تعود أزمة الأرقام الوطنية وعمليات تزويرها لتطفو على السطح مجددا وهذه المرة بشواهد وبراهين تثبت وجود عمليات تزوير واسعة في منظومة السجل المدني كلفت الدولة الليبية الكثير..
ما يدفع للتساؤل عما إذا كانت عمليات التزوير تتم بشكل فردي أو وراءها أطراف فاعلة في الداخل والخارج تهدف إلى تغيير ديموغرافية البلاد.
لجان برئاسة 160 عضو نيابة
شواهد وأدلة كثرة تثبت وجود عمليات تزوير واسعة كشفها النائب العام الصديق الصور الذي أكد خلال مؤتمر مع عدد من أعضاء النيابات، أن النيابة العامة أشرفت على شطب عشرات الآلاف من الأرقام الوطنية، وهو ما ترتب عنه تجنيب الدولة خسائر مالية.
وتابع: أن ذلك دفعهم إلى تشكيل لجان برئاسة 160 عضو نيابة على مستوى ليبيا؛ لفحص منظومة السجل المدني بمصلحة الأحوال المدنية.
ونوه الصور إلى أن اللجان المشكلة تضم في عضويتها ضباطا من مصلحة الأحوال المدنية وجهاز البحث الجنائي، وستعمل على فحص منظومة السجل المدني، ومقارنتها بالأوراق الرسمية، وستبدأ عملها عقب وصول شحنة من المستندات إلى ليبيا الأسبوع القادم، وهي مستندات لا تقبل التزوير، وفقاً لقوله.
شطب عشرات الآلاف من الأرقام
إلى ذلك أوضح النائب العام أن الخطوات التي اتخذتها النيابة العامة كشفت عن عمليات تزوير في الرقم الوطني والمنظومات التي تستقي البيانات من الرقم الوطني بدءا من منظومات وزارة المالية والضمان الاجتماعي والجوازات ومنظومات المصرف المركزي مثل منح أرباب الأسر.
وأضاف “تم شطب عشرات الآلاف من الأرقام الوطنية وهو ما جنب الدولة خسائر مالية كبيرة حيث كانت تُصرف لهم أموال ومرتبات ومنح وجوازات سفر “
600 ألف رقم وطني مزور
وكان مصرف ليبيا المركزي قد قال في رسالة موجهة إلى رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق عام 2018 إنه اكتشف 600 ألف رقم وطني مزور عبر منظومة أرباب الأسر.
وأشار المركزي إلى أن المقارنة بين بيانات السكان المتوافرة لدى البنك والبيانات التي تم الحصول عليها من مصلحة الأحوال المدنية ديسمبر 2017 بينت أن إجمالي عدد الأفراد الذين لم يتم حجز مخصصاتهم من النقد الأجنبي عام 2017 بلغ 780 ألف مواطن، وإذا أضيف هذا العدد إلى المواطنين الذين حصلوا على تلك المخصصات للعام ذاته، فإن العدد الإجمالي سيكون 7.7 ملايين مواطن، وهو رقم يستدعي من المصلحة الوطنية والأمن القومي الوقوف عنده خاصة أن إحصاءات سكان ليبيا لعام 2016 أفادت بأن عدد السكان يبلغ 6.5 ملايين نسمة.
المصلحة تنفي
في المقابل نفى رئيس مصلحة الأحوال المدنية، محمد بالتمر وجود عمليات تزوير كبيرة في سجل المصلحة مع تأكيده وجود حالات تزوير فردية.
وأضاف بالتمر خلال إحاطة أمام مجلس النواب يناير العام الماضي أن هناك عمليات تزوير فردية وجرى إحالتها إلى القضاء، مشيرا إلى أن جهاز الاستخبارات أحال تقارير للمصلحة، ولكن ليست بالآلاف كما قيل، مؤكدا استعداد المصلحة لإيقاف أي رقم وطني مزور.
خسائر بالملايين
وكان النائب العام قد أكد العام الماضي وجود 63 ألفا و986 رقما وطنيا مزورا، مضيفا أن تلك الأرقام لا أساس لها وغير موجودة في منظومة السجل المدني.
ونوه إلى رصد 23 ألف مستفيد من منحة علاوة الأبناء بقيمة تجاوزت 7 ملايين دينار خلال 3 أشهر فقط غير مقيدين بمنظومة الأحوال المدنية، بالإضافة إلى أن 2543 تحصلوا على منحة من منظومة الأغراض الشخصية بقيمة تجاوزت 98 مليون دينار غير مقيدين بمنظومة الأحوال المدنية، ورصد 17472 رقما وطنيا غير صحيح تحصل أصحابها على جوازات سفر.
أمن قومي
أزمة الأرقام الوطنية إن كانت بشكل فردي فتلك مصيبة وإن كانت بخطط من أطراف فاعلة في الداخل والخارج فهي مصيبة أعظم تستوجب عملا حثيثا لحماية التركيبة السكانية من التلاعب ومواجهة أي محاولات للتغيير الديموغرافي، وخاصة في جنوبه الذي يعاني فراغا أمنيا ومؤسساتيا، وتستبيح أراضيه جماعات مسلحة من دول عدة.