حين اقترب المشاركون في ملتقى الحوار السياسي من تحقيق ما أنيط به من اختيار للسلطة التنفيذية الجديدة تسارع الأمم المتحدة في تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا ما أثار عدة تخوفات من انهيار المسار بأكمله والعودة به إلى المربع الأول.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش رشح مؤخرا السلوفاكي “يان كوبيس” لمنصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا بعد شغور المنصب منذ شهر مارس 2020، عقب استقالة المبعوث السابق غسان سلامة الذي خلّفته بالإنابة “ستيفاني ويليامز” في مارس الماضي .
هذا الترشيح أثار العديد من التساؤلات خاصة في هذا التوقيت، وعن الرغبة في استبدال “ويليامز” التي تشرف حاليا على سير هذه العملية.
مثير للاستغراب
رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان قال بأن الدفع باستلام المبعوث الجديد للأمم المتحدة لمهامه في ليبيا في هذا التوقيت الحساس الذي توشك فيه السيدة “ستيفاني ويليامز” على إنهاء المرحلة الأخيرة لمسار الحوار، وتتويج جهودها الناجحة وجهود فريق الحوار الليبي هو أمر مثير للاستغراب والتساؤل، وقد ينسف مسار التسوية برمته، ويعود بنا إلى نقطة الصفر.
وأوضح صوان، في منشور له على صفحته الشخصية، أن الوصول إلى تسوية تُخرج ليبيا من أزمتها وتضمن أمن واستقرار المنطقة أصبح ضرورة ملحة على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته إزاءها، وبعيدا عن أي مصالح ضيقة نجدد تأكيدنا على دعم أي خيار أو قائمة يتوصل إليها أعضاء ملتقى الحوار السياسي بما يمهد الطريق نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية هذا العام.
عرقلة روسية
المناكفات الروسية الأمريكية في مجلس الأمن منعت سابقا تثبيت الأمريكية “ستيفاني وليامز” في منصب المبعوث الأممي رغم تحقيقها إنجازات كبيرة عجز عنها غسان سلامة.
وزير خارجية روسيا “سيرغي لافروف” أكد في أكتوبر الماضي ضرورة حل مسألة تعيين مبعوث خاص جديد للأمم المتحدة إلى ليبيا في أقرب وقت ممكن، متهما الولايات المتحدة بعرقلة هذه العملية، وجاء في بيان لعدد من الدول في مجلس الأمن بأن الخلافات الروسية الأمريكية هي من منعت تثبيت “ستيفاني” في منصبها.
تحذير دولي
بعثات دبلوماسية غربية حذرت في بيانات مشتركة من محاولات طرح خططٍ بديلة وموازية للمسار الأممي.
وأصدر في الـ 30 من ديسمبر الماضي سفراء كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بيانا مشتركا أكدوا فيه أن الجهات الدولية الفاعلة تراقب عن كثب الإجراءات التي تتخذها جميع الأطراف؛ للوفاء بالتزاماتها بنجاح الحوارات التي تُسيّرها الأمم المتحدة.
ودعا البيان، الذي نشرته السفارة الأمريكية عبر صفحتها بالفيسبوك، حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا إلى لعب دور خاص في دعم الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية بشكل كامل.
تلويح بالعقاب
الفاعلون الدوليون توعدوا بمعاقبة من يحاول عرقلة أو تخريب مسار التوافق والمصالحة بكل مساراته.
وعقد مجلس الأمن، في الـ 21 من نوفمبر الماضي، جلسة افتراضية لمناقشة المستجدات المتعلقة بالملف الليبي؛ لإصدار “قائمة سوداء” بأسماء معرقلي المفاوضات بهدف فرض عقوبات عليهم، أفراداً وكيانات، بحسب مصادر صحافية دولية وليبية متطابقة.
وفي ذات السياق صوت الكونغرس الأميركي في الـ 30 من يوليو الماضي بالموافقة على قانون “دعم واستقرار ليبيا” الذي يشدد على ضرورة إنجاح الحل السياسي في ليبيا، ودعم الجهود الأممية في ليبيا، وتتضمن بعض نصوصه دعوة لفرض عقوبات على معرقلي الحل السلمي في ليبيا، سيما من يستغل موارد النفط أو المؤسسات المالية في البلاد؛ لعرقلة الاتجاه في طريق التسوية.
مراوغة وعرقلة
بعض الأطراف المحلية حاولت خلال الفترة الماضية المراوغة وتعطيل مسار الحوار.
وكشفت صحيفة “لاربيبليكا” الإيطالية، أن رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” نقل رسالة من رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج يقترح فيها تسمية حفتر لرئيس الحكومة من المنطقة الشرقية، على أن يستمر السراج برئاسة المجلس الرئاسي.
وقالت الصحيفة بأن “كونتي” نقل رسالة السراج إلى حفتر خلال زيارته بنغازي، ورافقه فيها وزير الخارجية “لويجي دي مايو” التي أعلن فيها إطلاق سراح الصيادين الإيطاليين المحتجزين منذ سبتمبر الماضي.
وكان نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق قد عقد صفة فردية، في سبتمبر الماضي، اتفاقا مع أحد أبناء حفتر نص على استئناف إنتاج وتصدير النفط، وتشكيل لجنة مشتركة تشرف على إيراداته، وجاء في الاتفاق أنه من مهام اللجنة المشتركة معالجة الدين العام لكل من حكومة الوفاق والحكومة الموازية المدعومة من حفتر، وتقديم آلية مناسبة لسداده تدريجياـ بحسب الصفحة الرسمية للنائب أحمد معيتيق.