Menu
in

لماذا ارتفاع الإنفاق العام كان له آثار سلبية على الاقتصاد وعلى أوضاع المعيشية للمواطنين؟

حكومة الوحدة وكما هو معروف ومنذ قدومها باشرت باتخاذ قرارات عدة؛ بهدف تخفيف المعاناة عن المواطنين إلى درجة بلوغ الإنفاق العام خلال العام 2021م ما يقارب 90 مليار دينار، أي بزيادة ‎%‎98 عن 2019م.

ومن بين تلك القرارات على سبيل المثال لا الحصر إعادة الخصم المقدر بـ ‎%‎20 من مرتبات العاملين بالقطاع العام، وصرف علاوة الأبناء التي كانت مجمدة من 2014م، وإقرار زيادات لقطاعات عدة، أبرزها التعليم العالي والعام، كما أقرت علاوات ومزايا لجهات أخرى، ورفعت الحد الأدنى للمعاشات الضمانية والأساسية، هذا إلى جانب تخصيص ما قيمته 2.000 مليار لدعم الزواج.

وفي الجانب الآخر أنفقت ما قيمته 000 15 مليار دينار خصماً من باب التنمية، ومبلغ 5.000 مليار دينار خصماً من باب الطوارئ.

وكانت الحكومة تظن وأناس كثر أن هذه القرارات أو السياسات سيكون لها انعكاس إيجابي على الاقتصاد وعلى أوضاع المواطنين المعيشية، وهذه أصلاً نظرية أو مفهوم اقتصادي متعارف عليها، فزيادة الإنفاق العام أثناء حالة الركود أداة أساسية لتحريكه وإنعاشه حيث سيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وعلى العمالة، إلى غير ذلك من مزايا.

ولكن كل ذلك لم يحدث، وما حدث هو العكس، حيث رأينا ارتفاعا في المستوى العام للأسعار وزيادة لمعدلات البطالة، وتآكل للقدرة الشرائية للمواطنين ولمرتباتهم ومدخراتهم ودخولهم فضلاً عن تفاقم أزمة السيولة، ومن ثم انزلاق الاقتصاد في دائرة “الركود التضخمي” أو ما يعرف بـ Stagflation.

فيا ترى ما هو السبب في ذلك؟

السبب واضح، ويتمثل في معرفة مصادر زيادة الإنفاق العام، فهل هذه الزيادة مصدرها الضرائب، أو القروض، أم أن هناك مصادر أخرى.

فإذا كانت زيادة الإنفاق العام أتت من الضرائب فبالتأكيد لن تكون لها انعكاسات سلبية باعتبار هذه الضرائب تصاعدية وتستهدف الأثرياء والطبقات الميسرة؛ خدمةً للطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل.

كما أن تلك الزيادة لم يكن مصدرها القروض وهي أيضاً سيكون لها دور إيجابي خاصة في حال ما تم استخدامها بطريقة صحيحة.

لكن للأسف فإن زيادة الإنفاق العام التي تقدر خلال العام 2021 م بـ 43.000 مليار عن حجمه في 2019 م دينار، كان مصدرها مبيعات النقد الأجنبي، وللأسف المواطنون البسطاء بطريقة غير مباشرة من خلال تخفيض قيمة الدينار عند 4.48 لكل دولار، هذه هي الحقيقة.

فجميع الموردون ورجال الأعمال استعادوا ما دفعوه في شكل اعتمادات مستندية وحوالات، بل وكسبوا، وذلك عند بيعهم لسلعهم وبضاعتهم، وكافة المواطنين هم من دفع قيمتها بما فيهم أصحاب المعاشات الأساسية والضمانية باعتبار البلد تستورد كافة احتياجاتها تقريباً من الخارج.

وتوضيحاً لذلك:

بلغت حصيلة الإيرادات النفطية خلال العام 2021م ما قيمته 22.400 مليار دولار، أي ما يعادل 100.300 مليار دينار.

وبلغت قيمة الإيرادات السيادية قرابة 3.000 مليار دينار (مرفق بيان مصرف ليبيا)، في حين بلغ الإنفاق العام قرابة 87.000 مليار دينار.

أي إنه واضح من خلال هذه البيانات أنه لا وجود لأي مصادر للإيرادات، لا من القروض ولا من الضرائب.

وبما أن سعر الصرف الحالي 4.48، والسابق 1.40 فإن الفرق هو 3.08 دينار.

إذن حصيلة ما دفعه المواطنون في شكل زيادة كالتالي:

22.400 مليار دولار * 3.08 = 69.000 مليار دينار.

وبالتأكيد مبلغ كهذا أرهق المواطنين بشكل كبير جداً حيث التهم بدايةً دخولهم ومرتباتهم، ثم استنزف مدخراتهم إلى أن وصلنا إلى الوضع الذي نعيشه اليوم، حيث هناك ارتفاع كبير في الأسعار يقابله تراجع واضح في الطلب؛ بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وشح السيولة.

فدائما زيادة المرتبات إذا لم يوازها أو يرافقها زيادة في الايرادات العامة وزيادة في الإنتاح من سلع وخدمات يكون لها آثار سلبية ضارة على الأسعار، وعلى معدلات البطالة، وعلى السيولة، وعلى الاقتصاد ككل.

ورقم كبير كهذا يفوق طاقة الاقتصاد المحلي، ما يعني زيادة أكبر للمعروض النقدي بشقيه داخل وخارج النظام المصرفي، وارتفاع أكثر لمعدلات التضخم.

وعليه وبناء على ما تقدم نخلص إلى الآتي:

إن أي قرارات لزيادة المرتبات والمزايا بشكلٍ عشوائي في ظل الظروف والأوضاع الراهنة ستعمق وتفاقم أكثر الأزمة الاقتصادية، وتأتي عكس آمال ورغبات المواطنين، والتي قطعاً لن تخدم مصالحهم.

أُترك رد

كُتب بواسطة ليلى أحمد

Exit mobile version