماد برنامج العطاء العام، باتت آلية استيراد الأدوية المطلوبة كالتالي: يشرع قسم الصيدلة بمركز الأورام في إعداد قائمة بالأدوية المطلوبة، قبل نفاد المخزون بمدة معينة، ثم يحيلها لجهاز الإمداد الطبي، ووزارة الصحة، وهو ما يستغرق وقتا ويستهلك جهدا كثيرَين، ولا تستكمل الإجراءات الورقية بالسرعة المطلوبة ما يؤدي لنفاد المخزون.

تشابك اختصاصات

في أبريل الماضي، صرح مدير الهيئة الليبية لمكافحة السرطان، حيدر السايح، للنهار العربي، بأن تشابك اختصاصات الهيئة مع جهات حكومية أخرى، خصوصاً في مسألة تخصيص الأموال، يجعل إكمال عملية صرف أدوية علاج المرضى، مهمة تحتاج إلى وقت طويل باعتبار نشأة الهيئة حديثا مقارنة مع المؤسسات التابعة للدولة التي تمر من خلالها بعض الإجراءات.

82 مليون يورو

وفي مارس 2023، وجه مصرف ليبيا المركزي، انتقادات لجهاز الإمداد الطبي، بسبب عدم الإفصاح عن أصناف الأدوية التي يستوردها، بعد صرف نحو 82 مليون يورو له لاستيراد الأدوية المطلوبة للأورام.

أدوية مغشوشة

ثم جاءت الأزمة الأخيرة، بعد ما كشف تقرير للمعهد القومي لعلاج الأورام بمصراتة، استيراد وتوزيع أدوية مشبوهة ومجهولة المصدر على مرضى السرطان غير صالحة للاستخدام.

صدى التقرير كان واسعا داخل الأوساط الليبية، خاصة مع رفض اللجنة العلمية بقسم الباطنة وأمراض الدم بمعهد علاج الأورام، قبول الأدوية الحديثة التي استوردها جهاز الإمداد الطبي، لتسببها بحساسية للمرضى وظهور أعراض جانبية لديهم، أسهمت في تطور وتضاعف أعراض المرض.

الصحة تنفي

اتهامات نفتها وزارة الصحة، معلنة تشكيل لجنة تحقيق متعددة التخصصات، برئاسة وكيل وزارة الصحة لشؤون المستشفيات، لمتابعة مصدر الشكوى، وحصر الأدوية المستخدمة بأرقام التشغيلات الخاصة، لإعادة تحليل الأصناف ومراسلة الشركات المصنعة، وتعزيز هذه المعلومات ببيانات المرضى، ثم تقديم تقارير دقيقة حول الموضوع.

الأدوية متوفرة

بعد اتهام الوزارة بالتقصير، أشار وزير وزير الصحة بحكومة الوحدة، رمضان أبوجناح، أكتوبر الحالي، إلى أن مشروع العطاء العام وفرّ حوالي 70 إلى 80% من أدوية الأورام، وستصل الدفعة الثانية لمراكز الأورام قريبا.

وأكد أبوجناح في الرد على الاتهامات الموجهة لوزارته، أنها أبرمت عقودا مع شركات تصنيع أدوية عالمية ذات جودة ومرخصة من منظمة الصحة العالمية.
وأكد أبوجناح أن تنفيذ العطاء العام مهم لمنع توريد الأدوية المغشوشة، مؤكدا بأن جميع التحليلات التي أجرتها اللجنة الطبية حول أدوية الأورام أظهرت عدم احتوائها على أي عناصر مسببة لأضرار جانبية.

كُتب بواسطة Juma Mohammed

Exit mobile version