اجتمع 120 عضواً من مجلسي النواب والدولة في تونس مؤخرا؛ للاتفاق على تشكيل حكومة مصغرة تتولى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي طال انتظارها؛ بناءً على قوانين لجنة 6+6.
وعلى غير المتوقع، وصف المبعوث الأممي عبد الله باتيلي هذا الاجتماع بـ “المبادرات الأحادية” وأنه لا “يلبي الطموحات”، مؤكدا أن المجلسين يحاولان التشويش على الجهود الأممية وعرقلة مساعي التوصل إلى تسوية جذرية تقود إلى إجراء الانتخابات.
كلام باتيلي أثار ردود فعل غاضبة من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الذين رأوا أن باتيلي يحاول عرقلة التوافق السياسي لتعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في حين يسعى المجلسان للوصول لحكومة مصغرة وتوحيد السلطة التنفيذية.
عرقلة التوافق
تعليقًا على تصريحات باتيلي، قال عضو مجلس النواب علي الصول، إن باتيلي يعمل لمصالح دول أخرى لعرقلة التوافق واستمرار الصراع مع تعقيد المشهد.
وفي تصريح للرائد أضاف الصول أن هذا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، فليبيا نقطة للصراع الدولي؛ لأن هناك توازنا روسيا صينيا مع كفة أوروبا وأمريكا.
وأكد الصول أن مجلس النواب ما زال يسعى مع مجلس الدولة للوصول لحكومة مصغرة وتوحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات في حالة استقرار، لافتًا إلى أن المعرقلين لن يفلحوا في عرقلة هذا التوافق وعلى رأسهم باتيلي والدبيبة.
تمطيط وقفز
ومن جانبه، قال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد بوبريق، إن اجتماع أعضاء مجلس النواب والأعلى للدولة في تونس جاء للخروج من الانسداد السياسي، وتحريك العجلة، وتوحيد المؤسسات، خاصة الحكومة والأجهزة الرقابية.
وأوضح بوبريق، في تصريح لقناة المسار، أن الاجتماع حاول وضع مقترحات للحلول، ولكن رد البعثة الأممية على نتائج الاجتماع عبارة عن تمطيط وقفز على هذا الاجتماع “وهو ما تعودنا عليه منها”.
وأشار بوبريق إلى أن البعثة تعمل في ليبيا منذ سنوات ولم تجد مخرجا للأزمة الليبية التي طالت وتفاقمت الآن إلى وضع أخطر من السابق.
وتابع أنه كلما وجد المجلسان حلا أو تقاربا حاولت البعثة التدخل فيه بطرق سلبية، مشيرا إلى أنها حاولت أن تعطل اجتماع تونس وألّا تطبق نتائجه على أرض الواقع وفرض حلول أخرى لم تستطع تنفيذها في السابق.
وأكد بوبريق أنهم لا يعولون على حلول البعثة؛ لأن حلولها تلفيقية، ولم تنعكس بصورة إيجابية في الواقع وفاقمت الأزمات سوءاً، وأن الحل منذ فترة طويلة لم يكن بين الليبيين أنفسهم، بل كانت البعثة دائما تحاول فرض حلول منها.
عرقلة المسار الدستوري
من جهته اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة عادل كرموس، أن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي أحد المعرقلين للمسار الدستوري من خلال الأوامر التي أصدرها للمجلسين وهو ما يخالف مهمته كمسؤول للبعثة.
وأضاف كرموس في تصريحات صحيفة أن الأطراف التي ترغب بالبقاء في المشهد تأمل عدم الوصول إلى أي توافقات.
حكومة مصغرة
وكشف عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية، أن 120 عضواً من مجلسي النواب والدولة اتفقوا على تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إجراء الاستحقاق الانتخابي.
وأضاف نصية في تصريح لصحيفة القدس العربي، أن محضر الاتفاق نص على اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة تؤسس على خارطة الطريق المقدمة من قبل لجنة 6+6 بالتوافق بين المجلسين وبرعاية البعثة الأممية.
نص الاتفاق
واتفق الأعضاء المجتمعون في تونس على تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، داعين إلى ضرورة الالتزام بتنفيذ القوانين الانتخابية المنجزة عبر لجنة “6+6” المشكلة من مجلسي النواب والدولة.
وأكد المجتمعون ضرورة شروع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في تنفيذ القوانين الانتخابية والإعلان عن موعد إجراء الانتخابات.
وتنص المادتان 86 و90 من القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب، في أكتوبر الماضي، على ضرورة تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات.
مبادرة أحادية
وخاطب المبعوث الأممي عبدالله باتيلي أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، في بيان له، بخصوص اجتماع تونس بلهجة حادة قائلاً، إن هذا الاجتماع لا يلبي طموح الليبيين في جمع كل الأطراف معا.
وأضاف باتيلي أنه رغم أن الاجتماع لا يلبي هذا الطموح بسبب طبيعته الثنائية والتحفظات التي أبدتها بعض الأطراف، فإنه قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح، شريطة أن تصدق النوايا، وأن توضع المصالح العليا لليبيا أولا، وأن يتم ترك الحسابات الضيقة جانباً.
وتابع باتيلي أنه لا يمكن لهذا الاجتماع أن يكون بديلا لحوار أوسع بمشاركة أكبر وجدول أعمال أكثر شمولا.
وأوضح باتيلي أن المبادرات الأحادية التي تهدف فقط إلى إنشاء مؤسسات جديدة من دون تعاون وموافقة جميع المعنيين، لا يمكن أن تؤدي إلا للفوضى والخسائر في الأرواح، مشدّدا على أنه لا يمكن أن يدعم مثل هذه المسارات.