Menu
in

واينر: يجب على الولايات المتحدة العمل مع شخصيات ليبية غير راضية عن الوضع الراهن وتنتهج الوسائل السياسية

في مقال تحليلي شحنه بتقديرات وتوصيفات حادة، ونشره معهد الشرق الأوسط، تحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى ليبيا، جوناثان واينر، بمرارة كبيرة عن تراجع وفشل الدور الأمريكي في ليبيا مقابل إحكام روسيا قبضتها، حسب كلامه، على الشرق والجنوب الليبي، واقترح لمواجهة هذا الوضع تغييرا جذريا في الموقف الأمريكي يبدأ من التوقف عن المراهنة على الأمم المتحدة و”جهودها المتكررة والفاشلة”، يصل إلى حد دعم ضربات عسكرية “ينفذها ليبيون” ضد الوجود الروسي في الجفرة، ودعم بروز شركاء سياسيين ليبيين جدد خارج الوجوه التي تتقاسم السلطة حاليا.

• نتوقف عن الاعتماد على الأمم المتحدة:

وفصل “جوناثان واينر” في مقاله كثيرا في ما يسميه “تعثر السياسة الأمريكية الحالية بشأن ليبيا التي تعتمد على الأمم المتحدة للقيام بالعبء الثقيل في الانتخابات الليبية، وعجزها عن تحديد كيفية التعامل مع المشكلة التي تفرضها صفقة حفتر الشيطانية مع روسيا” حسب توصيفه، واعتبر السبب الرئيسي لهذه النتيجة هو “الإهمال الخبيث لليبيا الذي ميز سياسة ترامب، ثم تأييده شخصياً حفتر؛ ما أدى إلى شل السياسة الأمريكية وإبطال نفوذها بشكل فعال تماماً”.

وقال “واينر” إن استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي تعني أن هذه المقاربة “وصلت لطريق مسدود، وفرض النجاح في المستقبل القريب معدومة”.
وأكد المبعوث الأمريكي السابق أن خليفته “ريتشارد نورلاند الذي تقترب نهاية فترة عمله بعد خمس سنوات شاقة فشلت الإدارتان اللتان خدم في ظلهما في منحه الأدوات اللازمة لمواجهة التقدم الروسي بشكل أكثر فعالية وسط انتصار الجهات الفاعلة الخبيثة في الوضع الراهن والتي ازدهرت تحت المظلة الروسية”.
ويشير المقال إلى ما يعتبره الدور التخريبي الخطير لروسيا حيث “تراجعت مجموعة فاغنر والقوات الروسية المرتبطة بها إلى قاعدة الجفرة الجوية، وأصبحت تختبئ وتبني من هناك شبكة واسعة النطاق من المواقع التي تستخدمها لمساعدة حفتر… وبالاعتماد على ليبيا كقاعدة عسكرية لها، تمكنت روسيا من توسيع نفوذها ودعمها العسكري للحكومات في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.

• أمريكا تدفع ثمن غيابها:

وفي مقارنته بين الدورين الروسي والأمريكي قال “واينر” إنه “بينما عززت روسيا موقفها في ليبيا، كانت مشاركة الولايات المتحدة مبعثرة وغير كافية، فقد تم تقويض النفوذ الأمريكي بشدة؛ بسبب الإهمال الخبيث لليبيا الذي ميز سياسة ترامب تجاهها… فبعد أن انفصل الرئيس عن وزارة خارجيته، أيد شخصياً حفتر، رداً على مبادرات من نظيريه المصري والإماراتي، مما أدى إلى شل السياسة الأمريكية وإبطال النفوذ الأمريكي بشكل فعال تماماً”.
ولم يتغير الأمر كثيرا في عهد خلفه بايدن حيث “ظل جوهر السياسة دون تغيير عن تلك التي تم تطويرها خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما: دعم عملية الأمم المتحدة لتأمين الانتخابات، حتى مع تعثر تلك الجهود مرارًا وتكرارًا في مواجهة المعارضة العلنية والسرية من قبل شخصيات مثل حفتر وعقيلة صالح”
ومؤخرًا، طلبت إدارة بايدن من الكونجرس توفير التمويل لإنشاء سفارة أمريكية جديدة في ليبيا. ومن الجيد أن نرى الولايات المتحدة تتحرك أخيراً بعد صدمة بنغازي. لكن القرار بذلك جاء متأخرا.

• عقوبات قانونية ودبلوماسية ردعية:

الجزء الأخير من المقال خصصه “واينر” لشرح ما يعتبره خطوات ضرورية لمراجعة وتفعيل الدور الأمريكي في ليبيا، وقال إنه “للحصول على أي فرصة للنجاح، يجب أن تبدأ المشاركة الأمريكية المكثفة في إعادة تشكيل بيئة أصبحت مريحة للغاية بالنسبة لحفتر والجهات الفاعلة الأخرى في الوضع الراهن في ليبيا وكذلك الحكومات الأجنبية التي دعمتهم.

