Menu
in

هل تتحقق السيادة الوطنية عن طريق مزدوجي الجنسية؟

((إن مبدأ السيادة الوطنية أساس غير قابل للتفاوض في إستراتيجية وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية))

بهذه الجملة… ومن خلفها وزراء خارجية دول فرنسا المانيا وإيطاليا قدمت وزير الخارجية الليبي لحكومة الوحدة الوطنية – برئاسة عبدالحميد الدبيبة – نجلاء المنقوش نفسها في مشهد سريالي كبطل مخلص لهذا البلد من ويلات الحروب والمنازعات والتدخل الأجنبي، في مشهد ما بعد الواقعية يحاكي خطب “زينوبيا” ملكة تدمر أو لوحة العشاء الأخير للعبقري لـ”يوناردو دافنشي”.

نجلاء المنقوش ابنة بنغازي من أصول مدينة مصراتة، حاصلة على البكالوريوس وماجستير من كلية القانون بجامعة بنغازي وعلى الدكتوراة من جامعة جورج ميسون بالولايات المتحدة الأمريكية والقاطنة بأمريكا منذ 2013 حتى تاريخ تسميتها وزيرا للخارجية، السيدة التي تناهز الخمسين من العمر برزت مؤخرا على السطح بعد تلاسن خفيف مع مولود تشاويش أوغلو وزير خارجية تركيا في مؤتمر صحفي جمعهما حول تصنيف القوات التركية الموجودة في ليبيا ودورها وضرورة رحيلها، وما تلاه من حراك شعبي رافض لتصريحاتها في مناطق نفوذ بركان الغضب ( العملية العسكرية التي تصدت لعدوان حفتر على طرابلس)، وآخر مرحبٍ به من أتباع حفتر والإمارات ومعسكر الكرامة وبعض الفيمينيست (أنصار المساوة بين الرجل والمرأة)، ومازاد من التهاب المشهد تغريدة داعمة لحراكها وموقفها من السفير الأمريكي لدى ليبيا “ريتشارد نورلاند”.

من هي المنقوش…

نجلاء المنقوش من مواليد 197‪2 في لندن، حيث كان والدها طبيب أمراض القلب المشهور دكتور محمد المنقوش يدرس هناك في إنجلترا، هي متحصلة على الجنسية البريطانية، إضافة لجنسيتها الليبية وهنا بداية المشكلة، اذ أنه من غير المنطقي أن تتحدث عن سيادة بلدك الأم وأنت تحمل جنسية أخرى قد تحميك وتلوذ إليها إن ساءت الأمور، بل قد تتعارض مصالح البلدين في أي وقت، أيضا فالمنقوش حصلت على الدكتوراة – بحسب حسابها في تطبيق لينكيد إن للتوظيف عام 201‪5 من جامعة جورج ميسون بواشنطن – وطول هذه الفترة لم تجري أي برامج لدعم السلام أو دعم المرأة على الأراضي الليبية، كما لم تكن لها ندوات ومحاضرات بارزة حول التدخل الخارجي ومبدأ السيادة المنتهك في ليبيا خاصة بمقتل ضباط فرنسيين في غرب بنغازي عام 201‪6 كانوا يقومون بعملية استخباراتية، ولا تجنيد مرتزقة دارفور من قبل الكرامة ولا حتى إنشاء قاعدة الخادم الإماراتية عام 201‪7 بالقرب من مدينة المرج، حيث إن كل هذه الأحداث كانت قبل العدوان_على_طرابلس واتفاقية طرابلس وأنقرة وقدوم القوات التركية.

كما أن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم تعد المنقوش لليبيا وتساهم في تنمية المجتمع الليبي بتجربتها المكتسبة من الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في المجتمعات التقليدية وتحليل النزاعات، ولماذا أتت الآن فقط وكوزيرة للخارجية.؟ وكأن هذه الأرض لا تؤطأ لكثيرين إلا حاكما وإلا فلا!

أيضا و من المعروف والواضح أن الدور التركي أتى كرد فعل وتحصيل حاصلٍ على تغلغل مرتزقة فاغنر الروس في الحرب الأخيرة، ومدى خطورة تواجدهم على الأمن الليبي المحلي والمتوسطي والأوروبي والأفريقي، ولعل أزمة تشاد الحالية وقوة تسليح وتدريب المعارضة التشادية قد يبين مكمن الخطر على دول الجوار من تواجد هؤلاء المرتزقة المدعوين من روسيا.

