في مايو من العام الماضي 2021 م أعلنت المؤسسة الليبية للاستثمار نتائج التقييم النهائية لأصولها للعام 2019م ، حيث تم التقييم من قبل شركة ديلويت الدولية للمحاسبة و التدقيق.
وأظهرت ننائج التقييم أن أصول المؤسسة بلغت 68.400 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 1.400 مليار دولار عن آخر تقييم لها الذي تم في العام 2012 م الذي بلغت فيه قيمة الأصول 67.000 مليار دولار .
حيث تتوزع تلك الأصول وفق التقرير كالآتي:
1- مبلغ 35.500 مليار دولار نقد أجنبي وما يعادله وبما نسبته %49 من إجمالي الأصول .
2- مبلغ 20.100 مليار دولار وبما نسبته %24.9 محافظ الاستثمار للمؤسسة.
3- مبلغ 11.400 مليار دولار وبما نسبته %16.7 أصول الشركات و العقارات .
4- مبلغ 3.400 مليار دولار وبما نسبته %05 بنود أخرى .
شخصيا أتحفظ على هذه النتائج فمن جهة أن الشركة التي أجرت التقييم كلفت من قبل إدارة المؤسسة مقابل أثعاب مالية و لم تكفل من قبل جهة مستقلة ما قد يفقدها الحيادية والاستقلالية، ومن جهة أخرى أصول المؤسسة مجمدة في الوقت الذي تتزايد في نفقاتها التسييرية والتشغيلية ناهيك عن سوء الإدارة والفساد الذي يضرب في دواليبها في ظل حالة الانقسام الذي تعيشه البلاد منذ ثماني سنوات والذي طال إدارة المؤسسة.
لكن ما قد يكون مفاجئا هو ما نشرته وسائل الإعلام المحلية أمس نقلاً عن تقرير خبراء الأمم المتحدة الذي أشار إلى إن الفوائد من الأصول المجمدة للمؤسسة الليبية في مصرف بوروكليز البلجيكي قد أتيحت في الحسابات الأخرى للمؤسسة في الفترة 2011 إلى 2017 م وجرى التصرف فيها وذلك في انتهاك لتجميد الأصول.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن السلطات القضائية البلجيكية أخضعت تلك الأموال للحجز القانوني فقط كتدبير أولي في التحقيق الجنائي الجاري في مزاعم تتعلق بغسيل الأموال وغير ذلك من أشكال سوء السلوك المتعلقة بإدارة الأموال المجمدة وذلك بعد اختفاء مبلغ 2.000 مليار يورو من الفوائد والعائدات من أصول الأموال المجمدة في المصارف البلجيكية والمقدرة بأكثر من 14 مليار يورو .
و أكد تقرير الخبراء أن القضاء البلجيكي استدعى السيد رئيس المؤسسة للمثول أمامه ولكنه لم يستجب بحجة أن التشريعات الوطنية الليبية تمنعه من الإدلاء بشهادته ما اضطر معه لصدور مذكرة توقيف دولية بحقه وذلك بتهمة محاولة رئيس المؤسسة وضع اليد على الأموال المجمدة.
كما كشف التقرير أن أصول المؤسسة المجمدة خسرت قرابة 4.000 مليار دولار وفق لتقرير مراجعة صادرة عن خبير استشاري دولي و عزى أسباب ذلك إلى الفائدة السلبية أو ما يعرف ب Negative Interest التي عادة ما تفرضها المصارف الأوربية خاصةً في حالة الركود الاقتصادي الذي تصل فيه الفائدة على الاقتراض إلى الصفر في حين تفرض على المدخرين فوائد على ودائعهم .
ويرى فريق الخبراء الدوليون أن سياسة سعر الفائدة السلبية المستخدمة في المصارف التجارية مشكوك فيها في الوضع الاستثنائي للأموال الليبية المجمدة ويتعارض مع نظام الجزاءات المتمثل في الحفاظ على هذه الأموال لصالح الشعب الليبي.
و إذا كان المدخرون أو المودعون في حالات تطبيق الفائدة السلبية يقومون بسحب مدخراتهم أو إيداعاتهم ونقلها إلى مصارف أخرى تهرباً أو تجنباً من تأكلها بسبب الفائدة السلبية، فإن المؤسسة لن تستطيع فعل ذلك ولا خيار أمامها بحكم العقوبات الدولية المفروضة عليها منذ 2011 م.
إقتصادياً وبغض النظر عن العقوبات يمكن القول إن الاستثمار في صندوق الثروة السيادي فشل فشلاً ذريعاً وذلك قياساً أو مقارنةً بصناديق سيادية لدول أخرى .
فاستثمار مبلغ بقيمة 67 مليار دولار منذ قرابة 16 سنة كان يفترض أن ينمو بما نسبته %50 وتناهز أصوله من 100 مليار دولار على أقل تقدير .
وفي الختام فإن الخسائر و التآكل لأصول المؤسسة التي كان يعول عليها في تنويع مصادر دخل البلاد وفي تغطية العجوزات في الميزانية وميزان المدفوعات أثناء تقلبات أسعار النفط تأتي للأسف بالتزامن مع الخسائر الكبيرة في إيرادات النفط بسبب توقف الإنتاج والتصدير ما سيزيد ويفاقم المصاعب و المتاعب أكثر أمام الاقتصاد الليبي و يقوض فرص نهوضه و تعافيه.
فأصول المؤسسة كان يفترض أن تكون خطا من خطوط دفاعه الأخيرة.