وراح يعد ست مقاربات جديدة لهذا الدور “إلى جانب إعادة فتح السفارة الأمريكية ووجود دبلوماسيين على الأرض، ينبغي التفكير في الأدوات التي تحتفظ أمريكا بها لممارسة نفوذها هناك” وكلها تصب في تقويض الدور الروسي وإبطال فاعليته، وقال “تواصل موسكو تعزيز أسسها، ومنها إنشاء ميناء بحري على طول الساحل الشرقي لليبيا، وهذا النوع من التطور خطير بما فيه الكفاية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي بحيث يجب أن يحظى باهتمام إدارة بايدن، بالإضافة إلى القلق المعبر عنه من جيران ليبيا في البحر الأبيض المتوسط، بدءاً بمصر.
والخطوة الثانية تكتسي طابعا ردعيا دبلوماسيا وقانونيا حيث “ينبغي على كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين الذين يعملون على ملف ليبيا أن يفكروا في استخدام أدوات قسرية متعددة تحت تصرف واشنطن، بما في ذلك قانون “ماغنيتسكي” والعقوبات الأخرى”.

• يجب دعم ضربات عسكرية لقاعدة الجفرة:

وعبر “واينر” عن دعمه “لما اقترحته مؤخرًا ستيفاني ويليامز، حيث قد تكون هناك أيضًا فرص جديدة يجب أخذها في الاعتبار نظرًا لأزمة “الخلافة” الناشئة بين اثنين من أبناء حفتر الستة، صدام وخالد” وزعم الدبلوماسي الأمريكي السابق أن “صدام البالغ من العمر 32 عاماً، والذي يتولى الآن مسؤولية الجيش التابع لوالده، هو المفضل لدى موسكو، ويبدو أن الأخ الأكبر الأكثر تطوراً خالد يتمتع بدعم أبو ظبي، وفي مثل هذه الصراعات، يمكن أن تنشأ شقوق تؤثر بدورها على البيئة بأكملها”.

لكن أخطر التدابير التي اقترحها “واينر” في مقاله دعمه بشكل مثير وغير مسبوق لضربات عسكرية تدعمها واشنطن عبر أطراف ليبية لم يحددها ضد الوجود العسكري الروسي في ليبيا، وقال “ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، فضلاً عن أولئك الذين لديهم مصالح استراتيجية متوافقة في ليبيا، أن يعملوا أيضاً على تطوير خيارات تجعل من الصعب على روسيا العمل من قاعدتها الجوية في الجفرة.
وفي هذا الصدد، قد يكون من المفيد تكرار ما حدث في منتصف ديسمبر 2023 من إسقاط طائرة روسية بالقرب من الجفرة، يُقال إنها طائرة نقل بضائع من طراز “إليوسين II-76 ” وراح “واينر” يشرح أهمية ضرب المصالح العسكرية الروسية في ليبيا، حيث “من الممكن أن تؤدي المزيد من الحوادث من هذا النوع في المستقبل، والتي ينفذها ليبيون، إلى تثبيط استمرار الوجود الروسي، كما هو الحال مع انقطاع إمدادات المياه والكهرباء والنقل للقوات الروسية المتمركزة هناك… إن التصدي لمشكلة الجفرة أمر ضروري لمواجهة ما يسمى بـ “الفيلق الإفريقي” الروسي، والذي يستخدم القاعدة جسرا جويا؛ لتعزيز موقعه في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ولخلق الظروف التي تهدف إلى إجبار الولايات المتحدة على التراجع.

• البحث عن قادة جدد خارج من هم في السلطة:
وقال المبعوث الأمريكي السابق، إن بلاده “ستحتاج أيضًا إلى العثور على ليبيين للعمل معهم من بين غير الراضين عن الوضع الراهن والذين يبحثون عن وسائل سياسية – وغير عنيفة – لتغييره” وشدد على أهمية البحث عن هؤلاء الشركاء الجدد خارج من يتصدرون المشهد حاليا في السلطة، معتبرا “العثور على بدائل لمجموعة الشخصيات التي عارضت الانتخابات بنجاح منذ فترة طويلة شرطا أساسيا لأي عملية تقودها الأمم المتحدة في المستقبل – أو بقيادة ليبية – للحصول على أي فرصة لتمكين ليبيا من تجاوز نظام الحكومات الموازية وأمراء الحرب الذين هَمّهم الرئيسي تقسيم الغنائم.

ولنجاح كل هذه التدابير والخطوات يشترط “جوناثان واينر” انخراط كامل المؤسسات الأمريكية حيث إن “مواجهة التحدي تتطلب بالضرورة اتباع نهج حكومي شامل من جانب الولايات المتحدة باستخدام الموارد – بما في ذلك الاستخبارات والجيش والاقتصاد وإنفاذ القانون – بما يتجاوز تلك التي يستخدمها الدبلوماسيون”

كُتب بواسطة Alaa Moe

Exit mobile version