ما هو وضع القوات الأجنبية في ليبيا؟

منذ 201‪2 تتواجد قوات المعارضة التشادية في الجنوب الليبي كبؤرة تحركٍ، وهروبا من بطش السلطات الحاكمة في تشاد، ومنذ 201‪7 انخرطت هذه القوات رسميا للقتال مع خليفة حفتر كنوع من المرتزقة، وهذا ما جادت به قريحة تقارير لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن والتي تتحدث عن تجنيدٍ لمرتزقة من حركة العدل والمساواة الدارفورية السودانية، وأخيرا قنبلة قيادة فاغنر للعمليات العسكرية جنوبي طرابلس.

السيدة المنقوش زارت رفقة رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية موسكو في منتصف أبريل الماضي، واجتمع الوفد مع سيرغي لافروف وبوغدانوف، لكن السيدة الوزيرة لم تتحدث لا عن وجود مرتزقة فاغنر ولا عن ضرورة وجود دور روسي لإخراج المرتزقة، رغم الإعلانات الأمريكية العسكرية المتكررة على تمكن فاغنر من قاعدة الجفرة ونشرها لمنظومات اس 300 وأكثر من 9 طائرات ميغ 29 مقاتلة.

هذا التوجه الشجاع أمام الأتراك والخجول أمام الروس جعل من السيدة الوزيرة مغردا خارج السرب يكيل بمكيالين – على الأقل حتى الآن- فحتى السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند تحدث أكثر من مرة عن إيجابية الدور التركي في تحقيق السلام وكف هجوم حفتر على العاصمة مع التأكيد على أن مطلب إخراج المرتزقة مطلب جماعي لكل الليبيين.

معضلة تحكم مزدوجي الجنسية في الملف الليبي إذا نظرت إلى خريطة المتحكمين بالمشهد الليبي فإنك ستصدم بكم الحاملين لغير الجنسية الليبية ابتداءا من خليفة حفتر قائد قوات الكرامة والحامل للجنسية الأمريكية مرورا بأول رئيس للبرلمان منتخب بعد الثورة محمد يوسف المقريف أمريكي الجنسية، وكذلك أول رئيس حكومة مكلف عبدالرحيم الكيب مرورا بعضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي طارق المقريف أمريكي الجنسية أيضا.

قائمة الأمريكان لن تنتهي هنا، فأعضاء عدة في المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب وصناديق سيادية واستثمارية، ورغم وجود سفارة قائمة في واشنطن إلا أن السراج قد عين مبعوثا شخصيا للولايات المتحدة هو محمد علي الضراط الذي هو أمريكي الجنسية أيضا، والذي كلفه الدبيبة خلف السراج في ذات المنصب.

وكلاء بريطانيا يبدؤون بجمعة القماطي مبعوث السراج لدول المغرب العربي وبالتعريج على عيسى العريبي أحد مستشاري رئيس مجلس النواب ونهاية بالمنقوش المولودة في لندن والمتحصلة على الجنسية بالولادة.

أعضاء لجنة الحوار السياسي الـ 75 على الأقل يحمل 10 ٪ منهم جنسيات أخرى غير ليبية، ويعيش أكثر من 20 ٪ منهم خارج ليبيا إقامة دائمة، فهم لا يعرفون ليبيا إلا حكاما، وبالنظر إلى المجلس الرئاسي الحالي فرئيسه محمد المنفي والمولود في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أنه حامل لجنسيتها كان سفيرا لليبيا في اليونان التي طُرد منها ولم يغادرها، وبينما كان موسى الكوني وقت الثورة في سفارة ليبيا بمالي وحتى بعدما استقال من المجلس الرئاسي السابق ذهب ليعيش في دبي، بينما على الشعب الفقير البائس أن يعيش الأمرين من الأزمات لكي يتحدث أحد الأعضاء عن إنجازات لجنة الحوار.

مبدأ السيادة يبدأ من ذات النفس واعتزازها بجذورها، فالمرأة الحديدية “تاتشر أو باناظير بوتو أو أنديرا غاندي أو غولدا مايير” لم تكن لهن غير جنسية بلادهن، فعملن تحت راية هذه البلدان ومن داخل بلدانهن دون مرجعية أخرى ودون التفريط في الانتماء لتراب البلد الذي ارتوى بدماء الفقراء والبسطاء والبائسين…

إذا استمرت إدارة الملف الليبي بذات الطريقة فلن يصل هذا البلد المنكوب لبر الأمان أبدا، فالمسؤول الذي يحمل جنسيةً أخرى مع جنسية بلاده لن يرى فيها إلا مصدرا للاسترزاق ثم “من يبقى في الدار يدفع الكراء” كما يقول المثل الليبي.

أُترك رد

كُتب بواسطة مرام عبدالرحمن

Exit mobile version