in

تعديل سعر الصرف.. شرٌّ لا بد منه

أثار تعديل وتوحيد سعر صرف الدينار الليبي بـ 4.48 دنانير مقابل الدولار الواحد، جدلا كبيرا في الشارع الليبي الذي كان ينتظر انفراجا ييسر له معيشته، خاصة في ظل ما آلت إليه من تدنّ نتيجة افتقار الدولة لسياسات نقدية جيدة أدت إلى ارتفاع أسعار السلع.

هذا التعديل جاء نتيجة تفاقم الوضع الاقتصادي وتدهور قيمة الدينار الليبي جراء عوامل عديدة، أبرزها إغلاق النفط مصدر الدخل الوحيد للبلاد الذي تمثل إيراداته 95% من الموازنة العامة.

معالجات المركزي التي جاءت متأخرة جدا تعدّ جيدة رغم ما رافقها من مبالغة طفيفة في السعر المعتمد الذي كان يُفضل أن يكون 3.90 دنانير كالسابق، إلا أنها ضرورية حتى يمكننا الحفاظ على الدينار الليبي، وتجنب انهيار الأوضاع الاقتصادية، فالمعالجات الاقتصادية لأي دولة دائما ما تكون قاسية على الشعوب ثم تؤدي إلى انفراج إن نجحت، وهذا ما نتمناه جميعا.

هذا التعديل له تأثير وانعكاسات على الاقتصاد الذي مع الأسف الشديد أصبح تحسنه مرتبطا بسعر الصرف بدلا من وجود تنمية ومشاريع حقيقية تديرها الدولة وفق خطط مدروسة جيدا، ومع ذلك فسيكون للقرار آثار جيدة في القريب العاجل إذا توفرت شروط تنفيذه وأبرزها:

• توحيد المصرف المركزي والسياسة النقدية في البلاد، وانهاء احتكار السوق السوداء للعملة.

• إعداد الموازنة العامة للدولة بأريحية؛ لما سيوفره السعر الجديد من نقد محلي.

• القضاء على الفساد وإنهاء استفادة بعض القطاعات دون غيرها من الاعتمادات التي تعدّ الباب الأكبر للفساد.

• إعطاء فرصة للحكومة للتوسع في الإنفاق ومعالجة الإشكاليات العالقة، خاصة إذا أحسنت التصرف في هذا الإنفاق.

• تسديد الديون الداخلية المتراكمة على الدولة الليبية.

• استيعاب العملة المحلية المتداولة خارج المصارف التي تقدر بـ40 مليار دينار.

عيوب تعديل سعر الصرف

دائما ما كان الإصلاح الاقتصادي عرضة لأن تشوبه عيوب ومخاطر، لكن عيوب تعديل سعر الصرف لن تكون كثيرة ومع ذلك يجب ذكرها لأنها تمس المواطن وتعزز عدم ثقته في الدولة ومؤسساتها المالية والنقدية.

فهذا السعر سيرهق المواطن الذي تعد قوته الشرائية ضعيفة الآن ولن يخفض أسعار السلع بالصورة التي كان المواطنون ينتظرونها، كما أن هذا التعديل لم يكن ضمن برنامج متكامل بين المركزي والحكومة بما يحفظ حقوق المواطن.

فالحكومة بدلا من استغلال هذه المعالجة الضرورية التي ستوفر لها النقد بالصورة المطلوبة لا تزال تقف متفرجة بدل اتخاذ الخطوات اللازمة التي سنعدّدها لاحقا، وهنا ستواجه المواطن الذي سيرى أن الحكومة جارت عليه مجددا وسيخرج ويطالب برفع سقف مرتبه ليتمكن من الحصول على قوت يومه.

دور الحكومة

ومن هنا يقع على الحكومة دور كبير لتحسين الوضع الاقتصادي ووضع سياسات مالية تتفق مع السعر الجديد، أولها ترشيد الإنفاق وتخفيف بند المرتبات الذي يحتل 50% من الميزانية العامة، وتوحيد الإنفاق في كافة ربوع البلاد، والأهم المحافظة على ضخ النفط، وتوحيد استراتيجية المؤسسات المالية والاقتصادية والنقدية للدولة.

وعلى الحكومة من خلال وزراتها المختصة متابعةُ الأسعار ووضع خطط بديلة في حال مواجهة تحديات إغلاق النفط مجددا، وتشجيع الشركات على العودة والمستثمرين على البدء في تنفيذ المشاريع في أقرب وقت ممكن.

إيطاليا تعلن الإفراج عن الصيادين المحتجزين في بنغازي

فيسبوك يكشف … فاغنر من الهزيمة أمام البركان على أسوار العاصمة إلى تمويل صفحات تهاجم الحوار السياسي